فصل
قال الرافضي
[1] : الثاني عشر :
[2] روى
أخطب [3] خوارزم بإسناده عن
[4] nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الغفاري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه [ ص: 403 ] وسلم : nindex.php?page=treesubj&link=31309من ناصب nindex.php?page=showalam&ids=8عليا الخلافة فهو [5] . كافر ، وقد حارب الله ورسوله ، ومن شك في nindex.php?page=showalam&ids=8علي فهو كافر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال :
كنت عند النبي [6] صلى الله عليه وسلم ، فرأى nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مقبلا فقال : أنا وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة . وعن
معاوية بن حيدة القشيري قال :
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : من مات وهو يبغضك [7] . . مات يهوديا أو نصرانيا " .
والجواب من وجوه :
أحدها : المطالبة بتصحيح النقل ، وهذا على سبيل التنزل
[8] ، فإن مجرد رواية الموفق
خطيب خوارزم لا تدل على أن الحديث ثابت قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا لو لم يعلم ما في الذي جمعه من الأحاديث من الكذب والفرية ، فأما من تأمل ما
[9] في جمع هذا
الخطيب ، فإنه يقول : سبحانك هذا بهتان عظيم .
الثاني : أن كل من له معرفة بالحديث يشهد أن هذه الأحاديث كذب مفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[10] [ ص: 404 ] الثالث : أن هذه الأحاديث إن كانت مما رواها الصحابة والتابعون فأين ذكرها بينهم ؟ ومن الذي نقلها عنهم ؟ وفي أي كتاب وجد أنهم رووها ؟ ومن كان خبيرا بما جرى بينهم علم بالاضطرار أن هذه الأحاديث مما ولدها الكذابون بعدهم ، وأنها مما عملت أيديهم .
الوجه الرابع : أن يقال : علمنا بأن
المهاجرين والأنصار كانوا مسلمين يحبون الله ورسوله ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبهم ويتولاهم ، أعظم من علمنا بصحة شيء من هذه الأحاديث ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف يجوز أن يرد ما علمناه بالتواتر المتيقن بأخبار هي أقل وأحقر من أن يقال لها : أخبار آحاد لا يعلم لها ناقل صادق ، بل أهل العلم بالحديث متفقون على أنها من أعظم المكذوبات ، ولهذا لا يوجد ( منها ) شيء في كتب
[11] الأحاديث المعتمدة ، بل أئمة الحديث كلهم يجزمون بكذبها .
( الوجه )
[12] الخامس : أن القرآن يشهد في غير موضع برضا الله عنهم ، وثنائه عليهم ، كقوله تعالى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) ( سورة التوبة : 100 ) .
[ ص: 405 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) ( سورة الحديد : 10 ) .
وقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) الآية ( سورة الفتح : 29 ) .
وقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) ( سورة الفتح : 18 ) .
وقوله: (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ( سورة الحشر : 8 ) ، وأمثال ذلك فكيف يجوز أن
[13] يرد ما علمنا دلالة القرآن عليه يقينا بمثل هذه الأخبار المفتراة التي رواها من لا يخاف مقام ربه ، ولا يرجو لله وقارا .
الوجه السادس : أن هذه الأحاديث تقدح في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وتوجب أنه كان مكذبا بالله ورسوله ، فيلزم من صحتها كفر الصحابة كلهم هو وغيره .
أما الذين ناصبوه الخلافة
[14] ، فإنهم في هذا الحديث المفترى كفار ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فإنه لم يعمل بموجب هذه النصوص ، بل كان يجعلهم مؤمنين مسلمين ، وشر من قاتلهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي هم
الخوارج ، ومع هذا فلم يحكم فيهم بحكم الكفار ، بل حرم أموالهم وسبيهم ، وكان يقول لهم قبل قتالهم : إن لكم علينا أن لا نمنعكم مساجدنا ، ولا حقكم من فيئنا ، ولما قتله
ابن [ ص: 406 ] ملجم [15] قال : إن عشت فأنا ولي دمي ، ولم يجعله مرتدا بقتله
[16] .
وأما أهل الجمل فقد تواتر عنه أنه نهى ( عن )
[17] أن يتبع مدبرهم ، وأن يجهز على جريحهم ، وأن يقتل أسيرهم ، وأن تغنم أموالهم ، وأن تسبى ذراريهم ، فإن كان هؤلاء كفارا بهذه النصوص
nindex.php?page=showalam&ids=8فعلي أول
[18] من كذب بها فيلزمهم أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كافرا .
وكذلك أهل صفين كان يصلي على قتلاهم ، ويقول : إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف ، ولو كانوا عنده كفارا لما صلى عليهم ، ولا جعلهم إخوانه ، ولا جعل السيف طهرا لهم
[19]
وبالجملة نحن نعلم بالاضطرار من سيرة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه لم يكن يكفر الذين قاتلوه ، بل ولا جمهور المسلمين ، ولا الخلفاء الثلاثة ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين كفروا
[20] أحدا من هؤلاء ، ولا
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين ، ولا
أبو جعفر ، فإن كان هؤلاء كفارا ، فأول من خالف النصوص
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأهل بيته ، وكان يمكنهم أن يفعلوا ما فعلت
الخوارج فيعتزلوا بدار غير دار الإسلام ن ، م : المسلمين ، وإن عجزوا عن القتال ، ويحكموا
[21] على أهل دار الإسلام بالكفر والردة ، كما يفعل ذلك كثير من شيوخ
الرافضة ، وكان الواجب
[ ص: 407 ] على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي إذا رأى أن الكفار لا يؤمنون ، أن يتخذ له ولشيعته دارا غير دار أهل الردة والكفر ، ويباينهم كما باين المسلمون لمسيلمة الكذاب وأصحابه .
وهذا نبي الله صلى الله عليه وسلم كان
بمكة هو وأصحابه في غاية الضعف ، ومع هذا فكانوا يباينون الكفار ، ويظهرون مباينتهم بحيث يعرف المؤمن من الكافر ، وكذلك هاجر من هاجر منهم إلى أرض
الحبشة مع ضعفهم ، وكانوا يباينون
النصارى ، ويتكلمون بدينهم قدام
النصارى .
وهذه بلاد الإسلام مملوءة من
اليهود والنصارى ، وهم مظهرون لدينهم متحيزون عن المسلمين .
فإن كان كل من يشك
[22] في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كافرا عنده وعند أهل بيته ، وليس بمؤمن عندهم إلا من اعتقد أنه الإمام المعصوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن لم يعتقد ذلك فهو مرتد عند
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأهل بيته ،
nindex.php?page=showalam&ids=8فعلي أول من بدل الدين ، ولم يميز المؤمنين من الكافرين ، ولا المرتدين من المسلمين .
وهب أنه كان عاجزا عن قتالهم وإدخالهم في طاعته فلم يكن عاجزا عن مباينتهم ، ولم يكن أعجز من
الخوارج الذين هم شرذمة ( قليلة )
[23] من عسكره ،
والخوارج اتخذوا لهم دارا غير دار الجماعة وباينوهم كما
[24] كفروهم ، وجعلوا أصحابهم
[25] هم المؤمنين .
[ ص: 408 ] وكيف كان يحل
nindex.php?page=showalam&ids=35للحسن [26] أن يسلم أمر المسلمين إلى من هو عنده من المرتدين شر من
اليهود والنصارى ، كما يدعون في
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ؟ وهل يفعل هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن يمكنه أن يقيم
بالكوفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية لم يكن بدأه بالقتال ، وكان قد طلب منه ما أراد فلو قام مقام أبيه لم يقاتله
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وأين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه في فضل
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667654إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين [27] ، فإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وأهل بيته -
nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن منهم - يقولون : لم يصلح الله به إلا بين المؤمنين والمرتدين فهذا قدح في
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن ، وفي جده الذي أثنى على
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن ،
[28] : لما كان الأمر كما يقوله
الرافضة .
فتبين
nindex.php?page=treesubj&link=10036_28833أن الرافضة من أعظم الناس قدحا وطعنا في أهل البيت ، وأنهم هم الذين عادوا أهل البيت في نفس الأمر ، ونسبوهم إلى أعظم المنكرات التي من فعلها كان من الكفار ، وليس هذا ببدع من جهل الرافضة وحماقاتهم .
ثم إن
الرافضة تدعي أن الإمام المعصوم لطف من الله بعباده ليكون ذلك أدعى إلى أن يطيعوه فيرحموا ، وعلى ما قالوه فلم يكن على أهل الأرض نقمة أعظم من
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فإن الذين خالفوه وصاروا مرتدين كفارا ، والذين وافقوه أذلاء مقهورون تحت النقمة لا يد ولا لسان ، وهم مع
[ ص: 409 ] ذلك يقولون إن خلقه مصلحة ولطف ، وإن الله يجب عليه أن يخلقه ، وإنه لا تتم مصلحة العالم في دينهم ودنياهم إلا به ، وأي صلاح في ذلك على قول
الرافضة ؟
ثم إنهم يقولون : إن الله يجب عليه أن يفعل أصلح ما يقدر عليه للعباد في دينهم ودنياهم ، وهو يمكن
الخوارج الذين يكفرون به بدار لهم
[29] فيها شوكة ، ومن قتال أعدائهم ، ويجعلهم هم
[30] والأئمة المعصومين في ذل
[31] أعظم من ذل
[32] اليهود والنصارى [33] ، وغيرهم من أهل الذمة ، فإن أهل الذمة يمكنهم إظهار دينهم ، وهؤلاء الذين يدعى أنهم حجج الله على عباده ولطفه في بلاده ، وأنه لا هدى إلا بهم ، ولا نجاة إلا بطاعتهم ، ولا سعادة إلا بمتابعتهم قد غاب خاتمتهم من أكثر من
[34] أربعمائة وخمسين سنة
[35] ، فلم ينتفع به أحد في دينه ولا دنياه ، وهم لا يمكنهم إظهار دينهم ، كما تظهر
اليهود والنصارى دينهم .
ولهذا ما زال أهل العلم يقولون : إن الرفض من أحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين : دين الإسلام ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، فإن منتهى أمرهم تكفير علي وأهل بيته ، بعد أن كفروا الصحابة ( والجمهور )
[36] [ ص: 410 ] ولهذا كان صاحب دعوى
الباطنية الملاحدة رتب دعوته مراتب : أول ما يدعو المستجيب إلى التشيع ، ثم إذا طمع فيه قال له :
nindex.php?page=showalam&ids=8علي مثل الناس ، ودعاه إلى القدح في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أيضا ، ثم إذا طمع فيه دعاه إلى القدح في الرسول ، ثم إذا طمع فيه
[37] دعاه إلى إنكار الصانع ، هكذا
[38] ترتيب كتابهم الذي يسمونه " البلاغ الأكبر " ، و " الناموس الأعظم " ، وواضعه الذي أرسل به إلى
القرمطي الخارج
بالبحرين لما استولى على
مكة ، وقتلوا
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ، وأخذوا الحجر الأسود ، واستحلوا المحارم ، وأسقطوا الفرائض ، وسيرتهم مشهورة عند أهل العلم .
وكيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من مات وهو يبغض
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا مات يهوديا ، أو نصرانيا ،
والخوارج كلهم تكفره وتبغضه ؟ ! وهو نفسه لم يكن يجعلهم مثل
اليهود والنصارى ، بل يجعلهم من المسلمين أهل القبلة ، ويحكم فيهم بغير ما يحكم به
[39] بين
اليهود والنصارى .
وكذلك من كان يسبه ويبغضه من
بني أمية وأتباعهم ، فكيف يكون من يصلي الصلوات ويصوم شهر رمضان ويحج البيت ويؤدي الزكاة مثل
اليهود والنصارى ؟ ! وغايته أن يكون قد
[40] خفي عليه كون هذا إماما ، أو عصاه بعد معرفته .
وكل أحد يعلم أن أهل الدين والجمهور ليس لهم غرض مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ولا لأحد منهم غرض في تكذيب الرسول ، وأنهم لو علموا أن الرسول جعله إماما كانوا أسبق الناس إلى التصديق بذلك .
[ ص: 411 ] وغاية ما يقدر أنهم خفي عليهم هذا الحكم فكيف يكون من خفي عليه جزء من الدين مثل
اليهود والنصارى ؟ !
وليس المقصود هنا الكلام في التكفير ، بل التنبيه على أن هذه الأحاديث مما يعلم بالاضطرار أنها كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها مناقضة لدين الإسلام ، وأنها تستلزم تكفير
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وتكفير من خالفه ، وأنه لم يقلها من يؤمن بالله واليوم الآخر ، فضلا عن أن تكون من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل إضافتها - والعياذ بالله - إلى رسول الله من أعظم القدح والطعن فيه ، ولا شك أن هذا فعل زنديق ملحد لقصد
[41] إفساد دين الإسلام فلعن الله من افتراها ، وحسبه ما وعده به الرسول حيث قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650107من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار "
[42] .
فَصْلٌ
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : الثَّانِي عَشَرَ :
[2] رَوَى
أَخْطَبُ [3] خُوَارَزْمَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ
[4] nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ ص: 403 ] وَسَلَّمَ : nindex.php?page=treesubj&link=31309مَنْ نَاصَبَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا الْخِلَافَةَ فَهُوَ [5] . كَافِرٌ ، وَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَمَنْ شَكَّ فِي nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ فَهُوَ كَافِرٌ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ قَالَ :
كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ [6] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَأَى nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مُقْبِلًا فَقَالَ : أَنَا وَهَذَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَعَنْ
مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ :
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ : مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُبْغِضُكَ [7] . . مَاتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا " .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ
[8] ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ الْمُوَفَّقِ
خَطِيبِ خُوَارَزْمَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَا فِي الَّذِي جَمَعَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ ، فَأَمَّا مَنْ تَأَمَّلَ مَا
[9] فِي جَمْعِ هَذَا
الْخَطِيبِ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ : سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ .
الثَّانِي : أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ يَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَذِبٌ مُفْتَرَاةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[10] [ ص: 404 ] الثَّالِثُ : أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ إِنْ كَانَتْ مِمَّا رَوَاهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَأَيْنَ ذِكْرُهَا بَيْنَهُمْ ؟ وَمَنِ الَّذِي نَقَلَهَا عَنْهُمْ ؟ وَفِي أَيِّ كِتَابٍ وُجِدَ أَنَّهُمْ رَوَوْهَا ؟ وَمَنْ كَانَ خَبِيرًا بِمَا جَرَى بَيْنَهُمْ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِمَّا وَلَّدَهَا الْكَذَّابُونَ بَعْدَهُمْ ، وَأَنَّهَا مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : أَنْ يُقَالَ : عِلْمُنَا بِأَنَّ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ كَانُوا مُسْلِمِينَ يُحِبُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّهُمْ وَيَتَوَلَّاهُمْ ، أَعْظَمُ مِنْ عِلْمِنَا بِصِحَّةِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الْإِمَامُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ مَا عَلِمْنَاهُ بِالتَّوَاتُرِ الْمُتَيَقَّنِ بِأَخْبَارٍ هِيَ أَقَلُّ وَأَحْقَرُ مِنْ أَنْ يُقَالَ لَهَا : أَخْبَارُ آحَادٍ لَا يُعْلَمُ لَهَا نَاقِلٌ صَادِقٌ ، بَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَكْذُوبَاتِ ، وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ ( مِنْهَا ) شَيْءٌ فِي كُتُبِ
[11] الْأَحَادِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ ، بَلْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كُلُّهُمْ يَجْزِمُونَ بِكَذِبِهَا .
( الْوَجْهُ )
[12] الْخَامِسُ : أَنَّ الْقُرْآنَ يَشْهَدُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِرِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ ، وَثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) ( سُورَةُ التَّوْبَةِ : 100 ) .
[ ص: 405 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) ( سُورَةُ الْحَدِيدِ : 10 ) .
وَقَوْلُهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) الْآيَةَ ( سُورَةُ الْفَتْحِ : 29 ) .
وَقَوْلُهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) ( سُورَةُ الْفَتْحِ : 18 ) .
وَقَوْلُهُ: (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) ( سُورَةُ الْحَشْرِ : 8 ) ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ
[13] يُرَدَّ مَا عَلِمْنَا دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ يَقِينًا بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْمُفْتَرَاةِ الَّتِي رَوَاهَا مَنْ لَا يَخَافُ مَقَامَ رَبِّهِ ، وَلَا يَرْجُو لِلَّهِ وَقَارًا .
الْوَجْهُ السَّادِسُ : أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ تَقْدَحُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَتُوجِبُ أَنَّهُ كَانَ مُكَذِّبًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا كُفْرُ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ هُوَ وَغَيْرُهُ .
أَمَّا الَّذِينَ نَاصَبُوهُ الْخِلَافَةَ
[14] ، فَإِنَّهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُفْتَرَى كُفَّارٌ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمُوجَبِ هَذِهِ النُّصُوصِ ، بَلْ كَانَ يَجْعَلُهُمْ مُؤْمِنِينَ مُسْلِمِينَ ، وَشَرُّ مَنْ قَاتَلَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ هُمُ
الْخَوَارِجُ ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَحْكُمْ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْكُفَّارِ ، بَلْ حَرَّمَ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهَمْ ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ قَبْلَ قِتَالِهِمْ : إِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَمْنَعَكُمْ مَسَاجِدَنَا ، وَلَا حَقَّكُمْ مِنْ فَيَئِنَا ، وَلَمَّا قَتَلَهُ
ابْنُ [ ص: 406 ] مُلْجِمٍ [15] قَالَ : إِنْ عِشْتُ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي ، وَلَمْ يَجْعَلْهُ مُرْتَدًّا بِقَتْلِهِ
[16] .
وَأَمَّا أَهْلُ الْجَمَلِ فَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى ( عَنْ )
[17] أَنْ يُتَّبَعَ مُدْبِرُهُمْ ، وَأَنْ يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ ، وَأَنْ يَقْتُلَ أَسِيرُهُمْ ، وَأَنْ تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ ، وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيُّهِمْ ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كَفَّارًا بِهَذِهِ النُّصُوصِ
nindex.php?page=showalam&ids=8فَعَلِيٌّ أَوَّلُ
[18] مَنْ كَذَّبَ بِهَا فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ كَافِرًا .
وَكَذَلِكَ أَهَّلُ صِفِّيْنَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى قَتْلَاهُمْ ، وَيَقُولُ : إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا طَهَّرَهُمُ السَّيْفُ ، وَلَوْ كَانُوا عِنْدَهُ كُفَّارًا لَمَا صَلَّى عَلَيْهِمْ ، وَلَا جَعَلَهُمْ إِخْوَانَهُ ، وَلَا جَعَلَ السَّيْفَ طُهْرًا لَهُمْ
[19]
وَبِالْجُمْلَةِ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ سِيرَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُكَفِّرُ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ ، بَلْ وَلَا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا الْخُلَفَاءُ الثَّلَاثَةُ ، وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ ، وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ كَفَّرُوا
[20] أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ ، وَلَا
nindex.php?page=showalam&ids=16600عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، وَلَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا ، فَأَوَّلُ مَنْ خَالَفَ النُّصُوصَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ ، وَكَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا مَا فَعَلَتِ
الْخَوَارِجُ فَيَعْتَزِلُوا بِدَارٍ غَيْرِ دَارِ الْإِسْلَامِ ن ، م : الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْقِتَالِ ، وَيَحْكُمُوا
[21] عَلَى أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ ، كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِ
الرَّافِضَةِ ، وَكَانَ الْوَاجِبُ
[ ص: 407 ] عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ إِذَا رَأَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يُؤْمِنُونَ ، أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ وَلِشِيعَتِهِ دَارًا غَيْرَ دَارِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَالْكُفْرِ ، وَيُبَايِنَهُمْ كَمَا بَايَنَ الْمُسْلِمُونَ لِمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ وَأَصْحَابِهِ .
وَهَذَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
بِمَكَّةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ ، وَمَعَ هَذَا فَكَانُوا يُبَايِنُونَ الْكُفَّارَ ، وَيُظْهِرُونَ مُبَايَنَتَهُمْ بِحَيْثُ يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ ، وَكَذَلِكَ هَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ مِنْهُمْ إِلَى أَرْضِ
الْحَبَشَةِ مَعَ ضَعْفِهِمْ ، وَكَانُوا يُبَايِنُونَ
النَّصَارَى ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِدِينِهِمْ قُدَّامَ
النَّصَارَى .
وَهَذِهِ بِلَادُ الْإِسْلَامِ مَمْلُوءَةٌ مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَهُمْ مُظْهِرُونَ لِدِينِهِمْ مُتَحَيِّزُونَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ .
فَإِنْ كَانَ كُلُّ مَنْ يَشُكُّ
[22] فِي خِلَافَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَافِرًا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ عِنْدَهُمْ إِلَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=8فَعَلِيٌّ أَوَّلُ مَنْ بَدَّلَ الدِّينَ ، وَلَمْ يُمَيِّزِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَلَا الْمُرْتَدِّينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَهَبْ أَنَّهُ كَانَ عَاجِزًا عَنْ قِتَالِهِمْ وَإِدْخَالِهِمْ فِي طَاعَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ مُبَايِنَتِهِمْ ، وَلَمْ يَكُنْ أَعْجَزَ مِنَ
الْخَوَارِجِ الَّذِينَ هُمْ شِرْذِمَةٌ ( قَلِيلَةٌ )
[23] مِنْ عَسْكَرِهِ ،
وَالْخَوَارِجُ اتَّخَذُوا لَهُمْ دَارًا غَيْرَ دَارِ الْجَمَاعَةِ وَبَايَنُوهُمْ كَمَا
[24] كَفَّرُوهُمْ ، وَجَعَلُوا أَصْحَابَهُمْ
[25] هُمُ الْمُؤْمِنِينَ .
[ ص: 408 ] وَكَيْفَ كَانَ يَحِلُّ
nindex.php?page=showalam&ids=35لِلْحَسَنِ [26] أَنْ يُسْلِمَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَنْ هُوَ عِنْدَهُ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ شَرٌّ مِنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، كَمَا يَدَّعُونَ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ؟ وَهَلْ يَفْعَلُ هَذَا مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ؟ وَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُقِيمَ
بِالْكُوفَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=33وَمُعَاوِيَةُ لَمْ يَكُنْ بَدَأَهُ بِالْقِتَالِ ، وَكَانَ قَدْ طُلِبَ مِنْهُ مَا أَرَادَ فَلَوْ قَامَ مَقَامَ أَبِيهِ لَمْ يُقَاتِلْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةُ ، وَأَيْنَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتُ عَنْهُ فِي فَضْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=667654إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [27] ، فَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ -
nindex.php?page=showalam&ids=35وَالْحَسَنُ مِنْهُمْ - يَقُولُونَ : لَمْ يُصْلِحِ اللَّهُ بِهِ إِلَّا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فَهَذَا قَدْحٌ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ ، وَفِي جَدِّهِ الَّذِي أَثْنَى عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ ،
[28] : لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُهُ
الرَّافِضَةُ .
فَتَبَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=10036_28833أَنَّ الرَّافِضَةَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ قَدْحًا وَطَعْنًا فِي أَهْلِ الْبَيْتِ ، وَأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ عَادَوْا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَنَسَبُوهُمْ إِلَى أَعْظَمِ الْمُنْكَرًاتِ الَّتِي مَنْ فَعَلَهَا كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِبِدْعٍ مِنْ جَهْلِ الرَّافِضَةِ وَحَمَاقَاتِهِمْ .
ثُمَّ إِنَّ
الرَّافِضَةَ تَدَّعِي أَنَّ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ لُطْفٌ مِنَ اللَّهِ بِعِبَادِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى أَنْ يُطِيعُوهُ فَيُرْحَمُوا ، وَعَلَى مَا قَالُوهُ فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نِقْمَةٌ أَعْظَمُ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، فَإِنَّ الَّذِينَ خَالَفُوهُ وَصَارُوا مُرْتَدِّينَ كُفَّارًا ، وَالَّذِينَ وَافَقُوهُ أَذِلَّاءُ مَقْهُورُونَ تَحْتَ النِّقْمَةِ لَا يَدَ وَلَا لِسَانَ ، وَهُمْ مَعَ
[ ص: 409 ] ذَلِكَ يَقُولُونَ إِنَّ خَلْقَهُ مَصْلَحَةٌ وَلُطْفٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْلُقَهُ ، وَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ الْعَالَمِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ إِلَّا بِهِ ، وَأَيُّ صَلَاحٍ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ
الرَّافِضَةِ ؟
ثُمَّ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ اللَّهَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ أَصْلَحَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِلْعِبَادِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ ، وَهُوَ يُمَكِّنُ
الْخَوَارِجَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِهِ بِدَارٍ لَهُمْ
[29] فِيهَا شَوْكَةٌ ، وَمِنْ قِتَالِ أَعْدَائِهِمْ ، وَيَجْعَلُهُمْ هُمْ
[30] وَالْأَئِمَّةَ الْمَعْصُومِينَ فِي ذُلٍّ
[31] أَعْظَمَ مِنْ ذُلِّ
[32] الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى [33] ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُمْكِنُهُمْ إِظْهَارُ دِينِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُدَّعَى أَنَّهُمْ حُجَجُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَلُطْفُهُ فِي بِلَادِهِ ، وَأَنَّهُ لَا هُدَى إِلَّا بِهِمْ ، وَلَا نَجَاةَ إِلَّا بِطَاعَتِهِمْ ، وَلَا سَعَادَةَ إِلَّا بِمُتَابَعَتِهِمْ قَدْ غَابَ خَاتِمَتُهُمْ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ
[34] أَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً
[35] ، فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَحَدٌ فِي دِينِهِ وَلَا دُنْيَاهُ ، وَهُمْ لَا يُمْكِنُهُمْ إِظْهَارُ دِينِهِمْ ، كَمَا تُظْهِرُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى دِينَهُمْ .
وَلِهَذَا مَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِنَّ الرَّفْضَ مِنْ أَحْدَاثِ الزَّنَادِقَةِ الْمَلَاحِدَةِ الَّذِينَ قَصَدُوا إِفْسَادَ الدِّينِ : دِينِ الْإِسْلَامِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، فَإِنَّ مُنْتَهَى أَمْرِهِمْ تَكْفِيرُ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، بَعْدَ أَنْ كَفَّرُوا الصَّحَابَةَ ( وَالْجُمْهُورَ )
[36] [ ص: 410 ] وَلِهَذَا كَانَ صَاحِبُ دَعْوَى
الْبَاطِنِيَّةِ الْمَلَاحِدَةِ رَتَّبَ دَعْوَتَهُ مَرَاتِبَ : أَوَّلُ مَا يَدْعُو الْمُسْتَجِيبَ إِلَى التَّشَيُّعِ ، ثُمَّ إِذَا طَمِعَ فِيهِ قَالَ لَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ مِثْلُ النَّاسِ ، وَدَعَاهُ إِلَى الْقَدْحِ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ أَيْضًا ، ثُمَّ إِذَا طَمِعَ فِيهِ دَعَاهُ إِلَى الْقَدْحِ فِي الرَّسُولِ ، ثُمَّ إِذَا طَمِعَ فِيهِ
[37] دَعَاهُ إِلَى إِنْكَارِ الصَّانِعِ ، هَكَذَا
[38] تَرْتِيبُ كِتَابِهِمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ " الْبَلَاغَ الْأَكْبَرَ " ، وَ " النَّامُوسَ الْأَعْظَمَ " ، وَوَاضِعُهُ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ إِلَى
الْقَرْمَطِيِّ الْخَارِجِ
بِالْبَحْرَيْنِ لَمَّا اسْتَوْلَى عَلَى
مَكَّةَ ، وَقَتَلُوا
nindex.php?page=showalam&ids=14078الْحُجَّاجَ ، وَأَخَذُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ ، وَاسْتَحَلُّوا الْمَحَارِمَ ، وَأَسْقَطُوا الْفَرَائِضَ ، وَسِيرَتُهُمْ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَكَيْفَ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَبْغُضُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مَاتَ يَهُودِيًّا ، أَوْ نَصْرَانِيًّا ،
وَالْخَوَارِجُ كُلُّهُمْ تُكَفِّرُهُ وَتَبْغُضُهُ ؟ ! وَهُوَ نَفْسُهُ لَمْ يَكُنْ يَجْعَلُهُمْ مِثْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، بَلْ يَجْعَلُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، وَيَحْكُمُ فِيهِمْ بِغَيْرِ مَا يَحْكُمُ بِهِ
[39] بَيْنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى .
وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ يَسُبُّهُ وَيَبْغُضُهُ مِنْ
بَنِي أُمَيَّةَ وَأَتْبَاعِهِمْ ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ وَيَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَيَحُجُّ الْبَيْتَ وَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ مِثْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؟ ! وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ
[40] خَفِيَ عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا إِمَامًا ، أَوْ عَصَاهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ .
وَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ الدِّينِ وَالْجُمْهُورَ لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ غَرَضٌ فِي تَكْذِيبِ الرَّسُولِ ، وَأَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّ الرَّسُولَ جَعَلَهُ إِمَامًا كَانُوا أَسْبَقَ النَّاسِ إِلَى التَّصْدِيقِ بِذَلِكَ .
[ ص: 411 ] وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ أَنَّهُمْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْحُكْمُ فَكَيْفَ يَكُونُ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنَ الدِّينِ مِثْلَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؟ !
وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامَ فِي التَّكْفِيرِ ، بَلِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهَا كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِدِينِ الْإِسْلَامِ ، وَأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَكْفِيرَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَتَكْفِيرَ مَنْ خَالَفَهُ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بَلْ إِضَافَتُهَا - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ وَالطَّعْنِ فِيهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِعْلُ زِنْدِيقٍ مُلْحِدٍ لِقَصْدِ
[41] إِفْسَادِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَلَعَنَ اللَّهُ مَنِ افْتَرَاهَا ، وَحَسْبُهُ مَا وَعَدَهُ بِهِ الرَّسُولُ حَيْثُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=650107مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ "
[42] .