الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي يطلب منها زوجها الكثير من المال وهو لم يدخل بها، فما توجيهكم لها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لي أختٌ في اللهِ تواجه مشكلة، وواللهِ لم أستطع مساعدتها، فالرجاءُ من حضراتكم المساعدة، فلي ثقةٌ بكم أنكم لن تردوها خائبةً.

صديقتي متزوجةٌ ولكن لم يُدخل بها بعدُ -أي قُرِئت فاتحتها فقط- ولم يُدفع مهرُها حتى الآن. لم يكن أهلُها موافقين على خِطبتها لأسبابٍ عديدة، منها أن الشاب لا يعمل، ولم يُنهِ دراسته -يدرس الشريعة الإسلامية- ولم يُنهِ الخدمةَ الوطنية، وليس له دخلٌ، ولا يستطيع حتى إعالةَ نفسه.

المهم أنها أصرَّت إصرارًا شديدًا حتى وافقوا؛ لأنها كانت تعرفه منذ الصغر.

كانت البدايةُ عندما جاء لخطبتها وهو لا يملك فلسًا واحدًا، فسهَّلت له المهمةَ واشترت هي لوازمَ الخطبة من خاتمٍ وغيره، وعندما سألتُها من أين لها المال، سكتت، وفهمتُ أن بدايةَ القصةِ بدأت بأموالٍ غيرِ مشروعة.

المهم أنها ساعدته أيضًا في مشروعه الاستثماري، فهو بدأ العملَ في العسل والنحل، وإلى الآن لا توجد نتيجةٌ تُذكرُ من العمل.

هذا الزوجُ لم يصرف درهمًا واحدًا على زوجته حتى اليوم، ويستمرّ في طلبِ المالِ منها بدون خجل، وأهلُه هم من يصرفون عليه، وهو ابنُ خمسةٍ وعشرين عامًا، وعندما تتحدث معه عن العمل يكون جوابه (لديَّ حلقة في المسجد)، أو (أنا متعب وأدرس) وغير ذلك من الردود السلبية، وكلُّ هذا تُبرير للكسلِ والخمول.

هذه الأخت تعمل وتدرس بالجامعة، وزوجها هذا زاد من طلبه للمالِ، ودائم الإصرارِ عليها حتى تعاونه في مشروعه، ولكنه حسب قولها ينفق مالَها على نفسه ومطعمه.

إضافةً إلى هذا - حسب قولها- غيرُ مهتمٍّ بها إطلاقًا، ولا بما يحدث لها، وتقول بهذا اللفظ: لا علاقة له بالرجولة. وما زال غيرَ ناضجٍ، فإذا حصلت مشكلة له لا يعرف كيف يتصرف معها، ويهربُ ولا يواجهها، وهو كسولٌ وغيرُ مسؤول.

والشيءُ الآخر أنه قبل أن يدخل بها، وفي إحدى المراتِ تخاصما على شيءٍ تافه، قام بتطليقها ثم راجعها، كيف ذلك؟ لا أعلم، المهم أن أهلَه لم يعرفوا ولا أهلَها.

الآن هي نادمةٌ على هذه الخطوةِ التي قامت بها، وكرهت هذا الشابَّ، وتريد الانفصالَ، ولكنها خائفة أن تكون قد ظلمته باتخاذها هذا القرار، فهي تعتبره زوجَها شرعًا، وتقول: إن عدمَ رضا أهلها والأموالَ غيرَ المشروعةِ هي التي أوصلتها إلى هذا الوضع.

أرجو من حضراتكم إفادتَها، فأنا واللهِ بقيتُ مندهشةً لما أسمع! وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا ننصح صديقتك بإيقاف هذا العبث، فإنه ليس من مصلحتها والأمر بيدها، ويكفي أن تتوقف عن التواصل معه حتى يهتم كالرجال ويسعى في تحمل مسئولياته ويجتهد في إكمال مراسيم الزواج، مع ضرورة أن تكون المراسيم معلنة وواضحة ومؤرخ لها.

وأرجو أن تعلم هذه الفتاة أن الذي تفعله يزيد من هوانها عند زوجها، وسوف يفقدها ثقة أهلها؛ فتكون بذلك قد خسرت من كل الجهات، ولن ينفع الندم عند ذلك.

والإسلام لا يقبل التقصير من الزوج تجاه أهله، حتى ولو كان السبب الصيام أو طلب العلم أو الجهاد؛ لأن المطلوب أن يعطي الإنسان كل ذي حق حقه.

وعندما تتوقف عن التواصل وتمتنع عن زوجها؛ فسوف تتضح لها جدية الشاب وصدق رغبته فيها، وهذا أمر في غاية الأهمية حتى لا يضيع وقتها بالجري وراء الأوهام ومطاردة السراب.

وإذا قدمت المرأة التنازلات وجرت خلف الرجل هرب منها واحتقرها وأذلها، أما إذا اعتزت بنفسها وتمسكت قبل ذلك بدينها فإنه يحترمها ويثق فيها ويجري خلفها فلتختر صديقتك ما تشاء، ونسأل الله أن يفقهها في دينها وأن يفتح بصيرتها وأن يكتب لها التوفيق والهناء.

وهذه وصيتي لك ولها بتقوى الله ثم بضرورة تحري الحلال من الرزق وتجنب المخالفات لأن الله يقول: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].

نسأل الله الهداية للجميع، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة