قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قال
ابن عطية : هذه الآيات المتضمنة الخبر عن نقضهم مواثيق الله تعالى تقوي أن الآية المتقدمة في كف الأيدي إنما كانت في
بني النضير ، واختلف أهل التأويل في كيفية بعث هؤلاء النقباء بعد الإجماع على أن النقيب كبير القوم ، القائم بأمورهم الذي ينقب عنها
[ ص: 73 ] وعن مصالحهم فيها ، والنقاب : الرجل العظيم الذي هو في الناس على هذه الطريقة ; ومنه قيل في
عمر رضي الله عنه : إنه كان لنقابا . فالنقباء الضمان ، واحدهم نقيب ، وهو شاهد القوم وضمينهم ; يقال : نقب عليهم ، وهو حسن النقيبة أي : حسن الخليقة ، والنقب والنقب الطريق في الجبل ، وإنما قيل : نقيب لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ، ويعرف مناقبهم وهو الطريق إلى معرفة أمورهم ، وقال قوم : النقباء الأمناء على قومهم ; وهذا كله قريب بعضه من بعض ، والنقيب أكبر مكانة من العريف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار : حملة القرآن عرفاء أهل الجنة ; ذكره
الدارمي في مسنده . قال
قتادة - رحمه الله - وغيره : هؤلاء النقباء قوم كبار من كل سبط ، تكفل كل واحد بسبطه بأن يؤمنوا ويتقوا الله ; ونحو هذا كان النقباء ليلة
العقبة ; بايع فيها سبعون رجلا وامرأتان . فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبعين اثني عشر رجلا ، وسماهم النقباء اقتداء
بموسى صلى الله عليه وسلم ، وقال
الربيع nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وغيرهما : إنما بعث النقباء من
بني إسرائيل أمناء على الاطلاع على الجبارين والسبر لقوتهم ومنعتهم ; فساروا ليختبروا حال من بها ، ويعلموه بما اطلعوا عليه فيها حتى ينظر في الغزو إليهم ; فاطلعوا من الجبارين على قوة عظيمة - على ما يأتي - وظنوا أنهم لا قبل لهم بها ; فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك عن
بني إسرائيل ، وأن يعلموا به
موسى عليه السلام ، فلما انصرفوا إلى
بني إسرائيل خان منهم عشرة فعرفوا قراباتهم ، ومن وثقوه على سرهم ; ففشا الخبر حتى اعوج أمر
بني إسرائيل فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=24فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون .
الثانية : ففي الآية دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=29595قبول خبر الواحد فيما يفتقر إليه المرء ، ويحتاج إلى اطلاعه من حاجاته الدينية والدنيوية ; فتركب عليه الأحكام ، ويرتبط به الحلال والحرام ; وقد جاء أيضا مثله في الإسلام ; قال صلى الله عليه وسلم
لهوازن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830547ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
الثالثة : وفيها أيضا دليل على اتخاذ الجاسوس ، والتجسس : التبحث ، وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=830548بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسة عينا ; أخرجه
مسلم ، وسيأتي حكم الجاسوس في " الممتحنة " إن شاء الله تعالى ، وأما أسماء نقباء
بني إسرائيل فقد ذكر أسماءهم
محمد بن حبيب في " المحبر " فقال : من سبط
روبيل شموع بن ركوب ، ومن سبط
شمعون شوقوط بن حوري ، ومن سبط
يهوذا كالب بن يوقنا ، ومن سبط
الساحر يوغول بن يوسف ، ومن سبط
أفراثيم بن يوسف يوشع بن النون ، ومن سبط
بنيامين يلظى بن روقو ، ومن سبط
ربالون كرابيل بن سودا ومن سبط
[ ص: 74 ] منشا بن يوسف كدي بن سوشا ، ومن سبط
دان عمائيل بن كسل ، ومن سبط
شير ستور بن ميخائيل ، ومن سبط
نفتال يوحنا بن وقوشا ، ومن سبط
كاذاكوال بن موخي ; فالمؤمنون منهم
يوشع وكالب ، ودعا
موسى عليه السلام على الآخرين فهلكوا مسخوطا عليهم ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وأما نقباء ليلة
العقبة فمذكورون في سيرة
ابن إسحاق فلينظروا هناك .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة قال
الربيع بن أنس : قال ذلك للنقباء ، وقال غيره : قال ذلك لجميع
بني إسرائيل ، وكسرت " إن " لأنها مبتدأة . معكم لأنه ظرف ، أي : بالنصر والعون . ثم ابتدأ فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لئن أقمتم الصلاة إلى أن قال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لأكفرن عنكم سيئاتكم أي : إن فعلتم ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12ولأدخلنكم جنات واللام في لئن لام توكيد ومعناها القسم ; وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لأكفرن عنكم ، ولأدخلنكم ، وقيل : المعنى لئن أقمتم الصلاة لأكفرن عنكم سيئاتكم ، وتضمن شرطا آخر لقوله : لأكفرن أي : إن فعلتم ذلك لأكفرن ، وقيل : قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12لئن أقمتم الصلاة جزاء لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12إني معكم وشرط لقوله : لأكفرن والتعزير : التعظيم والتوقير ; وأنشد
أبو عبيدة :
وكم من ماجد لهم كريم ومن ليث يعزر في الندي
أي : يعظم ويوقر ، والتعزير : الضرب دون الحد ، والرد ; تقول : عزرت فلانا إذا أدبته ورددته عن القبيح . فقوله : عزرتموهم أي : رددتم عنهم أعداءهم . أي : رددتم عنهم أعداءهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12وأقرضتم الله قرضا حسنا يعني الصدقات ; ولم يقل إقراضا ، وهذا مما جاء من المصدر بخلاف المصدر كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=17والله أنبتكم من الأرض نباتا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=37فتقبلها ربها بقبول حسن وقد تقدم . ثم قيل : حسنا أي : طيبة بها نفوسكم ، وقيل : يبتغون بها وجه الله ، وقيل : حلالا ، وقيل : قرضا اسم لا مصدر .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فمن كفر بعد ذلك منكم أي : بعد الميثاق .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فقد ضل سواء السبيل أي : أخطأ قصد الطريق ، والله أعلم .