[ ص: 1685 ] المجلد الثامن من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان من به الله على عبده وابن عبده وابن أمته عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي.
[ ص: 1686 ] [ ص: 1687 ] تفسير سورة الحجرات
وهي مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=19860_28723_32461_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم nindex.php?page=treesubj&link=30515_31155_32338_32359_32461_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون nindex.php?page=treesubj&link=29680_29694_30538_32458_32461_32610_34141_34296_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم
هذا متضمن للأدب، مع الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعظيم، والاحترام له، وإكرامه، فأمر الله عباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان، بالله ورسوله، من امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وأن يكونوا ماشين، خلف أوامر الله، متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جميع أمورهم، و أن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، فلا يقولوا، حتى يقول، ولا يأمروا، حتى يأمر، فإن هذا، حقيقة الأدب الواجب، مع الله ورسوله، وهو عنوان سعادة العبد وفلاحه، وبفواته، تفوته السعادة الأبدية، والنعيم السرمدي، وفي هذا، النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم، على قوله، فإنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان .
ثم أمر الله بتقواه عموما، وهي كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب: أن
nindex.php?page=treesubj&link=30491تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1إن الله سميع أي: لجميع الأصوات في جميع الأوقات، في خفي المواضع والجهات،
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1عليم بالظواهر والبواطن، والسوابق واللواحق، والواجبات والمستحيلات والجائزات .
وفي ذكر الاسمين
[ ص: 1688 ] الكريمين -بعد النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله، والأمر بتقواه- حث على
nindex.php?page=treesubj&link=30491امتثال تلك الأوامر الحسنة، والآداب المستحسنة، وترهيب عن ضده .
ثم قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول وهذا أدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في خطابه، أي:
nindex.php?page=treesubj&link=32461لا يرفع المخاطب له، صوته معه، فوق صوته، ولا يجهر له بالقول، بل يغض الصوت، ويخاطبه بأدب ولين، وتعظيم وتكريم، وإجلال وإعظام، ولا يكون الرسول كأحدهم، بل يميزوه في خطابهم، كما تميز عن غيره، في وجوب حقه على الأمة، ووجوب الإيمان به، والحب الذي لا يتم الإيمان إلا به، فإن في عدم القيام بذلك، محذورا، وخشية أن يحبط عمل العبد وهو لا يشعر، كما أن الأدب معه، من أسباب حصول الثواب وقبول الأعمال.
ثم مدح من غض صوته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن الله امتحن قلوبهم للتقوى، أي: ابتلاها واختبرها، فظهرت نتيجة ذلك، بأن صلحت قلوبهم للتقوى، ثم وعدهم المغفرة لذنوبهم، المتضمنة لزوال الشر والمكروه، والأجر العظيم، الذي لا يعلم وصفه إلا الله تعالى، وفي الأجر العظيم وجود المحبوب وفي هذا، دليل على أن الله يمتحن القلوب، بالأمر والنهي والمحن، فمن لازم أمر الله، واتبع رضاه، وسارع إلى ذلك، وقدمه على هواه، تمحض وتمحص للتقوى، وصار قلبه صالحا لها ومن لم يكن كذلك، علم أنه لا يصلح للتقوى.
[ ص: 1685 ] الْمُجَلَّدُ الثَّامِنُ مِنْ تَيْسِيرِ الْكَرِيمِ الرَّحْمَنِ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْمَنَّانِ مَنَّ بِهِ اللَّهُ عَلَى عَبْدِهِ وَابْنِ عَبْدِهِ وَابْنِ أُمَّتِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاصِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِيٍّ.
[ ص: 1686 ] [ ص: 1687 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=19860_28723_32461_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=30515_31155_32338_32359_32461_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29680_29694_30538_32458_32461_32610_34141_34296_29020nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=3إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ
هَذَا مُتَضَمِّنٌ لِلْأَدَبِ، مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّعْظِيمِ، وَالِاحْتِرَامِ لَهُ، وَإِكْرَامِهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، بِمَا يَقْتَضِيهِ الْإِيمَانُ، بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، مِنِ امْتِثَالِ أَوَامِرِ اللَّهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَأَنْ يَكُونُوا مَاشِينَ، خَلْفَ أَوَامِرِ اللَّهِ، مُتَّبِعِينَ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ، وَ أَنْ لَا يَتَقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَا يَقُولُوا، حَتَّى يَقُولَ، وَلَا يَأْمُرُوا، حَتَّى يَأْمُرَ، فَإِنَّ هَذَا، حَقِيقَةُ الْأَدَبِ الْوَاجِبِ، مَعَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُوَ عُنْوَانُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ وَفَلَاحِهِ، وَبِفَوَاتِهِ، تَفُوتُهُ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ، وَالنَّعِيمُ السَّرْمَدِيُّ، وَفِي هَذَا، النَّهْيُ الشَّدِيدُ عَنْ تَقْدِيمِ قَوْلٍ غَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ مَتَى اسْتَبَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَبَ اتِّبَاعُهَا، وَتَقْدِيمُهَا عَلَى غَيْرِهَا، كَائِنًا مَا كَانَ .
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ بِتَقْوَاهُ عُمُومًا، وَهِيَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16259طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ: أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30491تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَرْجُو ثَوَابَ اللَّهِ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ، عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ، تَخْشَى عِقَابَ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ أَيْ: لِجَمِيعِ الْأَصْوَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، فِي خَفْيِ الْمَوَاضِعِ وَالْجِهَاتِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=1عَلِيمٌ بِالظَّوَاهِرِ وَالْبَوَاطِنِ، وَالسَّوَابِقِ وَاللَّوَاحِقِ، وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلَاتِ وَالْجَائِزَاتِ .
وَفِي ذِكْرِ الِاسْمَيْنِ
[ ص: 1688 ] الْكَرِيمَيْنِ -بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالْأَمْرِ بِتَقْوَاهُ- حَثٌّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30491امْتِثَالِ تِلْكَ الْأَوَامِرِ الْحَسَنَةِ، وَالْآدَابِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، وَتَرْهِيبٌ عَنْ ضِدِّهِ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ وَهَذَا أَدِبٌّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي خِطَابِهِ، أَيْ:
nindex.php?page=treesubj&link=32461لَا يَرْفَعُ الْمُخَاطِبُ لَهُ، صَوْتَهُ مَعَهُ، فَوْقَ صَوْتِهِ، وَلَا يَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ، بَلْ يَغُضُّ الصَّوْتَ، وَيُخَاطِبُهُ بِأَدَبٍ وَلِينٍ، وَتَعْظِيمٍ وَتَكْرِيمٍ، وَإِجْلَالٍ وَإِعْظَامٍ، وَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ يُمَيِّزُوهُ فِي خِطَابِهِمْ، كَمَا تَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهِ، فِي وُجُوبِ حَقِّهِ عَلَى الْأُمَّةِ، وَوُجُوبِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَالْحُبِّ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ، فَإِنَّ فِي عَدَمِ الْقِيَامِ بِذَلِكَ، مَحْذُورًا، وَخَشْيَةَ أَنْ يُحْبَطَ عَمَلُ الْعَبْدِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، كَمَا أَنَّ الْأَدَبَ مَعَهُ، مِنْ أَسْبَابِ حُصُولِ الثَّوَابِ وَقَبُولِ الْأَعْمَالِ.
ثُمَّ مَدَحَ مَنْ غَضَّ صَوْتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّ اللَّهَ امْتَحَنَ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى، أَيِ: ابْتَلَاهَا وَاخْتَبَرَهَا، فَظَهَرَتْ نَتِيجَةُ ذَلِكَ، بِأَنْ صَلَحَتْ قُلُوبُهُمْ لِلتَّقْوَى، ثُمَّ وَعَدَهُمُ الْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِهِمُ، الْمُتَضَمِّنَةَ لِزَوَالِ الشَّرِّ وَالْمَكْرُوهِ، وَالْأَجْرِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَا يَعْلَمُ وَصْفَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي الْأَجْرِ الْعَظِيمِ وُجُودُ الْمَحْبُوبِ وَفِي هَذَا، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَمْتَحِنُ الْقُلُوبَ، بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْمِحَنِ، فَمَنْ لَازَمَ أَمْرَ اللَّهِ، وَاتَّبَعَ رِضَاهُ، وَسَارَعَ إِلَى ذَلِكَ، وَقَدَّمَهُ عَلَى هَوَاهُ، تَمَحَّضَ وَتَمَحَّصَ لِلتَّقْوَى، وَصَارَ قَلْبُهُ صَالِحًا لَهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلتَّقْوَى.