( فصل )
قال الرافضي
[1] : " الثاني عشر : الفضائل : إما نفسانية : أو بدنية : أو خارجية . وعلى التقديرين الأولين : فإما أن تكون متعلقة بالشخص نفسه ، أو بغيره .
nindex.php?page=showalam&ids=8وأمير المؤمنين علي جمع
[2] [ ص: 212 ] الكل . أما فضائله
[3] النفسانية المتعلقة به - كعلمه وزهده وكرمه وحلمه - فأشهر من أن تحصى
[4] ، والمتعلقة بغيره كذلك ، كظهور
[5] العلوم
[6] عنه ، واستيفاء
[7] غيره منه . وكذا فضائله
[8] البدنية كالعبادة والشجاعة والصدقة . وأما الخارجية كالنسب فلم يلحقه فيه أحد ; لقربه من النبي - صلى الله عليه وسلم
[9] - وتزويجه إياه بابنته
[10] سيدة نساء العالمين .
وقد روى
أخطب [11] خوارزم من كتاب " السنة "
[12] بإسناده عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال :
لما تزوج nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة زوجها الله إياه [13] من فوق سبع سماوات ، وكان الخاطب جبريل [14] ، وكان ميكائيل وإسرافيل في [ ص: 213 ] سبعين ألفا من الملائكة شهودا ، فأوحى الله إلى شجرة طوبى : انثري ما فيك من الدر والجوهر [15] ، ففعلت ، فأوحى الله إلى الحور العين أن القطن ، فلقطن منهن إلى يوم القيامة [16] ، وأورد أخبارا كثيرة في ذلك .
وكان أولاده - رضي الله عنه - أشرف الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد أبيهم [17] . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان [18] قال :
رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ [19] بيد nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بن علي ، فقال : أيها الناس [20] هذا nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين nindex.php?page=showalam&ids=17 [21] ، ألا فاعرفوه وفضلوه ، فوالله لجده أكرم على الله من جد يوسف بن يعقوب [22] ، هذا nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين جده [23] في الجنة ، وجدته في الجنة ، ( * وأمه في الجنة ، وأبوه في الجنة ، وخاله في الجنة وخالته في الجنة ، وعمه في الجنة ، [ ص: 214 ] وعمته في الجنة [24] ، وأخوه في الجنة * ) [25] ، وهو في الجنة ، ومحبوه [26] في الجنة ، ومحبو محبيهم في الجنة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة [27] قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912096بت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ، فرأيت عنده [28] شخصا ، فقال لي : هل رأيت [29] ؟ قلت : نعم . قال : هذا [30] ملك لم ينزل إلي منذ بعثت ، أتاني من الله ، فبشرني أن nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين سيدا شباب أهل الجنة .
والأخبار في ذلك كثيرة ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية فاضلا عالما ، حتى ادعى قوم فيه الإمامة " .
والجواب : أما الأمور الخارجية
[31] عن نفس الإيمان والتقوى ، فلا يحصل بها فضيلة عند الله تعالى ، وإنما يحصل بها الفضيلة عند الله إذا كانت معينة على ذلك ; فإنها من باب الوسائل لا المقاصد ، كالمال والسلطان ، والقوة والصحة ونحو ذلك ، فإن هذه الأمور لا يفضل بها الرجل عند الله إلا إذا أعانته على طاعة الله بحسب ما يعينه .
قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) [ سورة الحجرات : 13 ] .
[ ص: 215 ] وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=654321أنه سئل : أي الناس أكرم ؟ فقال : " أتقاهم لله " . قيل : ليس عن هذا نسألك [32] . قال : " يوسف نبي الله بن يعقوب نبي الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله " .
قيل : ليس عن هذا نسألك [33] . قال : " أفعن [34] معادن العرب تسألوني [35] ؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "
[36] .
بين لهم أولا : أن
nindex.php?page=treesubj&link=19863أكرم الخلق عند الله أتقاهم ، وإن لم يكن ابن نبي ولا أبا نبي ،
فإبراهيم النبي - صلى الله عليه وسلم - أكرم على الله من
يوسف ، وإن كان أبوه
آزر ، وهذا أبوه
يعقوب . وكذلك
نوح أكرم على الله من
إسرائيل ، وإن كان هذا أولاده أنبياء ، وهذا أولاده ليسوا بأنبياء .
فلما ذكروا أنه ليس مقصودهم إلا الأنساب ، قال لهم : فأكرم أهل الأنساب من انتسب إلى الأنبياء ، وليس في ولد
آدم مثل
يوسف ; فإنه نبي ابن نبي ابن نبي .
فلما أشاروا إلى أنه ليس مقصودهم إلا ما يتعلق بهم ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=661782أفعن معادن العرب تسألوني ؟ الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " بين أن الأنساب كالمعادن ، فإن الرجل يتولد منه كما يتولد من المعدن الذهب والفضة .
[ ص: 216 ] ولا ريب أن الأرض التي تنبت الذهب أفضل من الأرض التي تنبت الفضة . فهكذا من عرف أنه يلد الأفاضل ، كان أولاده أفضل ممن عرف أنه يلد المفضول . لكن هذا سبب ومظنة وليس هو لازما ; فربما تعطلت أرض الذهب ، وربما قل نبتها ; فحينئذ تكون أرض الفضة أحب إلى الإنسان من أرض معطلة . والفضة الكثيرة أحب إليهم من ذهب قليل لا يماثلها في القدر .
فلهذا كان أهل الأنساب
[37] الفاضلة يظن بهم الخير ، ويكرمون لأجل ذلك . فإذا تحقق من أحدهم
[38] خلاف ذلك ، كانت الحقيقة مقدمة على المظنة . وأما [ ما ]
[39] عند الله فلا يثبت على المظان ولا على الدلائل ، إنما يثبت على ما يعلمه هو من الأعمال الصالحة ، فلا يحتاج إلى دليل ، ولا يجتزئ بالمظنة .
فلهذا كان أكرم الخلق عنده أتقاهم
[40] . فإذا قدر
[41] تماثل اثنين عنده في التقوى ، تماثلا في الدرجة ، وإن كان أبو أحدهما أو ابنه أفضل من أبي الآخر أو ابنه ، لكن إن حصل له بسبب نسبه زيادة في التقوى كان أفضل لزيادة تقواه .
ولهذا حصل لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قنتن لله ورسوله وعملن صالحا ، لا لمجرد المصاهرة ، بل لكمال الطاعة . كما أنهن لو أتين بفاحشة مبينة لضوعف لهن العذاب ضعفين ; لقبح المعصية .
[ ص: 217 ] فإن ذا الشرف إذا ألزم نفسه التقوى ، كان تقواه أكمل من تقوى غيره . كما أن الملك إذا عدل كان عدله أعظم من عدل الرجل في أهله . ثم إن
nindex.php?page=treesubj&link=28272_27212الرجل إذا قصد الخير قصدا جازما [42] ، وعمل منه ما يقدر عليه ، كان له أجر كامل [43] .
كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=679267إن بالمدينة رجالا [44] ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " . قالوا : وهم في المدينة ؟ قال : " وهم بالمدينة ، حبسهم العذر "
[45] .
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=661839من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل أوزار من اتبعه ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا "
[46] . وهذا مبسوط في موضع آخر .
[ ص: 218 ] ولهذا لم يثن الله على أحد في القرآن بنسبه أصلا : لا على ولد نبي ، ولا على أبي نبي ، وإنما أثنى على الناس بإيمانهم وأعمالهم . وإذا ذكر صنفا وأثنى عليهم ; فلما فيهم من الإيمان والعمل ، لا لمجرد النسب .
ولما ذكر الأنبياء - ذكرهم في الأنعام - وهم ثمانية عشر قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=87ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) [ سورة الأنعام : 87 ] . فبهذا حصلت الفضيلة باجتبائه سبحانه وتعالى ، وهدايته إياهم إلى صراط مستقيم ، لا بنفس القرابة .
وقد يوجب النسب حقوقا ، ويوجب لأجله حقوقا ، ويعلق فيه أحكاما من الإيجاب والتحريم والإباحة ، لكن
nindex.php?page=treesubj&link=30512_19885الثواب والعقاب والوعد والوعيد على الأعمال لا على الأنساب .
ولما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) [ سورة آل عمران : 33 ] ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) [ سورة النساء : 54 ] ، كان هذا مدحا لهذا المعدن الشريف ، لما فيهم من الإيمان والعمل الصالح .
ومن لم يتصف بذلك منهم لم يدخل في المدح
[47] ، كما في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=26ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ) [ سورة الحديد : 26 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=113وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ) [ سورة الصافات : 113 ] .
[ ص: 219 ] وفي القرآن
nindex.php?page=treesubj&link=28811الثناء والمدح للصحابة بإيمانهم وأعمالهم في غير آية ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) [ سورة التوبة : 100 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) [ سورة الحديد : 10 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) [ سورة الفتح : 18 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) [ سورة الفتح : 4 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) [ سورة الحشر : 8 - 9 ] . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29محمد رسول الله والذين معه ) [ سورة الفتح : 29 ] الآية .
وهكذا في القرآن الثناء على المؤمنين من الأمة ، أولها وآخرها ، على المتقين والمحسنين ، والمقسطين والصالحين ، وأمثال هذه الأنواع .
وأما النسب ففي القرآن إثبات حق لذوي القربى كما ذكروا هم في
[ ص: 220 ] آية الخمس والفيء . وفي القرآن أمر لهم
[48] بما يذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا . وفي القرآن الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد فسر ذلك بأن يصلى عليه وعلى آله . وفي القرآن الأمر بمحبة الله ومحبة رسوله ، ومحبة أهله من تمام محبته . وفي القرآن أن أزواجه أمهات المؤمنين .
وليس في القرآن مدح أحد لمجرد كونه من ذوي القربى وأهل البيت ، ولا الثناء عليهم بذلك ، ولا ذكر استحقاقه الفضيلة عند الله بذلك ، ولا تفضيله على من يساويه في التقوى بذلك .
وإن كان قد ذكر ما ذكره من اصطفاء آل
إبراهيم واصطفاء
بني إسرائيل ، فذاك أمر ماض ، فأخبرنا به في
[49] جعله عبرة لنا ، فبين مع ذلك أن الجزاء والمدح بالأعمال .
ولهذا ذكر ما ذكره من اصطفاء
بني إسرائيل ، وذكر ما ذكره من كفر من كفر منهم وذنوبهم وعقوبتهم ، فذكر فيهم النوعين : الثواب والعقاب .
وهذا من تمام تحقيق أن النسب الشريف قد يقترن به المدح تارة إن كان صاحبه من أهل الإيمان والتقوى ، وإلا فإن ذم صاحبه أكثر ، كما كان الذم لمن ذم من
بني إسرائيل وذرية
إبراهيم ، وكذلك المصاهرة .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) [ سورة التحريم : 10 - 11 ] .
( فَصْلٌ )
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : " الثَّانِي عَشَرَ : الْفَضَائِلُ : إِمَّا نَفْسَانِيَّةٌ : أَوْ بَدَنِيَّةٌ : أَوْ خَارِجِيَّةٌ . وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ : فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بِالشَّخْصِ نَفْسِهِ ، أَوْ بِغَيْرِهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=8وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ جَمَعَ
[2] [ ص: 212 ] الْكُلَّ . أَمَّا فَضَائِلُهُ
[3] النَّفْسَانِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ - كَعِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَكَرَمِهِ وَحِلْمِهِ - فَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى
[4] ، وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِغَيْرِهِ كَذَلِكَ ، كَظُهُورِ
[5] الْعُلُومِ
[6] عَنْهُ ، وَاسْتِيفَاءِ
[7] غَيْرِهِ مِنْهُ . وَكَذَا فَضَائِلُهُ
[8] الْبَدَنِيَّةُ كَالْعِبَادَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالصَّدَقَةِ . وَأَمَّا الْخَارِجِيَّةُ كَالنَّسَبِ فَلَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ أَحَدٌ ; لِقُرْبِهِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[9] - وَتَزْوِيجِهِ إِيَّاهُ بِابْنَتِهِ
[10] سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .
وَقَدْ رَوَى
أَخْطَبُ [11] خَوَارَزْمَ مِنْ كِتَابِ " السُّنَّةِ "
[12] بِإِسْنَادِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ قَالَ :
لَمَّا تَزَوَّجَ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ زَوَّجَهَا اللَّهُ إِيَّاهُ [13] مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ ، وَكَانَ الْخَاطِبُ جِبْرِيلَ [14] ، وَكَانَ مِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ فِي [ ص: 213 ] سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ شُهُودًا ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى شَجَرَةِ طُوبَى : انْثُرِي مَا فِيكِ مِنَ الدُّرِّ وَالْجَوْهَرِ [15] ، فَفَعَلَتْ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُورِ الْعِينِ أَنِ الْقُطْنَ ، فَلَقَطْنَ مِنْهُنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [16] ، وَأَوْرَدَ أَخْبَارًا كَثِيرَةً فِي ذَلِكَ .
وَكَانَ أَوْلَادُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَشْرَفَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَ أَبِيهِمْ [17] . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ [18] قَالَ :
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ [19] بِيَدِ nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ [20] هَذَا nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ nindex.php?page=showalam&ids=17 [21] ، أَلَا فَاعْرِفُوهُ وَفَضِّلُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَجَدُّهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ جَدِّ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ [22] ، هَذَا nindex.php?page=showalam&ids=17الْحُسَيْنُ جَدُّهُ [23] فِي الْجَنَّةِ ، وَجَدَّتُهُ فِي الْجَنَّةِ ، ( * وَأُمُّهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَبُوهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَخَالُهُ فِي الْجَنَّةِ وَخَالَتُهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَعَمُّهُ فِي الْجَنَّةِ ، [ ص: 214 ] وَعَمَّتُهُ فِي الْجَنَّةِ [24] ، وَأَخُوهُ فِي الْجَنَّةِ * ) [25] ، وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ، وَمُحِبُّوهُ [26] فِي الْجَنَّةِ ، وَمُحِبُّو مُحِبِّيهِمْ فِي الْجَنَّةِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ [27] قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=912096بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَرَأَيْتُ عِنْدَهُ [28] شَخْصًا ، فَقَالَ لِي : هَلْ رَأَيْتَ [29] ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : هَذَا [30] مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلْ إِلَيَّ مُنْذُ بُعِثْتُ ، أَتَانِي مِنَ اللَّهِ ، فَبَشَّرَنِي أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنَ nindex.php?page=showalam&ids=17وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ فَاضِلًا عَالِمًا ، حَتَّى ادَّعَى قَوْمٌ فِيهِ الْإِمَامَةَ " .
وَالْجَوَابُ : أَمَّا الْأُمُورُ الْخَارِجِيَّةُ
[31] عَنْ نَفْسِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى ، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا فَضِيلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِهَا الْفَضِيلَةُ عِنْدَ اللَّهِ إِذَا كَانَتْ مُعِينَةً عَلَى ذَلِكَ ; فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْوَسَائِلِ لَا الْمَقَاصِدِ ، كَالْمَالِ وَالسُّلْطَانِ ، وَالْقُوَّةِ وَالصِّحَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا يُفَضَّلُ بِهَا الرَّجُلُ عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا إِذَا أَعَانَتْهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ بِحَسَبِ مَا يُعِينُهُ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 13 ] .
[ ص: 215 ] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=654321أَنَّهُ سُئِلَ : أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ فَقَالَ : " أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ " . قِيلَ : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ [32] . قَالَ : " يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ نَبِيِّ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ " .
قِيلَ : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ [33] . قَالَ : " أَفَعَنْ [34] مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي [35] ؟ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا "
[36] .
بَيَّنَ لَهُمْ أَوَّلًا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19863أَكْرَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ ابْنَ نَبِيٍّ وَلَا أَبَا نَبِيٍّ ،
فَإِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ
يُوسُفَ ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ
آزَرَ ، وَهَذَا أَبُوهُ
يَعْقُوبُ . وَكَذَلِكَ
نُوحٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ
إِسْرَائِيلَ ، وَإِنْ كَانَ هَذَا أَوْلَادُهُ أَنْبِيَاءَ ، وَهَذَا أَوْلَادُهُ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ .
فَلَمَّا ذَكَرُوا أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ إِلَّا الْأَنْسَابَ ، قَالَ لَهُمْ : فَأَكْرَمُ أَهْلِ الْأَنْسَابِ مَنِ انْتَسَبَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَلَيْسَ فِي وَلَدِ
آدَمَ مِثْلُ
يُوسُفَ ; فَإِنَّهُ نَبِيٌّ ابْنُ نَبِيٍّ ابْنِ نَبِيٍّ .
فَلَمَّا أَشَارُوا إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُمْ إِلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ ، قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=661782أَفَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي ؟ النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا " بَيَّنَ أَنَّ الْأَنْسَابَ كَالْمَعَادِنِ ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ كَمَا يَتَوَلَّدُ مِنَ الْمَعْدِنِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ .
[ ص: 216 ] وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تُنْبِتُ الذَّهَبَ أَفْضَلُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي تُنْبِتُ الْفِضَّةَ . فَهَكَذَا مَنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَلِدُ الْأَفَاضِلَ ، كَانَ أَوْلَادُهُ أَفْضَلَ مِمَّنْ عَرَفَ أَنَّهُ يَلِدُ الْمَفْضُولَ . لَكِنَّ هَذَا سَبَبٌ وَمَظِنَّةٌ وَلَيْسَ هُوَ لَازِمًا ; فَرُبَّمَا تَعَطَّلَتْ أَرْضُ الذَّهَبِ ، وَرُبَّمَا قَلَّ نَبْتُهَا ; فَحِينَئِذٍ تَكُونُ أَرْضُ الْفِضَّةِ أَحَبَّ إِلَى الْإِنْسَانِ مِنْ أَرْضٍ مُعَطَّلَةٍ . وَالْفِضَّةُ الْكَثِيرَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ ذَهَبٍ قَلِيلٍ لَا يُمَاثِلُهَا فِي الْقَدْرِ .
فَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْأَنْسَابِ
[37] الْفَاضِلَةِ يُظَنُّ بِهِمُ الْخَيْرُ ، وَيُكْرَمُونَ لِأَجْلِ ذَلِكَ . فَإِذَا تَحَقَّقَ مِنْ أَحَدِهِمْ
[38] خِلَافُ ذَلِكَ ، كَانَتِ الْحَقِيقَةُ مُقَدَّمَةً عَلَى الْمَظِنَّةِ . وَأَمَّا [ مَا ]
[39] عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يَثْبُتُ عَلَى الْمَظَانِّ وَلَا عَلَى الدَّلَائِلِ ، إِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ هُوَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ، وَلَا يَجْتَزِئُ بِالْمَظِنَّةِ .
فَلِهَذَا كَانَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عِنْدَهُ أَتْقَاهُمْ
[40] . فَإِذَا قُدِّرَ
[41] تَمَاثُلُ اثْنَيْنِ عِنْدَهُ فِي التَّقْوَى ، تَمَاثُلًا فِي الدَّرَجَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَبُو أَحَدِهِمَا أَوِ ابْنُهُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي الْآخَرِ أَوِ ابْنِهِ ، لَكِنْ إِنْ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ نَسَبِهِ زِيَادَةٌ فِي التَّقْوَى كَانَ أَفْضَلَ لِزِيَادَةِ تَقْوَاهُ .
وَلِهَذَا حَصَلَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا قَنَتْنَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَعَمِلْنَ صَالِحًا ، لَا لِمُجَرَّدِ الْمُصَاهَرَةِ ، بَلْ لِكَمَالِ الطَّاعَةِ . كَمَا أَنَّهُنَّ لَوْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ لَضُوعِفَ لَهُنَّ الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ; لِقُبْحِ الْمَعْصِيَةِ .
[ ص: 217 ] فَإِنَّ ذَا الشَّرَفِ إِذَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ التَّقْوَى ، كَانَ تَقْوَاهُ أَكْمَلَ مِنْ تَقْوَى غَيْرِهِ . كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا عَدَلَ كَانَ عَدْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ عَدْلِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ . ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28272_27212الرَّجُلَ إِذَا قَصَدَ الْخَيْرَ قَصْدًا جَازِمًا [42] ، وَعَمِلَ مِنْهُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ [43] .
كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=679267إِنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا [44] مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ " . قَالُوا : وَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ "
[45] .
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=661839مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْوِزْرِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا "
[46] . وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
[ ص: 218 ] وَلِهَذَا لَمْ يُثْنِ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ فِي الْقُرْآنِ بِنَسَبِهِ أَصْلًا : لَا عَلَى وَلَدِ نَبِيٍّ ، وَلَا عَلَى أَبِي نَبِيٍّ ، وَإِنَّمَا أَثْنَى عَلَى النَّاسِ بِإِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ . وَإِذَا ذَكَرَ صِنْفًا وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ ; فَلِمَا فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ ، لَا لِمُجَرَّدِ النَّسَبِ .
وَلَمَّا ذَكَرَ الْأَنْبِيَاءَ - ذَكَرَهُمْ فِي الْأَنْعَامِ - وَهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=87وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ : 87 ] . فَبِهَذَا حَصَلَتِ الْفَضِيلَةُ بِاجْتِبَائِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ، لَا بِنَفْسِ الْقَرَابَةِ .
وَقَدْ يُوجِبُ النَّسَبُ حُقُوقًا ، وَيُوجِبُ لِأَجْلِهِ حُقُوقًا ، وَيُعَلِّقُ فِيهِ أَحْكَامًا مِنَ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ ، لَكِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30512_19885الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ عَلَى الْأَعْمَالِ لَا عَلَى الْأَنْسَابِ .
وَلَمَّا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=33إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 33 ] ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 54 ] ، كَانَ هَذَا مَدْحًا لِهَذَا الْمَعْدِنِ الشَّرِيفِ ، لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ .
وَمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِذَلِكَ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَدْحِ
[47] ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=26وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ) [ سُورَةُ الْحَدِيدِ : 26 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=113وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) [ سُورَةُ الصَّافَّاتِ : 113 ] .
[ ص: 219 ] وَفِي الْقُرْآنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28811الثَّنَاءُ وَالْمَدْحُ لِلصَّحَابَةِ بِإِيمَانِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ فِي غَيْرِ آيَةٍ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) [ سُورَةُ التَّوْبَةِ : 100 ] .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) [ سُورَةُ الْحَدِيدِ : 10 ] .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=18لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 18 ] .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=4هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 4 ] .
وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=8لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) [ سُورَةُ الْحَشْرِ : 8 - 9 ] . وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) [ سُورَةُ الْفَتْحِ : 29 ] الْآيَةَ .
وَهَكَذَا فِي الْقُرْآنِ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأُمَّةِ ، أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا ، عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ ، وَالْمُقْسِطِينَ وَالصَّالِحِينَ ، وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ .
وَأَمَّا النَّسَبُ فَفِي الْقُرْآنِ إِثْبَاتُ حَقٍّ لِذَوِي الْقُرْبَى كَمَا ذُكِرُوا هُمْ فِي
[ ص: 220 ] آيَةِ الْخُمْسِ وَالْفَيْءِ . وَفِي الْقُرْآنِ أَمْرٌ لَهُمْ
[48] بِمَا يُذْهِبُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَيُطَهِّرُهُمْ تَطْهِيرًا . وَفِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ فُسِّرَ ذَلِكَ بِأَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ . وَفِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ ، وَمَحَبَّةُ أَهْلِهِ مِنْ تَمَامِ مَحَبَّتِهِ . وَفِي الْقُرْآنِ أَنَّ أَزْوَاجَهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ .
وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَدْحُ أَحَدٍ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَهْلِ الْبَيْتِ ، وَلَا الثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ، وَلَا ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِهِ الْفَضِيلَةَ عِنْدَ اللَّهِ بِذَلِكَ ، وَلَا تَفْضِيلُهُ عَلَى مَنْ يُسَاوِيهِ فِي التَّقْوَى بِذَلِكَ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اصْطِفَاءِ آلِ
إِبْرَاهِيمَ وَاصْطِفَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَذَاكَ أَمْرٌ مَاضٍ ، فَأَخْبَرَنَا بِهِ فِي
[49] جَعْلِهِ عِبْرَةً لَنَا ، فَبَيَّنَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَزَاءَ وَالْمَدْحَ بِالْأَعْمَالِ .
وَلِهَذَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اصْطِفَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كُفْرِ مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ وَذُنُوبِهِمْ وَعُقُوبَتِهِمْ ، فَذَكَرَ فِيهِمُ النَّوْعَيْنِ : الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ .
وَهَذَا مِنْ تَمَامِ تَحْقِيقِ أَنَّ النَّسَبَ الشَّرِيفَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ الْمَدْحُ تَارَةً إِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى ، وَإِلَّا فَإِنَّ ذَمَّ صَاحِبِهِ أَكْثَرُ ، كَمَا كَانَ الذَّمُّ لِمَنْ ذُمَّ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَذُرِّيَّةِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَكَذَلِكَ الْمُصَاهَرَةُ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) [ سُورَةُ التَّحْرِيمِ : 10 - 11 ] .