nindex.php?page=showalam&ids=12251nindex.php?page=treesubj&link=29453وأحمد بن حنبل ، وإن كان قد اشتهر بإمامة السنة
[1] والصبر في
[ ص: 602 ] المحنة ، فليس ذلك لأنه انفرد بقول أو ابتدع قولا ، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله علمها ودعا إليها وصبر على من امتحنه ليفارقها
[2] ، وكان الأئمة قبله
[3] قد ماتوا قبل المحنة ، فلما وقعت محنة
الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة
[4] - على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=15128المأمون وأخيه
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم ثم
الواثق - ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال صفات الله
[ ص: 603 ] تعالى ، وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخرو
الرافضة ، وكانوا قد أدخلوا معهم من أدخلوه من [ ولاة الأمور
[5] ، فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة ، حتى تهددوا
[6] بعضهم بالقتل ، وقيدوا بعضهم ، وعاقبوهم ( وأخذوهم )
[7] بالرهبة والرغبة ، وثبت ]
[8] nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بن حنبل [9] على ذلك [ الأمر ]
[10] حتى حبسوه مدة ، ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته ، فانقطعوا معه في المناظرة يوما بعد يوم ، ولم يأتوا
[11] بما يوجب موافقته لهم ، [ بل ] بين خطأهم
[12] فيما ذكروه
[13] من الأدلة ، وكانوا قد طلبوا له
[14] أئمة الكلام من
أهل البصرة وغيرهم ، مثل
أبي عيسى محمد بن عيسى برغوث صاحب
حسين النجار [15] وأمثاله ، ولم تكن المناظرة مع
المعتزلة فقط ، بل كانت
[ ص: 604 ] مع جنس
nindex.php?page=treesubj&link=29455الجهمية من
المعتزلة [
والنجارية ]
[16] والضرارية وأنواع المرجئة ،
nindex.php?page=treesubj&link=28836_28834فكل معتزلي جهمي وليس كل جهمي معتزليا ، [ لكن جهم أشد تعطيلا ؛ لأنه نفى الأسماء والصفات ،
nindex.php?page=treesubj&link=28712والمعتزلة تنفي الصفات دون الأسماء ]
[17] .
nindex.php?page=showalam&ids=15211وبشر المريسي كان من
المرجئة ، لم يكن من
المعتزلة ، بل كان من كبار
[18] .
[ ص: 605 ] وظهر للخليفة
nindex.php?page=showalam&ids=15269المعتصم أمرهم ، وعزم على رفع المحنة ، حتى ألح عليه
ابن أبي دؤاد [19] يشير عليه : إنك إن لم تضربه [ وإلا ] انكسر
[20] ناموس الخلافة ، فضربه
[21] ، فعظمت الشناعة من العامة والخاصة ، فأطلقوه .
ثم صارت هذه الأمور سببا في البحث عن مسائل الصفات ، وما فيها من النصوص والأدلة والشبهات من جانبي المثبتة والنفاة للصفات
[22] ، وصنف
[23] الناس في ذلك مصنفات .
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد [24] وغيره من علماء أهل
[25] السنة والحديث ما زالوا يعرفون فساد
[ ص: 606 ] مذهب
الروافض والخوارج والقدرية والجهمية والمرجئة ، ولكن بسبب المحنة كثر الكلام ، ورفع الله قدر هذا الإمام ، فصار إماما من أئمة السنة
[26] ، وعلما من أعلامها ، [ لقيامه بإعلامها ]
[27] وإظهارها ، واطلاعه على نصوصها وآثارها ، وبيانه لخفي أسرارها
[28] ، لا لأنه أحدث مقالة أو ابتدع رأيا
[29] .
ولهذا قال بعض شيوخ المغرب
[30] : المذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، والظهور
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد ; يعني أن مذاهب الأئمة في الأصول
[31] مذهب واحد وهو كما قال فتخصيص
[32] الكلام من
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأصحابه في مسائل الإمامة والاعتزال ، كتخصيصه
[33] بالكلام معه في مسائل
الخوارج الحرورية ، بل في نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والرد على
اليهود والنصارى .
والخطاب بتصديق الرسول فيما أخبر [ به ]
[34] ، وطاعته فيما أمر [ به ]
[35] ، قد شمل جميع العباد ، ووجب على كل أحد ، فأسعدهم أطوعهم لله وأتبعهم لرسول الله
[36] ، وإذا قدر أن في الحنبلية - أو غيرهم من طوائف
[ ص: 607 ] أهل السنة - من قال أقوالا باطلة ، لم يبطل مذهب أهل السنة والجماعة ببطلان ذلك ، بل يرد على من قال ذلك الباطل ، وتنصر السنة بالدلائل
[37] .
ولكن الرافضي أخذ ينكت
[38] على كل طائفة بما يظن أنه يجرحها به في الأصول والفروع ، ظانا أن طائفته هي السليمة من الجرح
[39] .
وقد اتفق عقلاء
[40] المسلمين على أنه ليس في [ طائفة من ]
[41] طوائف أهل القبلة أكثر جهلا وضلالا وكذبا وبدعا ، وأقرب إلى كل شر ، وأبعد عن كل خير من طائفته . ولهذا لما صنف
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري كتابه في " المقالات " ذكر أولا مقالتهم ، وختم بمقالة أهل السنة والحديث ، وذكر أنه بكل ما ذكر من أقوال
[42] أهل السنة [ والحديث ]
[43] يقول ، وإليه يذهب
[44] .
وتسمية هذا الرافضي - وأمثاله من
الجهمية معطلة الصفات - لأهل الإثبات مشبهة كتسميتهم لمن أثبت خلافة [ الخلفاء ]
[45] الثلاثة ناصبيا
[46] بناء على اعتقادهم ، فإنهم لما اعتقدوا
[47] أنه لا ولاية
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي إلا بالبراءة من
[ ص: 608 ] هؤلاء ، جعلوا كل من لم يتبرأ من هؤلاء ناصبيا ، كما أنهم لما اعتقدوا أن القدمين
[48] متماثلان ، أو أن الجسمين متماثلان ، ونحو ذلك ، قالوا : إن مثبتة الصفات مشبهة .
فيقال لمن قال هذا
[49] : إن كان مرادك بالنصب والتشبيه بغض
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأهل البيت ، وجعل صفات الرب مثل صفات العبد
[50] ،
nindex.php?page=treesubj&link=29613_28717_33673فأهل السنة ليسوا ناصبية ولا مشبهة .
وإن كنت تريد
[51] بذلك أنهم يوالون الخلفاء
[52] ، ويثبتون صفات الله تعالى فسم هذا بما شئت ، إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان .
والمدح والذم إنما يتعلق بالأسماء إذا كان لها أصل في الشرع ، كلفظ المؤمن والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل . ثم من أراد أن يمدح أو يذم ، فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم ، فأما إذا كان الاسم ليس له أصل في الشرع ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل ، بطلت كل من المقدمتين وكان
[53] هذا الكلام مما لا يعتمد عليه إلا من لا يدري ما يقول .
[ ص: 609 ] والكتاب والسنة ليس فيه لفظ " ناصبية "
[54] ولا " مشبهة " ولا " حشوية " ولا فيه أيضا لفظ " رافضة " . ونحن إذا قلنا " رافضة " نذكره للتعريف ، لأن مسمى هذا الاسم يدخل فيه أنواع مذمومة بالكتاب والسنة : من الكذب على الله ورسوله ، وتكذيب الحق الذي جاء به رسوله ، ومعاداة أولياء الله - بل خيار أوليائه - وموالاة
اليهود والنصارى والمشركين ، كما تبين وجوه الذم .
nindex.php?page=treesubj&link=28833_29613وأهل السنة والجماعة لا يمكن أن يعمهم معنى مذموم في الكتاب والسنة بحال كما يعم الرافضة . نعم يوجد في بعضهم ما هو مذموم ، ولكن هذا لا يلزم منه ذمهم ، كما أن المسلمين إذا كان فيهم من هو مذموم لذنب ركبه ، لم يستلزم ذلك
[55] ذم الإسلام وأهله القائمين
[56] بواجباته .
nindex.php?page=showalam&ids=12251nindex.php?page=treesubj&link=29453وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِنْ كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ بِإِمَامَةِ السُّنَّةِ
[1] وَالصَّبْرِ فِي
[ ص: 602 ] الْمِحْنَةِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِقَوْلٍ أَوِ ابْتَدَعَ قَوْلًا ، بَلْ لِأَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً مَعْرُوفَةً قَبْلَهُ عَلِمَهَا وَدَعَا إِلَيْهَا وَصَبَرَ عَلَى مَنِ امْتَحَنَهُ لِيُفَارِقَهَا
[2] ، وَكَانَ الْأَئِمَّةُ قَبْلَهُ
[3] قَدْ مَاتُوا قَبْلَ الْمِحْنَةِ ، فَلَمَّا وَقَعَتْ مِحْنَةُ
الْجَهْمِيَّةِ نُفَاةِ الصِّفَاتِ فِي أَوَائِلِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ
[4] - عَلَى عَهْدِ
nindex.php?page=showalam&ids=15128الْمَأْمُونِ وَأَخِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15269الْمُعْتَصِمِ ثُمَّ
الْوَاثِقِ - وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَى التَّجَهُّمِ وَإِبْطَالِ صِفَاتِ اللَّهِ
[ ص: 603 ] تَعَالَى ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُتَأَخِّرُو
الرَّافِضَةِ ، وَكَانُوا قَدْ أَدْخَلُوا مَعَهُمْ مَنْ أَدْخَلُوهُ مِنْ [ وُلَاةِ الْأُمُورِ
[5] ، فَلَمْ يُوَافِقْهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، حَتَّى تَهَدَّدُوا
[6] بَعْضَهُمْ بِالْقَتْلِ ، وَقَيَّدُوا بَعْضَهُمْ ، وَعَاقَبُوهُمْ ( وَأَخَذُوهُمْ )
[7] بِالرَّهْبَةِ وَالرَّغْبَةِ ، وَثَبَتَ ]
[8] nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ [9] عَلَى ذَلِكَ [ الْأَمْرِ ]
[10] حَتَّى حَبَسُوهُ مُدَّةً ، ثُمَّ طَلَبُوا أَصْحَابَهُمْ لِمُنَاظَرَتِهِ ، فَانْقَطَعُوا مَعَهُ فِي الْمُنَاظَرَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ ، وَلَمْ يَأْتُوا
[11] بِمَا يُوجِبُ مُوَافَقَتَهُ لَهُمْ ، [ بَلْ ] بَيَّنَ خَطَأَهُمْ
[12] فِيمَا ذَكَرُوهُ
[13] مِنَ الْأَدِلَّةِ ، وَكَانُوا قَدْ طَلَبُوا لَهُ
[14] أَئِمَّةَ الْكَلَامِ مِنْ
أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَغَيْرِهِمْ ، مِثْلِ
أَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بُرْغُوثٍ صَاحِبِ
حُسَيْنٍ النَّجَّارِ [15] وَأَمْثَالِهِ ، وَلَمْ تَكُنِ الْمُنَاظَرَةُ مَعَ
الْمُعْتَزِلَةِ فَقَطْ ، بَلْ كَانَتْ
[ ص: 604 ] مَعَ جِنْسِ
nindex.php?page=treesubj&link=29455الْجَهْمِيَّةِ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ [
وَالنَّجَّارِيَّةِ ]
[16] وَالضِّرَارِيَّةِ وَأَنْوَاعِ الْمُرْجِئَةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28836_28834فَكُلُّ مُعْتَزِلِيٍّ جَهْمِيٌّ وَلَيْسَ كُلُّ جَهْمِيٍّ مُعْتَزِلِيًّا ، [ لَكِنْ جَهْمٌ أَشَدُّ تَعْطِيلًا ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْأَسْمَاءَ وَالصِّفَاتِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28712وَالْمُعْتَزِلَةُ تَنْفِي الصِّفَاتِ دُونَ الْأَسْمَاءِ ]
[17] .
nindex.php?page=showalam&ids=15211وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ كَانَ مِنَ
الْمُرْجِئَةِ ، لَمْ يَكُنْ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ ، بَلْ كَانَ مِنْ كِبَارِ
[18] .
[ ص: 605 ] وَظَهَرَ لِلْخَلِيفَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15269الْمُعْتَصِمِ أَمْرَهُمْ ، وَعَزَمَ عَلَى رَفْعِ الْمِحْنَةِ ، حَتَّى أَلَحَّ عَلَيْهِ
ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ [19] يُشِيرُ عَلَيْهِ : إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَضْرِبْهُ [ وَإِلَّا ] انْكَسَرَ
[20] نَامُوسُ الْخِلَافَةِ ، فَضَرَبَهُ
[21] ، فَعَظُمَتِ الشَّنَاعَةُ مِنَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ ، فَأَطْلَقُوهُ .
ثُمَّ صَارَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ سَبَبًا فِي الْبَحْثِ عَنْ مَسَائِلِ الصِّفَاتِ ، وَمَا فِيهَا مِنَ النُّصُوصِ وَالْأَدِلَّةِ وَالشُّبُهَاتِ مِنْ جَانِبَيِ الْمُثْبِتَةِ وَالنُّفَاةِ لِلصِّفَاتِ
[22] ، وَصَنَّفَ
[23] النَّاسُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ [24] وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ
[25] السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مَا زَالُوا يَعْرِفُونَ فَسَادَ
[ ص: 606 ] مَذْهَبِ
الرَّوَافِضِ وَالْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ ، وَلَكِنْ بِسَبَبِ الْمِحْنَةِ كَثُرَ الْكَلَامُ ، وَرَفَعَ اللَّهُ قَدْرَ هَذَا الْإِمَامِ ، فَصَارَ إِمَامًا مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ
[26] ، وَعَلَمًا مِنْ أَعْلَامِهَا ، [ لِقِيَامِهِ بِإِعْلَامِهَا ]
[27] وَإِظْهَارِهَا ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَى نُصُوصِهَا وَآثَارِهَا ، وَبَيَانِهِ لِخَفِيِّ أَسْرَارِهَا
[28] ، لَا لِأَنَّهُ أَحْدَثَ مَقَالَةً أَوِ ابْتَدَعَ رَأْيًا
[29] .
وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَغْرِبِ
[30] : الْمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَالظُّهُورُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251لِأَحْمَدَ ; يَعْنِي أَنَّ مَذَاهِبَ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُصُولِ
[31] مَذْهَبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَتَخْصِيصُ
[32] الْكَلَامِ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فِي مَسَائِلِ الْإِمَامَةِ وَالِاعْتِزَالِ ، كَتَخْصِيصِهِ
[33] بِالْكَلَامِ مَعَهُ فِي مَسَائِلِ
الْخَوَارِجِ الْحَرُورِيَّةِ ، بَلْ فِي نُبُوَّةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالرَّدِّ عَلَى
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .
وَالْخِطَابُ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَرَ [ بِهِ ]
[34] ، وَطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ [ بِهِ ]
[35] ، قَدْ شَمِلَ جَمِيعَ الْعِبَادِ ، وَوَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ، فَأَسْعَدُهُمْ أَطْوَعُهُمْ لِلَّهِ وَأَتْبَعُهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ
[36] ، وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ فِي الْحَنْبَلِيَّةِ - أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ طَوَائِفِ
[ ص: 607 ] أَهْلِ السُّنَّةِ - مَنْ قَالَ أَقْوَالًا بَاطِلَةً ، لَمْ يَبْطُلْ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ ، بَلْ يُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْبَاطِلَ ، وَتُنْصَرُ السُّنَّةُ بِالدَّلَائِلِ
[37] .
وَلَكِنَّ الرَّافِضِيَّ أَخَذَ يَنْكُتُ
[38] عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ بِمَا يَظُنُّ أَنَّهُ يُجَرِّحُهَا بِهِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ ، ظَانًّا أَنَّ طَائِفَتَهُ هِيَ السَّلِيمَةُ مِنَ الْجَرْحِ
[39] .
وَقَدِ اتَّفَقَ عُقَلَاءُ
[40] الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي [ طَائِفَةٍ مِنْ ]
[41] طَوَائِفِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَكْثَرُ جَهْلًا وَضَلَالًا وَكَذِبًا وَبِدَعًا ، وَأَقْرَبُ إِلَى كُلِّ شَرٍّ ، وَأَبْعَدُ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ مِنْ طَائِفَتِهِ . وَلِهَذَا لَمَّا صَنَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيُّ كِتَابَهُ فِي " الْمَقَالَاتِ " ذَكَرَ أَوَّلًا مَقَالَتَهُمْ ، وَخَتَمَ بِمَقَالَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ بِكُلِّ مَا ذَكَرَ مِنْ أَقْوَالِ
[42] أَهْلِ السُّنَّةِ [ وَالْحَدِيثِ ]
[43] يَقُولُ ، وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ
[44] .
وَتَسْمِيَةُ هَذَا الرَّافِضِيِّ - وَأَمْثَالِهِ مِنَ
الْجَهْمِيَّةِ مُعَطِّلَةِ الصِّفَاتِ - لِأَهْلِ الْإِثْبَاتِ مُشَبِّهَةً كَتَسْمِيَتِهِمْ لِمَنْ أَثْبَتَ خِلَافَةَ [ الْخُلَفَاءِ ]
[45] الثَّلَاثَةَ نَاصِبِيًّا
[46] بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا
[47] أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ إِلَّا بِالْبَرَاءَةِ مِنْ
[ ص: 608 ] هَؤُلَاءِ ، جَعَلُوا كُلَّ مَنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ هَؤُلَاءِ نَاصِبِيًّا ، كَمَا أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ الْقَدَمَيْنِ
[48] مُتَمَاثِلَانِ ، أَوْ أَنَّ الْجِسْمَيْنِ مُتَمَاثِلَانِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، قَالُوا : إِنَّ مُثْبِتَةَ الصِّفَاتِ مُشَبِّهَةٌ .
فَيُقَالُ لِمَنْ قَالَ هَذَا
[49] : إِنْ كَانَ مُرَادُكَ بِالنَّصْبِ وَالتَّشْبِيهِ بُغْضَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَأَهْلِ الْبَيْتِ ، وَجَعْلَ صِفَاتِ الرَّبِّ مِثْلَ صِفَاتِ الْعَبْدِ
[50] ،
nindex.php?page=treesubj&link=29613_28717_33673فَأَهْلُ السُّنَّةِ لَيْسُوا نَاصِبِيَّةً وَلَا مُشَبِّهَةً .
وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ
[51] بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يُوَالُونَ الْخُلَفَاءَ
[52] ، وَيُثْبِتُونَ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَمِّ هَذَا بِمَا شِئْتَ ، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ .
وَالْمَدْحُ وَالذَّمُّ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَسْمَاءِ إِذَا كَانَ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ ، كَلَفْظِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَالْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ . ثُمَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَمْدَحَ أَوْ يَذُمَّ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ دُخُولَ الْمَمْدُوحِ وَالْمَذْمُومِ فِي تِلْكَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهَا الْمَدْحَ وَالذَّمَّ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ الِاسْمُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ وَدُخُولُ الدَّاخِلِ فِيهِ مِمَّا يُنَازَعُ فِيهِ الْمَدْخَلُ ، بَطَلَتْ كُلٌّ مِنَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ وَكَانَ
[53] هَذَا الْكَلَامُ مِمَّا لَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ .
[ ص: 609 ] وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ " نَاصِبِيَّةٍ "
[54] وَلَا " مُشَبِّهَةٍ " وَلَا " حَشْوِيَّةٍ " وَلَا فِيهِ أَيْضًا لَفْظُ " رَافِضَةٍ " . وَنَحْنُ إِذَا قُلْنَا " رَافِضَةً " نَذْكُرُهُ لِلتَّعْرِيفِ ، لِأَنَّ مُسَمَّى هَذَا الِاسْمَ يَدْخُلُ فِيهِ أَنْوَاعٌ مَذْمُومَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَتَكْذِيبِ الْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ ، وَمُعَادَاةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ - بَلْ خِيَارِ أَوْلِيَائِهِ - وَمُوَالَاةِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ ، كَمَا تُبَيِّنُ وُجُوهُ الذَّمِّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28833_29613وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعُمَّهُمْ مَعْنًى مَذْمُومٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِحَالٍ كَمَا يَعُمُّ الرَّافِضَةَ . نَعَمْ يُوجَدُ فِي بَعْضِهِمْ مَا هُوَ مَذْمُومٌ ، وَلَكِنْ هَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ذَمُّهُمْ ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مَذْمُومٌ لِذَنْبٍ رَكِبَهُ ، لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ
[55] ذَمُّ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ الْقَائِمِينَ
[56] بِوَاجِبَاتِهِ .