nindex.php?page=treesubj&link=32079_33177_33953_34513_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا عطف على نظيره السابق وقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=25مما خطيئاتهم إلخ اعتراض وسط بين دعائه عليه السلام للإيذان من أول الأمر بأن ما أصابهم من الإغراق والإحراق لم يصبهم إلا لأجل خطيئاتهم التي عدها
نوح عليه السلام وأشار إلى استحقاقهم للهلاك لأجلها لا أنه حكاية لنفس الإغراق والإحراق على طريقة حكاية ما جرى بينه عليه السلام وبينهم من الأحوال والأقوال وإلا لأخر عن حكاية دعائه هذا قاله مفتي الديار الرومية عليه الرحمة . .
وما قيل إنه عطف على لم يجدوا أو على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=25مما خطيئاتهم إلخ وليس المراد حقيقة الدعاء بل التشفي وإظهار الرضا بما كان من هلاكهم بعيد غاية البعد والمعروف أن هذا الدعاء كان قبل هلاكهم والديار من الأسماء التي لا تستعمل إلا في النفي العام يقال: ما بالدار ديار أو ديور كقيام وقيوم أي ما بها أحد وهو فيعال من الدار أو من الدور كأنه قيل
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26لا تذر على الأرض من الكافرين من يسكن دارا أو لا تذر عليها منهم من يدور ويتحرك وأصله ديوار اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وليس بفعال وإلا لكان دوارا إذ لا داعي للقلب حينئذ ( ومن الكافرين ) حال منه ولو أخر كان صفة له والمراد بالكافرين قومه الذين دعاهم إلى الإيمان والطاعة فلم يجيبوا فإن
[ ص: 80 ] كان الناس منتشرين في مشارق الأرض ومغاربها نحو انتشارهم اليوم وكانت بعثته لبعض منهم كسكان
جزيرة العرب ومن يقرب منهم فذاك وإن كانوا غير منتشرين كذلك بل كانوا في
الجزيرة وقريبا منها فإن كانت البعثة لبعضهم أيضا فكذلك وإن كانت لكلهم فقد استشكل بأنه يلزم عموم البعثة .
وقد قالوا بأنه مخصوص بنبينا صلى الله عليه وسلم وأجيب بأن ذلك العموم ليس كعموم بعثته صلى الله عليه وسلم بل لانحصار أهل الأرض في قطعة منها فهو انحصار ضروري وليس عموما من كل وجه، وهذا نحو ما يقال في بعثة
آدم عليه السلام إلى زوجته وأولاده فإنهم حينئذ ليسوا إلا كأهل بيت واحد على أنه قيل لا إشكال ولو قلنا بانتشار الناس إذ ذاك كانتشارهم اليوم وإرساله إليهم جميعا لأن العموم المخصوص بنبينا عليه الصلاة والسلام هو العموم المندرج فيه الإنس والجن إلى يوم القيامة بل الملائكة عليهم السلام بل وبل والمشهور أنه عليه السلام كان مبعوثا لجميع أهل الأرض وأنه ما آمن منهم إلا قليل واستدل عليه بهذا الدعاء وعموم الطوفان وتعقب بأن الأرض كثيرا ما تطلق على قطعة منها فيحتمل أن تكون هنا كذلك سلمنا إرادة الجميع لكن الدعاء على الكافرين وهم من بعث إليهم فدعاهم ولم يجيبوه وكونهم من عدا أهل السفينة أول المسألة والطوفان لا نسلم عمومه وإن سلم لا يقتضي أن يكون كل من غرق به مكلفا بالإيمان به عليه السلام عاصيا بتركه، فالبلاء قد يعم الصالح والطالح لكن يصدرون مصادر شتى كما ورد في حديث خسف
البيداء ويرشد إلى هذا أن أولادهم قد أغرقوا على ما قيل معهم . .
وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن ذلك فقال: علم الله تعالى براءتهم فأهلكهم بغير عذاب . نعم الحكمة في إهلاك هؤلاء زيادة عذاب في آبائهم وأمهاتهم إذا أبصروا أطفالهم يغرقون وزعم بعضهم أن الله تعالى أعقم أرحام نسائهم وأيبس أصلاب رجالهم قبل الطوفان بأربعين أو سبعين سنة فلم يكن معهم صبي حين أغرقوا ويحتاج إلى نقل صحيح وحكم الله عز وجل لا تحصى فافهم .
nindex.php?page=treesubj&link=32079_33177_33953_34513_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا عَطْفٌ عَلَى نَظِيرِهِ السَّابِقِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=25مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ إِلَخِ اعْتِرَاضُ وَسَطٌ بَيْنَ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْإِيذَانِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِأَنَّ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْإِغْرَاقِ وَالْإِحْرَاقِ لَمْ يُصِبْهُمْ إِلَّا لِأَجْلِ خَطِيئَاتِهِمُ الَّتِي عَدَّهَا
نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَشَارَ إِلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ لِلْهَلَاكِ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّهُ حِكَايَةٌ لِنَفْسِ الْإِغْرَاقِ وَالْإِحْرَاقِ عَلَى طَرِيقَةِ حِكَايَةِ مَا جَرَى بَيْنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الْأَحْوَالِ وَالْأَقْوَالِ وَإِلَّا لَأُخِرَ عَنْ حِكَايَةِ دُعَائِهِ هَذَا قَالَهُ مُفْتِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ . .
وَمَا قِيلَ إِنَّهُ عَطْفٌ عَلَى لَمْ يَجِدُوا أَوْ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=25مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ إِلَخِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ بَلِ التَّشَفِّي وَإِظْهَارُ الرِّضَا بِمَا كَانَ مِنْ هَلَاكِهِمْ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ كَانَ قَبْلَ هَلَاكِهِمْ وَالدَّيَّارُ مِنَ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي النَّفْيِ الْعَامِّ يُقَالُ: مَا بِالدَّارِ دَيَّارٌ أَوْ دَيُّورٌ كَقَيَّامٍ وَقَيُّومٍ أَيْ مَا بِهَا أَحَدٌ وَهُوَ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّارِ أَوْ مِنَ الدَّوْرِ كَأَنَّهُ قِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ مَنْ يَسْكُنْ دَارًا أَوْ لَا تَذَرْ عَلَيْهَا مِنْهُمْ مَنْ يَدُورُ وَيَتَحَرَّكُ وَأَصْلُهُ دَيْوَارٌ اجْتَمَعَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتِ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَلَيْسَ بِفَعَّالٍ وَإِلَّا لَكَانَ دَوَّارًا إِذْ لَا دَاعِيَ لِلْقَلْبِ حِينَئِذٍ ( وَمِنَ الْكَافِرِينَ ) حَالٌ مِنْهُ وَلَوْ أُخِّرَ كَانَ صِفَةً لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِينَ قَوْمُهُ الَّذِينَ دَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ فَلَمْ يُجِيبُوا فَإِنْ
[ ص: 80 ] كَانَ النَّاسُ مُنْتَشِرِينَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا نَحْوَ انْتِشَارِهِمُ الْيَوْمَ وَكَانَتْ بِعْثَتُهُ لِبَعْضٍ مِنْهُمْ كَسُكَّانِ
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَمَنْ يَقْرُبُ مِنْهُمْ فَذَاكَ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُنْتَشِرِينَ كَذَلِكَ بَلْ كَانُوا فِي
الْجَزِيرَةِ وَقَرِيبًا مِنْهَا فَإِنْ كَانَتِ الْبِعْثَةُ لِبَعْضِهِمْ أَيْضًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لِكُلِّهِمْ فَقَدِ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عُمُومَ الْبِعْثَةِ .
وَقَدْ قَالُوا بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعُمُومَ لَيْسَ كَعُمُومِ بَعَثَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ لِانْحِصَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا فَهُوَ انْحِصَارٌ ضَرُورِيٌّ وَلَيْسَ عُمُومًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَذَا نَحْوَ مَا يُقَالُ فِي بِعْثَةِ
آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فَإِنَّهُمْ حِينَئِذٍ لَيْسُوا إِلَّا كَأَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ قِيلٌ لَا إِشْكَالَ وَلَوْ قُلْنَا بِانْتِشَارِ النَّاسِ إِذْ ذَاكَ كَانْتِشَارِهِمُ الْيَوْمَ وَإِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْعُمُومَ الْمَخْصُوصَ بِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الْعُمُومُ الْمُنْدَرِجُ فِيهِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ بَلِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ بَلْ وَبَلْ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَبْعُوثًا لِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَنَّهُ مَا آمَنَ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَعُمُومِ الطُّوفَانِ وَتُعَقِّبَ بِأَنَّ الْأَرْضَ كَثِيرًا مَا تُطْلَقُ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ سَلَّمْنَا إِرَادَةَ الْجَمِيعِ لَكِنَّ الدُّعَاءَ عَلَى الْكَافِرِينَ وَهُمْ مِنْ بُعَثَ إِلَيْهِمْ فَدَعَاهُمْ وَلَمْ يُجِيبُوهُ وَكَوْنُهُمْ مَنْ عَدَا أَهْلَ السَّفِينَةِ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ وَالطُّوفَانُ لَا نُسَلِّمُ عُمُومَهُ وَإِنَّ سُلِّمَ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ غَرِقَ بِهِ مُكَلَّفًا بِالْإِيمَانِ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ، فَالْبَلَاءُ قَدْ يَعُمُّ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ لَكِنْ يَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ خَسْفِ
الْبَيْدَاءِ وَيُرْشِدُ إِلَى هَذَا أَنَّ أَوْلَادَهُمْ قَدْ أُغْرِقُوا عَلَى مَا قِيلَ مَعَهُمْ . .
وَقَدْ سُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَتَهُمْ فَأَهْلَكَهُمْ بِغَيْرِ عَذَابٍ . نَعَمُ الْحِكْمَةُ فِي إِهْلَاكِ هَؤُلَاءِ زِيَادَةُ عَذَابٍ فِي آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ إِذَا أَبْصَرُوا أَطْفَالَهُمْ يَغْرَقُونَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَقَمَ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ وَأَيْبَسَ أَصْلَابَ رِجَالِهِمْ قَبْلَ الطُّوفَانِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَبِيٌّ حِينَ أُغْرِقُوا وَيَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ وَحِكَمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تُحْصَى فَافْهَمْ .