[ ص: 31 ] الباب الثالث - في أخبار الآحاد
ويشتمل على أربعة أقسام :
أولها : النظر في حقيقة خبر الواحد ، وما يتعلق به من المسائل .
وثانيها : النظر في شرائط وجوب العمل بخبر الواحد ، وما يتعلق به من المسائل .
وثالثها : النظر في مستند الراوي ، وكيفية روايته ، وما يتعلق به من المسائل .
ورابعها : النظر فيما اختلف في رد خبر الواحد به ومسائله .
القسم الأول
في حقيقة خبر الواحد - ويشتمل على مقدمة ومسائل .
أما المقدمة ، ففي
nindex.php?page=treesubj&link=21466حقيقة خبر الواحد وشرح معناه .
قال بعض أصحابنا : خبر الواحد ما أفاد الظن ، وهو غير مطرد ولا منعكس
[1] .
أما أنه غير مطرد ، فلأن القياس مفيد للظن ، وليس هو خبر واحد . فقد وجد الحد ولا محدود .
وأما أنه غير منعكس ، فهو أن الواحد إذا أخبر بخبر . ولم يفد الظن ، فإنه خبر واحد ، وإن لم يفد الظن فقد وجد المحدود ولا حد . كيف وإن التعريف بما أفاد الظن تعريف بلفظ متردد بين العلم ، كما في قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) أي : يعلمون وبين ترجح أحد الاحتمالين على الآخر في النفس من غير قطع .
والحدود مما يجب صيانتها عن الألفاظ المشتركة لإخلالها بالتفاهم وافتقارها إلى القرينة .
والأقرب في ذلك أن يقال خبر الآحاد ما كان من الأخبار غير منته إلى حد التواتر .
وهو منقسم : إلى
nindex.php?page=treesubj&link=21470ما لا يفيد الظن أصلا ، وهو ما تقابلت فيه الاحتمالات على السواء ، وإلى
nindex.php?page=treesubj&link=21470ما يفيد الظن وهو ترجح أحد الاحتمالين الممكنين على الآخر في النفس من غير قطع .
فإن نقله جماعة تزيد على الثلاثة والأربعة سمي مستفيضا مشهورا .
[ ص: 32 ] وإذا عرف ذلك فلنذكر ما يتعلق به من المسائل ، وهي سبع :
[ ص: 31 ] الْبَابُ الثَّالِثُ - فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ
وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ :
أَوَّلُهَا : النَّظَرُ فِي حَقِيقَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ .
وَثَانِيهَا : النَّظَرُ فِي شَرَائِطِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ .
وَثَالِثُهَا : النَّظَرُ فِي مُسْتَنَدِ الرَّاوِي ، وَكَيْفِيَّةِ رِوَايَتِهِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ .
وَرَابِعُهَا : النَّظَرُ فِيمَا اخْتُلِفَ فِي رَدِّ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِهِ وَمَسَائِلِهِ .
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ
فِي حَقِيقَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ - وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَمَسَائِلَ .
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ ، فَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=21466حَقِيقَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَشَرْحِ مَعْنَاهُ .
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : خَبَرُ الْوَاحِدِ مَا أَفَادَ الظَّنَّ ، وَهُوَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ
[1] .
أَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ ، فَلِأَنَّ الْقِيَاسَ مُفِيدٌ لِلظَّنِّ ، وَلَيْسَ هُوَ خَبَرَ وَاحِدٍ . فَقَدْ وُجِدَ الْحَدُّ وَلَا مَحْدُودَ .
وَأَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ ، فَهُوَ أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا أَخْبَرَ بِخَبَرٍ . وَلَمْ يُفِدِ الظَّنَّ ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ ، وَإِنْ لَمْ يُفِدِ الظَّنَّ فَقَدْ وُجِدَ الْمَحْدُودُ وَلَا حَدَّ . كَيْفَ وَإِنَّ التَّعْرِيفَ بِمَا أَفَادَ الظَّنَّ تَعْرِيفٌ بِلَفْظٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْعِلْمِ ، كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=46الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ) أَيْ : يَعْلَمُونَ وَبَيِّنَ تَرَجُّحَ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ .
وَالْحُدُودُ مِمَّا يَجِبُ صِيَانَتُهَا عَنِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرِكَةِ لِإِخْلَالِهَا بِالتَّفَاهُمِ وَافْتِقَارِهَا إِلَى الْقَرِينَةِ .
وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ خَبَرُ الْآحَادِ مَا كَانَ مِنَ الْأَخْبَارِ غَيْرُ مُنْتَهٍ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ .
وَهُوَ مُنْقَسِمٌ : إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21470مَا لَا يُفِيدُ الظَّنَّ أَصْلًا ، وَهُوَ مَا تَقَابَلَتْ فِيهِ الِاحْتِمَالَاتُ عَلَى السَّوَاءِ ، وَإِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21470مَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَهُوَ تَرَجُّحُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمُمْكِنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ .
فَإِنْ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ تَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ سُمِّي مُسْتَفِيضًا مَشْهُورًا .
[ ص: 32 ] وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَلْنَذْكُرْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ ، وَهِيَ سَبْعٌ :