[ ص: 66 ] النوع الرابع المفهوم
ولا بد من النظر في معناه وأصنافه قبل الحجاج في نفيه وإثباته ، أما معناه ، فاعلم أن المفهوم مقابل للمنطوق ، والمنطوق أصل للمفهوم ، فلا بد من تحقيقه أولا ، ثم العود إلى تحقيق
nindex.php?page=treesubj&link=20802معنى المفهوم ثانيا .
فنقول أما المنطوق ، فقد قال بعضهم : " هو ما فهم من اللفظ في محل النطق " ، وليس بصحيح ، فإن الأحكام المضمرة في دلالة الاقتضاء مفهومة من اللفظ في محل النطق ، ولا يقال لشيء من ذلك منطوق اللفظ ، فالواجب أن يقال : " المنطوق ما فهم من دلالة اللفظ قطعا في محل النطق "
وذلك كما في وجوب الزكاة المفهوم من قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
في الغنم السائمة زكاة " وكتحريم التأفيف للوالدين من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ) إلى نظائره .
وأما المفهوم " فهو ما فهم من اللفظ في غير محل النطق " ، والمنطوق وإن كان مفهوما من اللفظ ، غير أنه لما كان مفهوما من دلالة اللفظ نطقا خص باسم المنطوق ، وبقي ما عداه معرفا بالمعنى العام المشترك ، تمييزا بين الأمرين .
[ ص: 66 ] النَّوْعُ الرَّابِعُ الْمَفْهُومُ
وَلَا بُدَّ مِنَ النَّظَرِ فِي مَعْنَاهُ وَأَصْنَافِهِ قَبْلَ الْحِجَاجِ فِي نَفْيِهِ وَإِثْبَاتِهِ ، أَمَّا مَعْنَاهُ ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَفْهُومَ مُقَابِلٌ لِلْمَنْطُوقِ ، وَالْمَنْطُوقَ أَصْلٌ لِلْمَفْهُومِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِهِ أَوَّلًا ، ثُمَّ الْعَوْدُ إِلَى تَحْقِيقِ
nindex.php?page=treesubj&link=20802مَعْنَى الْمَفْهُومِ ثَانِيًا .
فَنَقُولُ أَمَّا الْمَنْطُوقُ ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ : " هُوَ مَا فُهِمَ مِنَ اللَّفْظِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ " ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، فَإِنَّ الْأَحْكَامَ الْمُضْمَرَةَ فِي دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ مَفْهُومَةٌ مِنَ اللَّفْظِ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ ، وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ : " الْمَنْطُوقُ مَا فُهِمَ مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ قَطْعًا فِي مَحَلِّ النُّطْقِ "
وَذَلِكَ كَمَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ " وَكَتَحْرِيمِ التَّأْفِيفِ لِلْوَالِدَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) إِلَى نَظَائِرِهِ .
وَأَمَّا الْمَفْهُومُ " فَهُوَ مَا فُهِمَ مِنَ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النُّطْقِ " ، وَالْمَنْطُوقُ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا مِنَ اللَّفْظِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ نُطْقًا خُصَّ بِاسْمِ الْمَنْطُوقِ ، وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ مُعَرَّفًا بِالْمَعْنَى الْعَامِّ الْمُشْتَرَكِ ، تَمْيِيزًا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ .