وإذا تبين هذا فقول هذا المصنف وأشباهه : "
nindex.php?page=treesubj&link=28717قول المشبهة " : إن أراد بالمشبهة من أثبت من الأسماء ما يسمى به الرب والعبد فطائفته
[1] وجميع الناس مشبهة .
وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد : فهؤلاء مبطلون ضالون ، وهم في
الشيعة [2] أكثر منهم في غيرهم ، وليس هؤلاء طائفة معينة من أهل السنة والجماعة .
وإن قال : أردت به من يثبت الصفات الخبرية
[3] كالوجه واليدين والاستواء ونحو ذلك .
قيل له أولا : ليس في هؤلاء
[4] من التشبيه ما امتازوا به عن غيرهم ، فإن هؤلاء يصرحون بأن صفات الله ليست كصفات الخلق ، وأنه منزه عما يختص بالمخلوقين من الحدوث والنقص وغير ذلك ، فإن كان [ هذا ] تشبيها
[5] لكون العباد لهم ما يسمى بهذه الأسماء ، كان جميع الصفاتية
[ ص: 599 ] مشبهة ، بل
[6] والمعتزلة والفلاسفة أيضا مشبهة لأنهم يقولون : حي عليم قدير ، ويقولون : موجود وحقيقة وذات ونفس ، والفلاسفة تقول : عاقل ومعقول وعقل ، ولذيذ وملتذ
[7] ولذة ، وعاشق ومعشوق وعشق ، وغير ذلك من الأسماء الموجودة في المخلوقات .
وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَقَوْلُ هَذَا الْمُصَنِّفِ وَأَشْبَاهِهِ : "
nindex.php?page=treesubj&link=28717قَوْلُ الْمُشَبِّهَةِ " : إِنْ أَرَادَ بِالْمُشَبِّهَةِ مَنْ أَثْبَتَ مِنَ الْأَسْمَاءِ مَا يُسَمَّى بِهِ الرَّبُّ وَالْعَبْدُ فَطَائِفَتُهُ
[1] وَجَمِيعُ النَّاسِ مُشَبِّهَةٌ .
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَنْ جَعَلَ صِفَاتِ الرَّبِّ مِثْلَ صِفَاتِ الْعَبْدِ : فَهَؤُلَاءِ مُبْطِلُونَ ضَالُّونَ ، وَهُمْ فِي
الشِّيعَةِ [2] أَكْثَرُ مِنْهُمْ فِي غَيْرِهِمْ ، وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ طَائِفَةً مُعَيَّنَةً مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .
وَإِنْ قَالَ : أَرَدْتُ بِهِ مَنْ يُثْبِتُ الصِّفَاتِ الْخَبَرِيَّةَ
[3] كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالِاسْتِوَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قِيلَ لَهُ أَوَّلًا : لَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ
[4] مِنَ التَّشْبِيهِ مَا امْتَازُوا بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ لَيْسَتْ كَصِفَاتِ الْخَلْقِ ، وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَمَّا يَخْتَصُّ بِالْمَخْلُوقِينَ مِنَ الْحُدُوثِ وَالنَّقْصِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ [ هَذَا ] تَشْبِيهًا
[5] لِكَوْنِ الْعِبَادِ لَهُمْ مَا يُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ ، كَانَ جَمِيعُ الصِّفَاتِيَّةِ
[ ص: 599 ] مُشَبِّهَةً ، بَلْ
[6] وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْفَلَاسِفَةُ أَيْضًا مُشَبِّهَةً لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ، وَيَقُولُونَ : مَوْجُودٌ وَحَقِيقَةٌ وَذَاتٌ وَنَفْسٌ ، وَالْفَلَاسِفَةُ تَقُولُ : عَاقِلٌ وَمَعْقُولٌ وَعَقْلٌ ، وَلَذِيذٌ وَمُلْتَذٌّ
[7] وَلَذَّةٌ ، وَعَاشِقٌ وَمَعْشُوقٌ وَعِشْقٌ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ .