وأخرج ابن أبي حاتم عن الأمير كرم الله تعالى وجهه أنه قال: هي خمسة أنجم: زحل وعطارد والمشتري وبهرام؛ يعني المريخ، والزهرة، والخنس الرواجع من خنس إذا تأخر.
ووصفت بما ذكر في الآية لأنها تجري مع الشمس والقمر وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها بحسب الرؤية وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها، وتسمى المتحيرة لاختلاف أحوالها في سيرها فيما يشاهد فلها استقامة ورجعة وإقامة، فبينما تراها تجري إلى جهة إذا بها راجعة تجري إلى خلاف تلك الجهة، وبينما تراها تجري إذا بها مقيمة لا تجري، وسبب ذلك على ما قال المتقدمون من أهل الهيئة كونها في تداوير في حوامل مختلفة الحركات على ما بين في موضعه وللمحدثين منهم النافين لما ذكر غير ذلك مما هو مذكور في كتبهم وهي مع الشمس والقمر يقال لها السيارات السبع؛ لأن سيرها بالحركة الخاصة مما لا يكاد يخفى على أحد بخلاف غيرها من الثوابت، وأخرج الخطيب في كتاب النجوم وابن مردويه عن ابن عباس أنها المرادة هنا ووصفها «بالخنس» بمعنى الرواجع قيل من باب التغليب؛ إذ لا رجعة للشمس ولا للقمر وبالخنس لاختفائها في مغيبها. وقيل: الوصفان باعتبار أنها تغيب عن العيون وتطلع في أماكنها على نحو ما تقدم على تقدير أن يكون المراد بها الكواكب جميعها، وكون السيارات هي هذه السبع هو المعروف عند المتقدمين من المنجمين، وأما اليوم فقد ضموا إليها كواكب أخرى يقال لها وستا وزونو وبالاس وسرس وأورنوس ويسمى هرسل وهو اسم المنجم الذي ظفر به بالرصد، وبينوا مقدار أقطارها وأبعادها وحركاتها ولولا مخافة التطويل لذكرت ذلك.
وعدوا من جملة السيارات الأرض بناء على زعمهم أن لها حركة حول الشمس، واشتهر أنهم لم يعدوا القمر منها لكونه من توابع الأرض بزعمهم، وأخرج الحاكم وصححه وجماعة من طرق عن ابن مسعود أنها بقر الوحش، وأخرج نحوه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وعبد بن حميد عن مجاهد وأبي ميسرة والحسن وحكاه في البحر عن النخعي وجابر بن زيد وجماعة. وأخرج ابن جرير عن الحبر أنها الظباء، وروي ذلك أيضا عن ابن جبير والضحاك قالوا: و «الخنس» تأخر الأنف عن الشفة مع ارتفاع قليل من الأرنبة، وتوصف به بقر الوحش والظباء ومنه قول بعض المولدين:
ما سلم الظبي على حسنه كلا ولا البدر الذي يوصف فالظبي فيه خنس بين
والبدر فيه كلف يعرف


