القول في تأويل قوله تعالى :
[36-]
nindex.php?page=treesubj&link=30355_32213_34091_34158_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا nindex.php?page=treesubj&link=18669_28195_31757_32502_32503_32633_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم أي : لا تتبعه في قول أو فعل ، تسنده إلى سمع أو بصر أو عقل . من : ( قفا أثره ) إذا تبعه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمراد النهي عن أن يقول الرجل ما لا يعلم ، وأن يعمل بما لا يعلم. ويدخل فيه النهي عن التقليد دخولا ظاهرا ؛ لأنه اتباع لما لا يعلم صحته من فساده . انتهى .
ولا يخفى ما يندرج تحت هذه الآية من أنواع كثيرة . كمذاهب الجاهلية في الإلهيات والتحريم والتحليل ، وكشهادة الزور ، والقذف ، ورمي المحصنات الغافلات ، والكذب ، وما شاكلها :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا أي : كان صاحبها مسئولا عما نسب إليها يوم القيامة . أو تسأل نفس الأعضاء لتشهد على صاحبها .
قال
المهايمي : قدم السمع ؛ لأن أكثر ما ينسب الناس أقوالهم إليه . وأخر الفؤاد ؛ لأنه منتهى الحواس . ولم يذكر بقيتها ؛ لأنه لا يخالفها قول أو فعل .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37ولا تمش في الأرض مرحا أي : مختالا ، أي : مشية المعجب المتكبر ؛ إذ لا يفيدك قوة ولا علوا . كما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37إنك لن تخرق الأرض أي : لن تجعل فيها خرقا بدوسك لها ، وشدة وطأتك :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37ولن تبلغ الجبال طولا أي : لن تحاذيها بتطاولك ومد قامتك ، كما
nindex.php?page=treesubj&link=32503يفعله المختال تكلفا . وفي هذا تهكم بالمختال ، وإيذان بأن ذلك مفاخرة مع الأرض وبعض أجزائها .
[ ص: 3929 ] قال
الناصر : وفي هذا التهكم والتقريع لمن يعتاد هذه المشية ، كفاية في الانزجار عنها . ولقد حفظ الله عوام زماننا عن هذه المشية ، وتورط فيها قراؤنا وفقهاؤنا . بينا أحدهم قد عرف مسألتين أو أجلس بين يديه طالبين ، أو شد طرفا من رياسة الدنيا ، إذا هو يتبختر في مشيه ، ويترجع ولا يرى أنه يطاول الجبال ، ولكن يحك بيافوخه عنان السماء ، كأنهم يمرون عليها وهم عنها معرضون . وماذا يفيده أن يقرأ القرآن أو يقرأ عليه ، وقلبه عن تدبره على مراحل . والله ولي التوفيق .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[36-]
nindex.php?page=treesubj&link=30355_32213_34091_34158_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا nindex.php?page=treesubj&link=18669_28195_31757_32502_32503_32633_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ أَيْ : لَا تَتْبَعْهُ فِي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ، تُسْنِدُهُ إِلَى سَمْعٍ أَوْ بَصَرٍ أَوْ عَقْلٍ . مِنْ : ( قَفَا أَثَرَهُ ) إِذَا تَبِعَهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ مَا لَا يَعْلَمُ ، وَأَنْ يَعْمَلَ بِمَا لَا يَعْلَمُ. وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ التَّقْلِيدِ دُخُولًا ظَاهِرًا ؛ لِأَنَّهُ اتِّبَاعٌ لِمَا لَا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ مِنْ فَسَادِهِ . انْتَهَى .
وَلَا يَخْفَى مَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ . كَمَذَاهِبِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ ، وَكَشَهَادَةِ الزُّورِ ، وَالْقَذْفِ ، وَرَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ ، وَالْكَذِبِ ، وَمَا شَاكَلَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا أَيْ : كَانَ صَاحِبُهَا مْسَئُولًا عَمَّا نُسِبَ إِلَيْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . أَوْ تُسْأَلُ نَفْسُ الْأَعْضَاءِ لِتَشْهَدَ عَلَى صَاحِبِهَا .
قَالَ
الْمَهَايِمِيُّ : قَدَّمَ السَّمْعَ ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يَنْسُبُ النَّاسُ أَقْوَالَهُمْ إِلَيْهِ . وَأَخَّرَ الْفُؤَادَ ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَهَى الْحَوَاسِّ . وَلَمْ يَذْكُرْ بَقِيَّتَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا أَيْ : مُخْتَالًا ، أَيْ : مِشْيَةَ الْمُعْجَبِ الْمُتَكَبِّرِ ؛ إِذْ لَا يُفِيدُكَ قُوَّةً وَلَا عُلُوًّا . كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ أَيْ : لَنْ تَجْعَلَ فِيهَا خَرْقًا بِدَوْسِكَ لَهَا ، وَشِدَّةِ وَطَأَتِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=37وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا أَيْ : لَنْ تُحَاذِيَهَا بِتَطَاوُلِكَ وَمَدِّ قَامَتِكَ ، كَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=32503يَفْعَلُهُ الْمُخْتَالُ تَكَلُّفًا . وَفِي هَذَا تَهَكُّمٌ بِالْمُخْتَالِ ، وَإِيذَانٌ بِأَنَّ ذَلِكَ مُفَاخَرَةٌ مَعَ الْأَرْضِ وَبَعْضِ أَجْزَائِهَا .
[ ص: 3929 ] قَالَ
النَّاصِرُ : وَفِي هَذَا التَّهَكُّمِ وَالتَّقْرِيعِ لِمَنْ يَعْتَادُ هَذِهِ الْمِشْيَةَ ، كِفَايَةً فِي الِانْزِجَارِ عَنْهَا . وَلَقَدْ حَفِظَ اللَّهُ عَوَامَّ زَمَانِنَا عَنْ هَذِهِ الْمِشْيَةِ ، وَتَوَرَّطَ فِيهَا قُرَّاؤُنَا وَفُقَهَاؤُنَا . بَيْنَا أَحَدُهُمْ قَدْ عَرَفَ مَسْأَلَتَيْنِ أَوْ أَجْلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَالِبَيْنِ ، أَوْ شَدَّ طَرَفًا مِنْ رِيَاسَةِ الدُّنْيَا ، إِذَا هُوَ يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ ، وَيَتَرَجَّعُ وَلَا يَرَى أَنَّهُ يُطَاوِلُ الْجِبَالَ ، وَلَكِنْ يَحُكُّ بِيَافُوخِهِ عَنَانَ السَّمَاءِ ، كَأَنَّهُمْ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ . وَمَاذَا يُفِيدُهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ ، وَقَلْبُهُ عَنْ تَدَبُّرِهِ عَلَى مَرَاحِلَ . وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ .