فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=30179_28763ومن الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ،
nindex.php?page=treesubj&link=28763فيؤمنون بفتنة القبر ، وبعذاب القبر ونعيمه ، فأما الفتنة ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=32927الناس يمتحنون في قبورهم ، فيقال للرجل : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، فيقول المؤمن : ربي الله ، والإسلام ديني ، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيي ، وأما المرتاب ، فيقول : هاه هاه ؛ لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ،
[ ص: 62 ] فيضرب بمرزبة من حديد ، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان ، ولو سمعها الإنسان لصعق ، ثم بعد هذه الفتنة إما نعيم وإما عذاب ، إلى أن تقوم القيامة الكبرى ، فتعاد الأرواح إلى الأجساد .
nindex.php?page=treesubj&link=30337وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه ، وعلى لسان رسوله ، وأجمع عليها المسلمون ، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلا ، وتدنو منهم الشمس ، ويلجمهم العرق ، فتنصب الموازين ، فتوزن بها أعمال العباد ،
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=102فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون .
وتنشر الدواوين ، وهي صحائف الأعمال ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ، كما قال سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا .
nindex.php?page=treesubj&link=30355ويحاسب الله الخلائق ، ويخلو بعبده المؤمن ، فيقرره بذنوبه ، كما وصف ذلك في الكتاب والسنة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30358الكفار فلا يحاسبون محاسبة من توزن حسناته وسيئاته ؛ فإنه لا حسنات لهم ، ولكن تعد أعمالهم ، فتحصى ، فيوقفون عليها ويقررون بها .
nindex.php?page=treesubj&link=28769_30447_30448وفي عرصات القيامة الحوض المورود للنبي صلى الله عليه وسلم ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، آنيته عدد نجوم السماء ، طوله شهر ، وعرضه شهر ، من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدا .
[ ص: 63 ] nindex.php?page=treesubj&link=30367_30368والصراط منصوب على متن جهنم ، وهو الجسر الذي بين الجنة والنار ، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم ، فمنهم من يمر كلمح البصر ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالفرس الجواد ، ومنهم من يمر كركاب الإبل ، ومنهم من يعدو عدوا ، ومنهم من يمشي مشيا ، ومنهم من يزحف زحفا ، ومنهم من يخطف خطفا ويلقى في جهنم ؛ فإن الجسر عليه كلاليب تخطف الناس بأعمالهم ، فمن مر على الصراط دخل الجنة .
فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص لبعضهم من بعض ، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة .
nindex.php?page=treesubj&link=31047وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأول من يدخل الجنة من الأمم أمته .
nindex.php?page=treesubj&link=25036_30373وله صلى الله عليه وسلم في القيامة ثلاث شفاعات : أما الشفاعة الأولى فيشفع في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء ؛
آدم ،
ونوح ،
وإبراهيم ،
وموسى ،
وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه .
وأما الشفاعة الثانية فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة .
وهاتان الشفاعتان خاصتان له .
وأما الشفاعة الثالثة فيشفع فيمن استحق النار ، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم ، فيشفع فيمن استحق النار ألا يدخلها ، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها .
nindex.php?page=treesubj&link=30379_30444ويخرج الله من النار أقواما بغير شفاعة ؛ بل بفضله ورحمته ، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا ، فينشئ الله لها أقواما فيدخلهم الجنة .
[ ص: 64 ] وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء ، والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء ، وفي العلم الموروث عن
محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يشفي ويكفي ، فمن ابتغاه وجده .
nindex.php?page=treesubj&link=28776وتؤمن الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره .
nindex.php?page=treesubj&link=28780والإيمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين .
فالدرجة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=28781الإيمان بأن الله تعالى عليم بالخلق ، وهم عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلا وأبدا ، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال ، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ مقادير الخلق ، فأول ما خلق الله القلم قال له : اكتب ، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، جفت الأقلام ، وطويت الصحف ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=70ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير وهذا التقدير التابع لعلمه سبحانه يكون في مواضع جملة وتفصيلا : فقد كتب في اللوح المحفوظ ما شاء ، وإذا خلق جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث إليه ملكا ، فيؤمر بأربع كلمات ، فيقال له : اكتب : رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ، ونحو ذلك ، فهذا التقدير قد كان ينكره غلاة القدرية قديما ، ومنكره اليوم قليل .
[ ص: 65 ] وأما الدرجة الثانية ؛ فهي
nindex.php?page=treesubj&link=28783مشيئة الله النافذة ، وقدرته الشاملة ، وهو : الإيمان بأن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه ما في السماوات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه ، لا يكون في ملكه ما لا يريد ، وأنه سبحانه على كل شيء قدير من الموجودات والمعدومات ، ما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه ، لا خالق غيره ، ولا رب سواه ، ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ، ونهاهم عن معصيته .
nindex.php?page=treesubj&link=29700_29695وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ، ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ولا يحب الكافرين ، ولا يرضى عن القوم الفاسقين ، ولا يأمر بالفحشاء ، ولا يرضى لعباده الكفر ، ولا يحب الفساد .
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658والعباد فاعلون حقيقة ، والله خلق أفعالهم ، والعبد هو : المؤمن ، والكافر ، والبر ، والفاجر ، والمصلي ، والصائم .
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة ، والله خالقهم وقدرتهم وإرادتهم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=28لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين .
وهذه الدرجة من القدر يكذب بها عامة القدرية الذين سماهم النبي صلى الله عليه وسلم : مجوس هذه الأمة ، ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات ، حتى سلبوا العبد قدرته واختياره ، ويخرجون عن أفعال الله وأحكامه حكمها ومصالحها .
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=30179_28763وَمِنَ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28763فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ ، وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ ، فَأَمَّا الْفِتْنَةُ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32927النَّاسَ يُمْتَحَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ ، فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ ؟ فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، وَالْإِسْلَامُ دِينِي ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّي ، وَأَمَّا الْمُرْتَابُ ، فَيَقُولُ : هَاهْ هَاهْ ؛ لَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ،
[ ص: 62 ] فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الْإِنْسَانَ ، وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ لَصُعِقَ ، ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْفِتْنَةِ إِمَّا نَعِيمٌ وَإِمَّا عَذَابٌ ، إِلَى أَنْ تَقُومَ الْقِيَامَةُ الْكُبْرَى ، فَتُعَادُ الْأَرْوَاحُ إِلَى الْأَجْسَادِ .
nindex.php?page=treesubj&link=30337وَتَقُومُ الْقِيَامَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ ، فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ ، وَيُلْجِمُهُمُ الْعَرَقُ ، فَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ ، فَتُوزَنُ بِهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=102فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ .
وَتُنْشَرُ الدَّوَاوِينُ ، وَهِيَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ ، فَآخِذٌ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ، وَآخِذٌ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=13وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا .
nindex.php?page=treesubj&link=30355وَيُحَاسِبُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ ، وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ ، كَمَا وَصَفَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30358الْكُفَّارُ فَلَا يُحَاسَبُونَ مُحَاسَبَةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسَيِّئَاتُهُ ؛ فَإِنَّهُ لَا حَسَنَاتِ لَهُمْ ، وَلَكِنْ تُعَدُّ أَعْمَالُهُمْ ، فَتُحْصَى ، فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا وَيُقَرَّرُونَ بِهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28769_30447_30448وَفِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ الْحَوْضُ الْمَوْرُودُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ، آنِيَتُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ ، طُولُهُ شَهْرٌ ، وَعَرْضُهُ شَهْرٌ ، مَنْ يَشْرَبُ مِنْهُ شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا .
[ ص: 63 ] nindex.php?page=treesubj&link=30367_30368وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ ، وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، يَمُرُّ النَّاسُ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَرِكَابِ الْإِبِلِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْوًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَشْيًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْطَفُ خَطْفًا وَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ ؛ فَإِنَّ الْجِسْرَ عَلَيْهِ كَلَالِيبُ تَخْطِفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ دَخَلَ الْجَنَّةَ .
فَإِذَا عَبَرُوا عَلَيْهِ وُقِفُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ ، فَإِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=31047وَأَوَّلُ مَنْ يَسْتَفْتِحُ بَابَ الْجَنَّةِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْأُمَمِ أُمَّتُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=25036_30373وَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ : أَمَّا الشَّفَاعَةُ الْأُولَى فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ الْأَنْبِيَاءُ ؛
آدَمُ ،
وَنُوحٌ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
وَمُوسَى ،
وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَنِ الشَّفَاعَةِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهِ .
وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ .
وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَانِ خَاصَّتَانِ لَهُ .
وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ فَيَشْفَعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ ، وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَلِسَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ ، فَيَشْفَعُ فِيمَنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ أَلَّا يَدْخُلَهَا ، وَيَشْفَعُ فِيمَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا .
nindex.php?page=treesubj&link=30379_30444وَيُخْرِجُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَقْوَامًا بِغَيْرِ شَفَاعَةٍ ؛ بَلْ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ، وَيَبْقَى فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ عَمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا أَقْوَامًا فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ .
[ ص: 64 ] وَأَصْنَافُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الدَّارُ الْآخِرَةُ مِنَ الْحِسَابِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَتَفَاصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ ، وَالْآثَارِ مِنَ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَفِي الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي ، فَمَنِ ابْتَغَاهُ وَجَدَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28776وَتُؤْمِنُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28780وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ .
فَالدَّرَجَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28781الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِيمٌ بِالْخَلْقِ ، وَهُمْ عَامِلُونَ بِعِلْمِهِ الْقَدِيمِ الَّذِي هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا ، وَعِلْمِ جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ ، ثُمَّ كَتَبَ اللَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ ، فَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ قَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قَالَ : مَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الِقْيَامَةِ ، فَمَا أَصَابَ الْإِنْسَانَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ ، جَفَّتِ الْأَقْلَامُ ، وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=70أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وَهَذَا التَّقْدِيرُ التَّابِعُ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ يَكُونُ فِي مَوَاضِعَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا : فَقَدْ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا شَاءَ ، وَإِذَا خَلَقَ جَسَدَ الْجَنِينِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكًا ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، فَيُقَالُ لَهُ : اكْتُبْ : رِزْقَهُ ، وَأَجَلَهُ ، وَعَمَلَهُ ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهَذَا التَّقْدِيرُ قَدْ كَانَ يُنْكِرُهُ غُلَاةُ الْقَدَرِيَّةِ قَدِيمًا ، وَمُنْكِرُهُ الْيَوْمَ قَلِيلٌ .
[ ص: 65 ] وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ؛ فَهِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=28783مَشِيئَةُ اللَّهِ النَّافِذَةُ ، وَقُدْرَتُهُ الشَّامِلَةُ ، وَهُوَ : الْإِيمَانُ بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ، وَأَنَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَرَكَةٍ وَلَا سُكُونٍ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، لَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ ، مَا مِنْ مَخْلُوقٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ إِلَّا اللَّهُ خَالِقُهُ سُبْحَانَهُ ، لَا خَالِقَ غَيْرُهُ ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَمَرَ الْعِبَادَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رُسُلِهِ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29700_29695وَهُوَ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالْمُقْسِطِينَ ، وَيَرْضَى عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، وَلَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ، وَلَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ، وَلَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ، وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ، وَلَا يُحِبُّ الْفَسَادَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658وَالْعِبَادُ فَاعِلُونَ حَقِيقَةً ، وَاللَّهُ خَلَقَ أَفْعَالَهُمْ ، وَالْعَبْدُ هُوَ : الْمُؤْمِنُ ، وَالْكَافِرُ ، وَالْبَرُّ ، وَالْفَاجِرُ ، وَالْمُصَلِّي ، وَالصَّائِمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28785_29658وَلِلْعِبَادِ قُدْرَةٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، وَلَهُمْ إِرَادَةٌ ، وَاللَّهُ خَالِقُهُمْ وَقُدْرَتَهُمْ وَإِرَادَتَهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=28لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ .
وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ مِنَ الْقَدَرِ يُكَذِّبُ بِهَا عَامَّةُ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَيَغْلُو فِيهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ ، حَتَّى سَلَبُوا الْعَبْدَ قُدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ ، وَيُخْرِجُونَ عَنْ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ حِكَمَهَا وَمَصَالِحَهَا .