قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105ويسألونك عن الجبال أي عن حال الجبال يوم القيامة .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=105فقل جاء هذا بفاء وكل سؤال في القرآن قل بغير فاء إلا هذا ، لأن المعنى إن سألوك عن الجبال فقل ، فتضمن الكلام معنى الشرط وقد علم الله أنهم يسألونه عنها ، فأجابهم قبل السؤال ، وتلك أسئلة تقدمت سألوا عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء الجواب عقب السؤال ؛ فلذلك كان بغير فاء ، وهذا سؤال لم يسألوه عنه بعد ؛ فتفهمه .
ينسفها يطيرها . نسفا قال
ابن الأعرابي وغيره : يقلعها قلعا من أصولها ثم يصيرها رملا يسيل سيلا ، ثم يصيرها كالصوف المنفوش تطيرها الرياح هكذا وهكذا قال : ولا يكون العهن من الصوف إلا المصبوغ ، ثم كالهباء المنثور . فيذرها أي يذر مواضعها
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=106قاعا صفصفا القاع الأرض الملساء بلا نبات ولا بناء ؛ قاله
ابن الأعرابي . وقال
الجوهري : والقاع المستوي من الأرض والجمع أقوع وأقواع وقيعان صارت الواو ياء لكسر ما قبلها . وقال
الفراء : القاع مستنقع الماء والصفصف القرعاء .
الكلبي : هو الذي لا نبات فيه . وقيل : المستوي من الأرض كأنه على صف واحد في استوائه ؛ قاله
مجاهد . والمعنى واحد في القاع والصفصف ؛ فالقاع الموضع المنكشف ، والصفصف المستوي الأملس . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه [ للشاعر
الأعشى ] :
وكم دون بيتك من صفصف ودكداك رمل وأعقادها
وقاعا نصب على الحال والصفصف . لا ترى في موضع الصفة .
[ ص: 159 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107فيها عوجا قال
ابن الأعرابي : العوج التعوج في الفجاج . والأمت النبك . وقال
أبو عمرو : الأمت النباك وهي التلال الصغار واحدها نبك ؛ أي هي أرض مستوية لا انخفاض فيها ولا ارتفاع . تقول : امتلأ فما به أمت ، وملأت القربة ملئا لا أمت فيه ؛ أي لا استرخاء فيه . والأمت في اللغة المكان المرتفع . وقال
ابن عباس : عوجا ميلا . قال : والأمت الأثر مثل الشراك . عنه أيضا عوجا واديا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107ولا أمتا رابية . وعنه أيضا : العوج والأمت الارتفاع . وقال
قتادة : عوجا صدعا .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107ولا أمتا أي أكمة . وقال
يمان الأمت الشقوق في الأرض . وقيل : الأمت أن يغلظ مكان في الفضاء أو الجبل ويدق في مكان ؛ حكاه
الصولي .
قلت : وهذه الآية تدخل في باب الرقى ؛ ترقى بها الثآليل وهي التي تسمى عندنا ( بالبراريق ) واحدها ( بروقة ) ؛ تطلع في الجسد وخاصة في اليد : تأخذ ثلاثة أعواد من تبن الشعير ، يكون في طرف كل عود عقدة ، تمر كل عقدة على الثآليل وتقرأ الآية مرة ، ثم تدفن الأعواد في مكان ندي ؛ تعفن وتعفن الثآليل فلا يبقى لها أثر ؛ جربت ذلك في نفسي وفي غيري فوجدته نافعا إن شاء الله تعالى .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108يومئذ يتبعون الداعي يريد
إسرافيل - عليه السلام - إذا نفخ في الصور
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108لا عوج له أي لا معدل لهم عنه ؛ أي عن دعائه لا يزيغون ولا ينحرفون بل يسرعون إليه ولا يحيدون عنه . وعلى هذا أكثر العلماء . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108لا عوج له أي لدعائه . وقيل : يتبعون الداعي اتباعا لا عوج له ؛ فالمصدر مضمر ؛ والمعنى : يتبعون صوت الداعي للمحشر ؛ نظيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=41واستمع يوم يناد المنادي من مكان قريب الآية . وسيأتي .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108وخشعت الأصوات أي ذلت وسكنت ؛ عن
ابن عباس قال : لما أتى خبر
الزبير تواضعت سور
المدينة والجبال الخشع ، فكل لسان ساكت هناك للهيبة .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108للرحمن أي من أجله .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=108فلا تسمع إلا همسا الهمس الصوت الخفي ؛ قاله
مجاهد . عن
ابن عباس : الحس الخفي .
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : هو صوت وقع الأقدام بعضها على بعض إلى المحشر ؛ ومنه قول
الراجز :
وهن يمشين بنا هميسا
يعني صوت أخفاف الإبل في سيرها . ويقال للأسد الهموس ؛ لأنه يهمس في الظلمة ؛ أي يطأ وطئا خفيا . قال رؤبة يصف نفسه بالشدة :
ليث يدق الأسد الهموسا والأقهبين الفيل والجاموسا
[ ص: 160 ] وهمس الطعام ؛ أي مضغه وفوه منضم ؛ قال
الراجز :
لقد رأيت عجبا مذ أمسا عجائزا مثل السعالي خمسا
يأكلن ما أصنع همسا همسا
وقيل : الهمس تحريك الشفة واللسان . وقرأ
أبي بن كعب ( فلا ينطقون إلا همسا ) . والمعنى متقارب ؛ أي لا يسمع لهم نطق ولا كلام ولا صوت أقدام . وبناء ( ه م س ) أصله الخفاء كيفما تصرف ؛ ومنه الحروف المهموسة ، وهي عشرة يجمعها قولك : ( حثه شخص فسكت ) وإنما سمي الحرف مهموسا لأنه ضعف الاعتماد من موضعه حتى جرى معه النفس .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=109يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن من في موضع نصب على الاستثناء الخارج من الأول ؛ أي لا تنفع الشفاعة أحدا إلا شفاعة من أذن له الرحمن .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=109ورضي له قولا أي رضي قوله في الشفاعة . وقيل : المعنى ، أي إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له ، وكان له قول يرضى . قال
ابن عباس : هو قول لا إله إلا الله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110يعلم ما بين أيديهم أي من أمر الساعة .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110وما خلفهم من أمر الدنيا قاله
قتادة . وقيل : يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110وما خلفهم ما خلفوه وراءهم في الدنيا . ثم قيل : الآية عامة في جميع الخلق . وقيل المراد الذين يتبعون الداعي . والحمد لله .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=110ولا يحيطون به علما الهاء في به لله تعالى ؛ أي أحد لا يحيط به علما ؛ إذ الإحاطة مشعرة بالحد ويتعالى الله عن التحديد . وقيل : تعود على العلم ؛ أي أحد لا يحيط علما بما يعلمه الله . وقال
الطبري الضمير في أيديهم و خلفهم و يحيطون يعود على الملائكة ؛ أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها .