شعور بالتعب والوهن ينتابني مع صداع ودوخة، فما سببه وعلاجه؟
2025-05-12 01:23:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية، نشكركم على هذه الخدمة المقدّمة عبر موقعكم المتميز، فجزاكم الله كل خير، ولكم منّا دعواتٌ صادقة بالتوفيق.
أما بخصوص الاستشارة، فأنا أعاني في أوقات معينة وبدون سابق إنذار (ولا أستطيع ربطها بتعب أو راحة، حزن أو فرح) من شعور بالتعب والوهن العام في جسمي، يصاحبه صداع شديد، ويبدأ التثاؤب والغثيان بشكل مزعج، وفي لحظة معينة، تُصيبني دوخة شديدة ويزداد الشعور بالغثيان، والمخيف أنني لا أرى شيئًا أمامي؛ إذ لا أرى إلا السواد، فأشعر كأنني قد فقدت بصري تمامًا.
كانت في البداية مدة انعدام الرؤية تستمر لثوانٍ، ولكن في المرة الأخيرة استمرت لأكثر من دقيقة، ثم تعود الرؤية تدريجيًا، بعد ذلك أُصاب بحالة تعرّق شديدة في جميع أنحاء جسمي حتى أشعر بأن ملابسي مبتلة، ثم يبدأ جسمي بالعودة إلى التوازن.
عندما تُصيبني الحالة وأنا في المنزل، فإن ما يُخفف عني هو سكب الماء على رأسي، ومسح وجهي، وترك يديّ تحت الماء، وأبدأ بالاستفراغ. لكن عندما أذهب إلى الطبيب، يجري لي الفحوصات فيجد كل شيء طبيعيًا من ضغط وحرارة وقوة دم (12)، ما عدا مرة واحدة كان فيها ضغطي مرتفعًا بشدة، فأوصاني بمراقبته لمدة أسبوع، وكان طبيعيًا لاحقًا.
غالبًا ما يُشخّص الطبيب الحالة بأنها "إرهاق" فقط، ويعطيني إبرة مسكنة أو في بعض الأحيان مغذيًا وريديًا، وأشعر بعده بالراحة مع رغبة في النوم. كما يُوصيني بمراجعة الطبيب وقت حدوث الحالة، ولكن الأمر صعب جدًا لأنها تأتي فجأة، ولا تتجاوز النصف ساعة.
ما يُقلقني أكثر هو أنني أكون أحيانًا في عملي أو في الشارع، فأخشى أن أقع أو أفقد وعيي، وأُضطر لطلب المساعدة ممن حولي، وهو أمر محرج للغاية، خاصة إن كنت وحدي.
أرجو منكم توضيح ما هو التشخيص المحتمل لحالتي؟ وماذا عليّ أن أفعل وقت حدوث النوبة؟ ولأي طبيب مختص أتوجه؟ وما الفحوصات اللازمة التي ينبغي إجراؤها؟
أفيدوني – أكرمكم الله – فإني أخرج من البيت بقلق دائم، لا سيما حين أكون متعبة أو لدي صداع، وأحمد الله على السلامة والعافية حين أعود.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن هذه الحالة التي تعانين منها نقول لك: من الناحية التشخيصية توجد ثلاث احتمالات:
الاحتمال الأول –وهو الأقوى–: أنه يحدث لك استشعار زائد في العصب العاشر، وهنالك أعصاب معينة تقوم بوظائف معينة، وهذه الأعصاب كلها ذات مراكز في الدماغ، والعصب العاشر يُعرف عنه أنه يتحكم في بعض الأمور المتعلقة بنسبة نبضات القلب وكذلك الضغط، وفي بعض المواقف قد يحدث للإنسان أن ينخفض الضغط بصورةٍ فسيولوجية، ويحدث اضطرابٌ بسيط في نسبة الوعي والإدراك، وتظهر الصفات الفسيولوجية الأخرى مثل التعرق وبرودة الأطراف.
هذه الحالة قد تكون مرتبطة مثلاً بالجلوس في مكان لفترة طويلة، ثم النهوض من هذا المكان فجأة، ونشاهدها أيضاً في الصباح الباكر لدى بعض الناس، حينما يكون الإنسان مستلقياً وفي استرخاء كامل ثم يقوم ينهض فجأة، قد تحدث له هذه الظاهرة، وهي تعتبر ظاهرة فسيولوجية طبيعية وليست مرضية أبداً، وكل الذي يُطلب هو أن يتحوط الإنسان، فحين يكون مضطجعاً أو جالساً ينهض ببطء.
الاحتمال الثاني: هو أنه ربما يكون لديك قلق نفسي بسيط، وأنت ذكرت أنك لا تستطيعين أن تقرني هذه الحالة بتعب أو راحة، أو زعل أو فرح، وفي بعض الأحيان القلق النفسي البسيط، خاصة إذا كان هذا القلق في المواقف الاجتماعية التي تتطلب المواجهة، أو كنوبة من نوبات الفزع أو الهرع، قد تؤدي أيضاً إلى هذه الظاهرة.
الاحتمال الثالث: وهو الاحتمال الضعيف جدّاً، هو أنه ربما يكون هناك اضطراب بسيط في كهرباء الدماغ، وإذا كان هناك زيادة في كهرباء الدماغ -ومصدر هذه الزيادة والاضطراب ينشأ في بؤرة معينة في منطقة معينة من المخ-؛ قد يؤدي إلى هذه الحالة أيضاً.
إذًا هذه هي الاحتمالات الثلاثة، وأنا أكثر ميولاً للاحتمال الأول، وبما أنك قد قمت بإجراء الفحص التام كما ذكرت، والذي لا بد أن يكون قد اشتمل على فحص الدم؛ للتأكد من قوته، وكذلك وظائف الكبد، ووظائف الكلى، وتخطيط للقلب ومراقبة للضغط، فما دامت هذه الفحوصات قد تم إجراؤها، فيبقى إجراء فحص واحد وهو تخطيط الدماغ، وهذا يقوم به الطبيب الباطني المختص في الأعصاب، والقصد من هذا التخطيط هو أن نتأكد من كهرباء الدماغ.
هذا هو الفحص الوحيد الذي ربما يكون من الأفضل إجراؤه، وكما ذكرت لك الاحتمال ضعيف جدّاً في وجود هذه البؤرة النشطة في الدماغ، والهدف من الفحص هو التأكد فقط، وإذا لم يكن هناك إمكانية لإجرائه فلا تشغلي نفسك، بالرغم من أنه فحص متوفر وبسيط.
إذًا التحفظ كما ذكرتُ لك سابقاً هو عند القيام من موقع الجلوس أو من موضع الاضطجاع.
إذا كان هنالك أي مشاعر قلق حتى وإن كانت بسيطة، فهنا أعتقد أن تناولك لأحد أدوية القلق والمخاوف سيكون أمراً مفيداً، ونحن في بعض الأحيان نعطي ما يسمى بالتجربة العلاجية، أي إذا كانت الفحوصات كلها سليمة، وكان هناك احتمال لوجود حالة من القلق والرهاب، فمثل هذه الحالة نعطي الدواء كدواء تجريبي، وهذا أمر مشروع جدّاً من الناحية الطبية، ولا خوف من انتهاج هذا الطريق؛ لأن هذه بسيطة وسليمة جدّاً.
من الأدوية التي ننصح بها في هذه الحالات هو الدواء الذي يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat)، ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، والذي يمكن تناوله بجرعة نصف حبة –أي عشرة مليجرامات– ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلاً، - ويفضل تناول الدواء بعد الأكل –، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.
أنصحك أيضاً بجانب ذلك أن تتناسي هذا الموضوع بقدر المستطاع، وأن تمارسي الرياضة، وعليك بالدعاء، وعليك بتطبيق الرقية الشرعية، والإنسان يمكن أن يرقي نفسه، ولا حدود لذلك، ارقي نفسك مرة بعد مرة، وستجدين الخير في ذلك بإذن الله.
أسأل الله لك العافية والستر، ونشكرك كثيراً على التواصل والثقة في موقعك هذا.