الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حين يتحوّل الخوف إلى هاجس يومي: كيف أستعيد قوتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في السنة النهائية، أخاف كثيرًا من كل شيء، وأصبح لدي هوس بالخوف ولا أعرف ماذا أفعل، ودائمًا أشعر بدوخة وهبوط وأنا في البيت، وعندما أخرج مع أصحابي يذهب كل هذا، فهل الدوخة والهبوط والصداع قد تكون أعراضًا نفسية؟ وأيضًا أشعر أحيانًا بالغثيان، لكنه مجرد شعور.

أختي أصغر مني بثلاث سنوات، كانت مريضة بالحمى الشوكية منذ صغرها، ومن قريب أصيبت بالصرع، عندما حدث ذلك لم نكن نعرف أنه مرض، وطبعًا خفت كثيرًا، نقلنا أختي إلى المستشفى، ومن يومها وأنا أخاف أكثر من الأول، أخاف على أختي كل دقيقة، أذهب لزيارتها حتى وهي نائمة، إذا سمعت صوتًا، أخاف وأرتعب وأجري إليها، ودقات قلبي تتزايد. أخاف من النوم وحدي، ولا أستطيع أن أنام إلا عندما أحس أن أحدًا من أسرتي مستيقظ.

حتى الصلاة، أنا دائمًا قلقة ومتوترة، وهذا يؤثر على قلبي، كان لدي وخزات تأتيني في صدري، خفت منها فذهبت لإجراء رسم قلب وتحليل سرعة ترسيب، وكنت سليمة، وأعطاني فيتامينات للأنيما. أخاف من الليل جدًا، وأحب النهار، وأخاف على أسرتي، أنا الآن عصبية جدًا ومتوترة حتى مع عدم وجود سبب.

أخاف دائمًا، وعندما قلت لأمي إنني أرغب في الذهاب إلى طبيب نفسي، خافت كثيرًا، وعندما أخاف، أمسك الموبايل وأتصل بأصدقائي، وعندما يردون علي، أرتاح قليلًا وأحس أن أحدًا معي، قررت أن أكمل دراستي لكي أشغل وقتي ولا أترك وقتًا للخوف.

هل من الممكن أن أظل خائفة دائمًا، حتى لو تزوجت وأنشأت أسرة؟ أخاف من استمرار الخوف، وأنا مريضة نفسيًا.

هذا الشعور بدأ من الطفولة ولا يتغير، بل زاد منذ صغري، وعندما كانت أمي تذهب للعمل، كنت أقلق وأفتح النوافذ، وأعامل أختي الصغيرة -أصغر مني بـ 10 سنوات-، معاملة سيئة، وهي تتحملني، لكنني أحاول أن أرضيها بشيء آخر رغم الكلام الجارح الذي أقوله لها، ودائمًا أهز رجلي إذا واجهت مواقف صعبة، فكيف يمكنني تقوية نفسي؟ لا أعرف كيف أتحمل المواقف الصعبة، وأتمنى أن أكون قد أوضحت كل ما تحتاجه لتشخيص حالتي.

لكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن كل الأعراض التي ذكرتها من أعراض جسدية، وأعراض نفسية تشير إلى أنك تعانين مما يسمى بقلق المخاوف، وقلق المخاوف هو أحد الحالات النفسية البسيطة، بالرغم مما تسببه لك من توتر ومن إزعاج، ومن وسوسة حول هذه الحالة، فهي حالة بسيطة -بإذن الله-، واعلمي أننا نسميها بقلق المخاوف، والإنسان حتى يتخلص من مخاوفه؛ يجب أن يتأمل ويفكر في هذه المخاوف أيّاً كان نوعها، ومن خلال التفكير المنطقي الذي يقوم على أن تقارني نفسك بالآخرين: لماذا أنت تخافين ولا يخاف بقية الناس مثلاً؟ ما الذي يجعلك تترددين؟ ما الذي يجعلك توسوسين لهذه الدرجة؟ لا بد أن تسألي نفسك هذه الأسئلة، ولا تقبلي أبداً هذه الأعراض باستسلام وبنوع من الخنوع وعدم مقاومتها.

الخوف دائمًا يعالج بأن نحقره، وبأن نعرف أنفسنا لمصدره، هذا مهم جدًا، هذا يسمى العلاج بالمواجهة، ويمكن المواجهة أن تكون بالتدريج، أن تبدئي بما هو أقل، ثم بعد ذلك واجهي ما هو أشد من ناحية تسبيب الخوف، وهذا يسمى بالتحصين التدريجي.

عليك أيضًا أن تفكري في الأشياء الجميلة والطيبة والإيجابية في حياتك، ولا تدعي هذا القلق ينسيك ما هو جميل وطيب في حياتك، -وإن شاء الله تعالى- المستقبل لك، فأنت الآن -الحمد لله- في مراحل جيدة في الدراسة، وفي بدايات سن الشباب، وهنا بالطبع توجد طاقات نفسية كثيرة جدًا، وكذلك جسدية يمكن أن تستغليها بصورة أفضل كما ذكرت لك.

جزء كبير من أعراض القلق ناتج مما يمكن أن نسميه بالتوحد مع أختك، فأختك المريضة -نسأل الله لها العافية-، لا شك أن انشغالك بها حتى على مستوى العقل الباطني جعل الكثير من الأعراض الجسدية تنتقل إليك، وهذه الأعراض في حقيقة الأمر سببها هو حالة القلق النفسي الذي تعانين منه، ولا أعتقد أنه يوجد أي أساس عضوي لها.

هناك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء (2136015)، جيدة ومفيدة، فيمكنك أن تقابلي أخصائية نفسية لتدربك على هذه التمارين، أو يمكنك الحصول على كتيب أو شريط من أحد المكتبات الكبيرة ليوضح لك طرق ووسائل تطبيق تمارين الاسترخاء.

أنا أرى أنك في حاجة ماسة للعلاج الدوائي، وتوجد أدوية ممتازة وفعالة، ومعظم هذه الأدوية الآن لا تحتاج إلى وصفة طبية، هناك دواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، سيكون مفيدًا، -وإن شاء الله- يوقف تمامًا كل هذه الأعراض التي تعانين منها، من قلق ومخاوف ووساوس.

ابدئي في تناول السبرالكس بجرعة 5 مليجرام، وهنا لا بد أن تقسمي الحبة إلى قسمين؛ لأن السبرالكس يوجد في عبوة 10 مليجرام 20 مليجراماً، تحصلي على الحبة التي تحتوي على 10 مليجرام، وتناولي نصفها يوميًا، ويفضل تناولها بعد الأكل، استمري عليها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

ويتميز السبرالكس بأنه دواء سليم، ويعالج قلق المخاوف بصورة فاعلة وممتازة جدًا، وهو لا يسبب الإدمان، ولا يؤثر أبدًا على الهرمونات النسوية، نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً