nindex.php?page=treesubj&link=28833والرافضة سلكوا في الصحابة مسلك التفرق ، فوالوا بعضهم وغالوا فيه وعادوا بعضهم وغالوا في معاداته وقد يسلك كثير من الناس ما يشبه هذا في أمرائهم وملوكهم وعلمائهم وشيوخهم ، فيحصل بينهم رفض في غير
الصحابة : تجد أحد الحزبين يتولى فلانا ومحبيه ، ويبغض فلانا ومحبيه ، وقد يسب ذلك بغير حق .
وهذا كله من التفرق والتشيع الذي نهى الله عنه ورسوله ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء [ سورة الأنعام 159 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا [ سورة آل عمران 102 - 103 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=105ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=107وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون [ ص: 134 ] [ سورة آل عمران 105 - 107 ] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة
[1] . ولهذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=481أبو أمامة الباهلي وغيره يتأولها في
الخوارج .
فالله تعالى قد أمر المؤمنين كلهم أن يعتصموا بحبله جميعا ولا يتفرقوا ، وقد فسر حبله بكتابه ، وبدينه ، وبالإسلام ، وبالإخلاص ، وبأمره ، وبعهده ، وبطاعته ، وبالجماعة . وهذه كلها منقولة عن
الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، وكلها صحيحة
[2] ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29641_29614_29613القرآن يأمر بدين الإسلام ، وذلك هو عهده وأمره وطاعته ، والاعتصام به جميعا إنما يكون في الجماعة ، ودين الإسلام حقيقته الإخلاص لله .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=689289إن الله يرضى لكم ثلاثا : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم [3] " .
[ ص: 135 ] nindex.php?page=treesubj&link=18078والله تعالى قد حرم ظلم المسلمين : أحيائهم وأمواتهم ، وحرم دماءهم وأموالهم وأعراضهم . وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في حجة الوداع : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=655124إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا . ألا هل بلغت ، ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع [4] " .
وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=58والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا [ سورة الأحزاب 58 ] فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك ، فقد دخل في هذه الآية ، ومن كان مجتهدا لا إثم عليه ، فإذا آذاه مؤذ
[5] فقد آذاه بغير ما اكتسب ، ومن كان مذنبا وقد تاب من ذنبه ، أو غفر له بسبب آخر بحيث لم يبق عليه عقوبة فآذاه مؤذ ، فقد آذاه بغير ما اكتسب ، وإن حصل له بفعله مصيبة .
ولما
nindex.php?page=hadith&LINKID=653157حاج موسى آدم [6] ، وقال : لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ فقال آدم : بكم وجدت مكتوبا علي قبل أن أخلق : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وعصى آدم ربه فغوى [ سورة طه 121 ] قال : بأربعين سنة . قال : فحج آدم موسى . وهذا الحديث ثابت في الصحيحين
[7] ، لكن غلط كثير من الناس في معناه ، فظنوا أن
آدم احتج بالقدر على أن الذنب
[8] لا يلام عليه ، ثم تفرقوا بعد هذا : بين مكذب بلفظه ومتأول لمعناه تأويلات فاسدة . وهذا فهم
[ ص: 136 ] فاسد وخطأ عظيم ، لا يجوز أن يظن بأقل الناس علما وإيمانا ; أن يظن أن كل من أذنب فلا ملام عليه لكون الذنب مقدرا عليه ، وهو يسمع ما أخبر الله به في القرآن من تعذيبه
لقوم نوح وعاد وثمود ،
وقوم فرعون ومدين ،
وقوم لوط [9] وغيرهم .
nindex.php?page=treesubj&link=30451والقدر شامل لجميع الخلق ، فلو كان المذنب معذورا لم يعذب هؤلاء على ذنوبهم ، وهو يعلم ما أرسل الله به رسله
محمدا وغيره من عقوبات المعتدين ، كما في التوراة والقرآن
[10] ، وما أمر الله به من إقامة الحدود على المفسدين ، ومن قتال الكافرين ، وما شرعه الله من إنصاف المظلومين من الظالمين ، وما يقضي به يوم القيامة بين عباده من عقوبة الكفار
[11] ، والاقتصاص للمظلوم من الظالم . وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع .
لكن مقصود الحديث أن ما يصيب العبد من المصائب فهي مقدرة عليه ، ينبغي أن يسلم لقدر الله . كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=11ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه [ سورة التغابن 11 ] . قال
علقمة : هو الرجل
[12] تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم . وروى
الوالبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يهد قلبه لليقين ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه . وقال
ابن السائب وابن قتيبة : إنه إذا ابتلي ، صبر وإذا أنعم عليه شكر ، وإذا ظلم غفر .
[ ص: 137 ] وإن كانت المصيبة بسبب فعل الأب أو الجد ، فإن
آدم قد تاب من الأكل ، فما بقي عليه ملام للتوبة ، والمصيبة كانت مقدرة ، فلا معنى للوم
آدم عليها ، فليس للإنسان أن يؤذي مؤمنا جرى له على يديه
[13] ما هو مصيبة في حقه .
والمؤمن إما معذور وإما مغفور له . ولا ريب أن كثيرا ممن حصل له مصيبة
[14] أو فوات غرض ببعض الماضين يسرع بذمه ، كما يظن
[15] بعض
الرافضة أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان رضي الله عنهم كانوا هم السبب في منع حقهم ظلما ، وهذا كذب عليهم . أو يقولون : بسببهم ظلمنا غيرهم ، وهذا عدوان عليهم ; فإن القوم كانوا عادلين متبعين لأمر الله ورسوله .
ومن أصابته مصيبة بسبب ما جاء به الرسول فبذنوبه أصيب ، فليس لأحد أن يعيب الرسول وما جاء به ، لكونه فيه
[16] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد المنافقين ، أو لكونه بسبب تقديمه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر قدمهما المسلمون بعده ، كما يذكر عن بعض
الرافضة أنه آذى الله ورسوله بسبب تقديم الله ورسوله
[17] .
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر ( *
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر .
وعن بعضهم أنهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=650446كانوا يقرءون شيئا من الحديث في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتوا على فضائل nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، فلما سمعها قال [ ص: 138 ] لأصحابه : تعلمون والله بلاءكم من صاحب هذا القبر ، يقول : مروا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر فليصل بالناس ، لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر خليلا ، يأبى الله والمسلمون إلا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر .
وهذا كما أنه ليس لأحد * )
[18] أن يقول بسبب نزول القرآن بلسان العرب
[19] اختلفت الأمة في التأويل واقتتلوا ، إلى أمثال هذه الأمور التي يجعل الشر الواقع فيها بسبب ما جاء به الرسول ; فإن هذا كله باطل ، وهو من كلام الكفار .
قال تعالى عن الكفار الذين قالوا
[20] لرسلهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قالوا طائركم معكم أئن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون [ سورة يس 18 - 19 ] .
وقال عن قوم فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله [ سورة الأعراف 131 ] .
وقال لما ذكر الأمر بالجهاد وأن من الناس من يبطئ عنه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك [ سورة النساء 78 - 79 ] .
[ ص: 139 ] والمراد بالحسنات والسيئات هنا النعم والمصائب ، كما قد سمى الله ذلك حسنات وسيئات في غير هذا الموضع من القرآن كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات [ سورة الأعراف 168 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون [ سورة التوبة 50 ] .
ولهذا قال : ما أصابك ولم يقل : ما أصبت . وهكذا قال السلف . ففي رواية
أبي صالح [21] عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن الحسنة : الخصب
[22] والمطر ، والسيئة : الجدب والغلاء . وفي رواية
الوالبي عنه : أن الحسنة : الفتح والغنيمة ، والسيئة الهزيمة والجراح ونحو ذلك
[23] . وقال في هذه الرواية : ما أصابك من حسنة : ما فتح الله عليه يوم
بدر ، والسيئة ما أصابه يوم
أحد . وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : الحسنة : الغنيمة والنعمة
[24] ، والسيئة البلية . وروي ذلك عن
أبي العالية ، وروي عنه أن الحسنة : الطاعة ، والسيئة : المعصية .
وهذا يظنه طائفة من المتأخرين ، ثم اختلف هؤلاء ، فقال مثبتة القدر هذا حجة لنا ، لقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله [ سورة النساء 78 ] . وقال نفاته : بل هو حجة لنا لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وما أصابك من سيئة فمن نفسك [ سورة النساء 79 ] . وحجة كل فريق تدل على فساد قول الآخر . والقولان
[ ص: 140 ] باطلان في هذه الآية ; فإن المراد : النعم والمصائب ولهذا قال : وإن تصبهم والضمير قد قيل : إنه يعود على المنافقين ، وقيل : على اليهود ، وقيل : على الطائفتين .
nindex.php?page=treesubj&link=28833وَالرَّافِضَةُ سَلَكُوا فِي الصَّحَابَةِ مَسْلَكَ التَّفَرُّقِ ، فَوَالَوْا بَعْضَهُمْ وَغَالَوْا فِيهِ وَعَادَوْا بَعْضَهُمْ وَغَالَوْا فِي مُعَادَاتِهِ وَقَدْ يَسَلُكُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مَا يُشْبِهُ هَذَا فِي أُمَرَائِهِمْ وَمُلُوكِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ ، فَيَحْصُلُ بَيْنَهُمْ رَفْضٌ فِي غَيْرِ
الصَّحَابَةِ : تَجِدُ أَحَدَ الْحِزْبَيْنِ يَتَوَلَّى فُلَانًا وَمُحِبِّيهِ ، وَيُبْغِضُ فُلَانًا وَمُحِبِّيهِ ، وَقَدْ يَسُبُّ ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ .
وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ التَّفَرُّقِ وَالتَّشَيُّعِ الَّذِي نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ 159 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=102يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=103وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ 102 - 103 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=105وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=106يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=107وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ ص: 134 ] [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ 105 - 107 ] . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ الْبِدْعَةِ
[1] . وَلِهَذَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=481أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ وَغَيْرُهُ يَتَأَوَّلُهَا فِي
الْخَوَارِجِ .
فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ أَنْ يَعْتَصِمُوا بِحَبْلِهِ جَمِيعًا وَلَا يَتَفَرَّقُوا ، وَقَدْ فَسَّرَ حَبْلَهُ بِكِتَابِهِ ، وَبِدِينِهِ ، وَبِالْإِسْلَامِ ، وَبِالْإِخْلَاصِ ، وَبِأَمْرِهِ ، وَبِعَهْدِهِ ، وَبِطَاعَتِهِ ، وَبِالْجَمَاعَةِ . وَهَذِهِ كُلُّهَا مَنْقُولَةٌ عَنِ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ
[2] ; فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29641_29614_29613الْقُرْآنَ يَأْمُرُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ ، وَذَلِكَ هُوَ عَهْدُهُ وَأَمْرُهُ وَطَاعَتُهُ ، وَالِاعْتِصَامُ بِهِ جَمِيعًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَةِ ، وَدِينُ الْإِسْلَامِ حَقِيقَتُهُ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=689289إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا : أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ [3] " .
[ ص: 135 ] nindex.php?page=treesubj&link=18078وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ ظُلْمَ الْمُسْلِمِينَ : أَحْيَائِهِمْ وَأَمْوَاتِهِمْ ، وَحَرَّمَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=655124إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا . أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ [4] " .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=58وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [ سُورَةُ الْأَحْزَابِ 58 ] فَمَنْ آذَى مُؤْمِنًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ يُوجِبُ ذَلِكَ ، فَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَمَنْ كَانَ مُجْتَهِدًا لَا إِثْمَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا آذَاهُ مُؤْذٍ
[5] فَقَدْ آذَاهُ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبَ ، وَمَنْ كَانَ مُذْنِبًا وَقَدْ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ ، أَوْ غُفِرَ لَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ فَآذَاهُ مُؤْذٍ ، فَقَدْ آذَاهُ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبَ ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِفِعْلِهِ مُصِيبَةٌ .
وَلَمَّا
nindex.php?page=hadith&LINKID=653157حَاجَّ مُوسَى آدَمَ [6] ، وَقَالَ : لِمَاذَا أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ آدَمُ : بِكَمْ وَجَدْتَ مَكْتُوبًا عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=121وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [ سُورَةُ طه 121 ] قَالَ : بِأَرْبَعِينَ سَنَةً . قَالَ : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى . وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ
[7] ، لَكِنْ غَلَطَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي مَعْنَاهُ ، فَظَنُّوا أَنَّ
آدَمَ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى أَنَّ الذَّنْبَ
[8] لَا يُلَامُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا بَعْدَ هَذَا : بَيْنَ مُكَذِّبٍ بِلَفْظِهِ وَمُتَأَوِّلٍ لِمَعْنَاهُ تَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةً . وَهَذَا فَهْمٌ
[ ص: 136 ] فَاسِدٌ وَخَطَأٌ عَظِيمٌ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِأَقَلِّ النَّاسِ عِلْمًا وَإِيمَانًا ; أَنْ يُظَنَّ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَذْنَبَ فَلَا مَلَامَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الذَّنْبِ مُقَدَّرًا عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَسْمَعُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَعْذِيبِهِ
لِقَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ ،
وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ وَمَدْيَنَ ،
وَقَوْمِ لُوطٍ [9] وَغَيْرِهِمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=30451وَالْقَدَرُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ ، فَلَوْ كَانَ الْمُذْنِبُ مَعْذُورًا لَمْ يُعَذَّبْ هَؤُلَاءِ عَلَى ذُنُوبِهِمْ ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ
مُحَمَّدًا وَغَيْرَهُ مِنْ عُقُوبَاتِ الْمُعْتَدِينَ ، كَمَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْقُرْآنِ
[10] ، وَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْمُفْسِدِينَ ، وَمِنْ قِتَالِ الْكَافِرِينَ ، وَمَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ إِنْصَافِ الْمَظْلُومِينَ مِنَ الظَّالِمِينَ ، وَمَا يَقْضِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ عِبَادِهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْكُفَّارِ
[11] ، وَالِاقْتِصَاصِ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ . وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
لَكِنَّ مَقْصُودَ الْحَدِيثِ أَنَّ مَا يُصِيبُ الْعَبْدَ مِنَ الْمَصَائِبِ فَهِيَ مُقَدَّرَةٌ عَلَيْهِ ، يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ لِقَدَرِ اللَّهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=11مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [ سُورَةُ التَّغَابُنِ 11 ] . قَالَ
عَلْقَمَةُ : هُوَ الرَّجُلُ
[12] تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ . وَرَوَى
الْوَالِبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : يَهْدِ قَلْبَهُ لِلْيَقِينِ ، فَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ . وَقَالَ
ابْنُ السَّائِبِ وَابْنُ قُتَيْبَةَ : إِنَّهُ إِذَا ابْتُلِيَ ، صَبَرَ وَإِذَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ شَكَرَ ، وَإِذَا ظُلِمَ غَفَرَ .
[ ص: 137 ] وَإِنْ كَانَتِ الْمُصِيبَةُ بِسَبَبِ فِعْلِ الْأَبِ أَوِ الْجَدِّ ، فَإِنَّ
آدَمَ قَدْ تَابَ مِنَ الْأَكْلِ ، فَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مَلَامٌ لِلتَّوْبَةِ ، وَالْمُصِيبَةُ كَانَتْ مُقَدَّرَةً ، فَلَا مَعْنَى لِلَوْمِ
آدَمَ عَلَيْهَا ، فَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُؤْذِيَ مُؤْمِنًا جَرَى لَهُ عَلَى يَدَيْهِ
[13] مَا هُوَ مُصِيبَةٌ فِي حَقِّهِ .
وَالْمُؤْمِنُ إِمَّا مَعْذُورٌ وَإِمَّا مَغْفُورٌ لَهُ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ حَصَلَ لَهُ مُصِيبَةٌ
[14] أَوْ فَوَاتُ غَرَضٍ بِبَعْضِ الْمَاضِينَ يُسْرِعُ بِذَمِّهِ ، كَمَا يَظُنُّ
[15] بَعْضُ
الرَّافِضَةِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا هُمُ السَّبَبَ فِي مَنْعِ حَقِّهِمْ ظُلْمًا ، وَهَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِمْ . أَوْ يَقُولُونَ : بِسَبَبِهِمْ ظَلَمْنَا غَيْرَهُمْ ، وَهَذَا عُدْوَانٌ عَلَيْهِمْ ; فَإِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا عَادِلِينَ مُتَّبِعِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ .
وَمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ بِسَبَبِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ فَبِذُنُوبِهِ أُصِيبَ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعِيبَ الرَّسُولَ وَمَا جَاءَ بِهِ ، لِكَوْنِهِ فِيهِ
[16] الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ ، أَوْ لِكَوْنِهِ بِسَبَبِ تَقْدِيمِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ قَدَّمَهُمَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ ، كَمَا يُذْكَرُ عَنْ بَعْضِ
الرَّافِضَةِ أَنَّهُ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ بِسَبَبِ تَقْدِيمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
[17] .
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ ( *
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ .
وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=650446كَانُوا يَقْرَءُونَ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَوْا عَلَى فَضَائِلِ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ [ ص: 138 ] لِأَصْحَابِهِ : تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ بَلَاءَكُمْ مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ ، يَقُولُ : مُرُوا nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا ، يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُسْلِمُونَ إِلَّا nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ .
وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ * )
[18] أَنْ يَقُولَ بِسَبَبِ نُزُولِ الْقُرْآنِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ
[19] اخْتَلَفَتِ الْأُمَّةُ فِي التَّأْوِيلِ وَاقْتَتَلُوا ، إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي يُجْعَلُ الشَّرُّ الْوَاقِعُ فِيهَا بِسَبَبِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ; فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ بَاطِلٌ ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْكُفَّارِ .
قَالَ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَالُوا
[20] لِرُسُلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=19قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [ سُورَةُ يس 18 - 19 ] .
وَقَالَ عَنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ 131 ] .
وَقَالَ لَمَّا ذَكَرَ الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ وَأَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُبْطِئُ عَنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [ سُورَةُ النِّسَاءِ 78 - 79 ] .
[ ص: 139 ] وَالْمُرَادُ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ هُنَا النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ ، كَمَا قَدْ سَمَّى اللَّهُ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ وَسَيِّئَاتٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ 168 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=50إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ [ سُورَةُ التَّوْبَةِ 50 ] .
وَلِهَذَا قَالَ : مَا أَصَابَكَ وَلَمْ يَقُلْ : مَا أَصَبْتَ . وَهَكَذَا قَالَ السَّلَفُ . فَفِي رِوَايَةِ
أَبِي صَالِحٍ [21] عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْحَسَنَةَ : الْخِصْبُ
[22] وَالْمَطَرُ ، وَالسَّيِّئَةَ : الْجَدْبُ وَالْغَلَاءُ . وَفِي رِوَايَةِ
الْوَالِبِيِّ عَنْهُ : أَنَّ الْحَسَنَةَ : الْفَتْحُ وَالْغَنِيمَةُ ، وَالسَّيِّئَةَ الْهَزِيمَةُ وَالْجِرَاحُ وَنَحْوُ ذَلِكَ
[23] . وَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ : مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَالسَّيِّئَةُ مَا أَصَابَهُ يَوْمَ
أُحُدٍ . وَكَذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ : الْحَسَنَةُ : الْغَنِيمَةُ وَالنِّعْمَةُ
[24] ، وَالسَّيِّئَةُ الْبَلِيَّةُ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْحَسَنَةَ : الطَّاعَةُ ، وَالسَّيِّئَةَ : الْمَعْصِيَةُ .
وَهَذَا يَظُنُّهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ ، فَقَالَ مُثْبِتَةُ الْقَدَرِ هَذَا حُجَّةٌ لَنَا ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [ سُورَةُ النِّسَاءِ 78 ] . وَقَالَ نُفَاتُهُ : بَلْ هُوَ حُجَّةٌ لَنَا لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [ سُورَةُ النِّسَاءِ 79 ] . وَحُجَّةُ كُلِّ فَرِيقٍ تَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ الْآخَرِ . وَالْقَوْلَانِ
[ ص: 140 ] بَاطِلَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ; فَإِنَّ الْمُرَادَ : النِّعَمُ وَالْمَصَائِبُ وَلِهَذَا قَالَ : وَإِنْ تُصِبْهُمْ وَالضَّمِيرُ قَدْ قِيلَ : إِنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ، وَقِيلَ : عَلَى الْيَهُودِ ، وَقِيلَ : عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ .