[ ص: 455 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32421nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ( 102 ) )
قال
أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى "شروا" : "باعوا" ، فمعنى الكلام إذا : ولبئس ما باع به نفسه من تعلم السحر لو كان يعلم سوء عاقبته ، كما :
1716 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولبئس ما شروا به أنفسهم ) ، يقول : بئس ما باعوا به أنفسهم .
قال
أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : وكيف قال جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) ؟ وقد قال قبل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) ، فكيف يكونون عالمين بأن من تعلم السحر فلا خلاق لهم ، وهم يجهلون أنهم بئس ما شروا بالسحر أنفسهم؟
قيل : إن معنى ذلك على غير الوجه الذي توهمته ، من أنهم موصوفون بالجهل بما هم موصوفون بالعلم به ، ولكن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم ، وإنما معنى الكلام : وما هم ضارون به من أحد إلا بإذن الله ، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق . فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102لبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) ، ذم من الله تعالى ذكره فعل المتعلمين من الملكين التفريق بين المرء وزوجه ، وخبر منه - جل ثناؤه - عنهم أنهم بئس ما شروا به أنفسهم ، برضاهم بالسحر عوضا عن دينهم الذي به نجاة أنفسهم من الهلكة ، جهلا منهم بسوء عاقبة فعلهم ، وخسارة صفقة بيعهم؛ إذ كان قد يتعلم ذلك منهما من لا يعرف الله ، ولا يعرف حلاله وحرامه ،
[ ص: 456 ] وأمره ونهيه . ثم عاد إلى الفريق - الذين أخبر الله عنهم أنهم نبذوا كتابه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما أنزل على الملكين - فأخبر عنهم أنهم قد علموا أن من اشترى السحر ، ما له في الآخرة من خلاق; ووصفهم بأنهم يركبون معاصي الله على علم منهم بها ، ويكفرون بالله ورسله ، ويؤثرون اتباع الشياطين والعمل بما أحدثته من السحر ، على العمل بكتابه ووحيه وتنزيله ، عنادا منهم ، وبغيا على رسله ، وتعديا منهم لحدوده ، على معرفة منهم بما لمن فعل ذلك عند الله من العقاب والعذاب ، فذلك تأويل قوله .
وقد زعم بعض الزاعمين أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) ، يعني به الشياطين ، وأن قوله : ( لو كانوا يعلمون ) ، يعني به الناس . وذلك قول لجميع أهل التأويل مخالف؛ وذلك أنهم مجمعون على أن قوله : ( ولقد علموا لمن اشتراه ) ، معني به
اليهود دون الشياطين : ثم هو - مع ذلك - خلاف ما دل عليه التنزيل؛ لأن الآيات قبل قوله : ( ولقد علموا لمن اشتراه ) ، وبعد قوله : ( لو كانوا يعلمون ) ، جاءت من الله بذم
اليهود وتوبيخهم على ضلالهم ، وذما لهم على نبذهم وحي الله وآيات كتابه وراء ظهورهم ، مع علمهم بخطأ فعلهم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) ، أحد تلك الأخبار عنهم .
وقال بعضهم : إن الذين وصف الله - جل ثناؤه - بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) ، فنفى عنهم العلم ، هم الذين وصفهم الله بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) . وإنما نفى عنهم - جل ثناؤه - العلم بقوله : ( لو كانوا يعلمون ) - بعد وصفه إياهم بأنهم قد علموا بقوله : ( ولقد علموا ) - من أجل أنهم لم يعملوا بما علموا ، وإنما العالم العامل بعلمه ، وأما إذا خالف عمله علمه ، فهو في معاني الجهال . قال : وقد يقال للفاعل الفعل بخلاف ما ينبغي أن يفعل ، وإن كان بفعله عالما : "لو علمت لأقصرت" كما قال
كعب بن زهير المزني ، وهو
[ ص: 457 ] يصف ذئبا وغرابا تبعاه لينالا من طعامه وزاده :
إذ حضراني قلت : لو تعلمانه! ألم تعلما أني من الزاد مرمل
فأخبر أنه قال لهما : "لو تعلمانه" ، فنفى عنهما العلم ، ثم استخبرهما فقال : ألم تعلما؟ قالوا : فكذلك قوله : ( ولقد علموا لمن اشتراه ) و ( لو كانوا يعلمون )
وهذا تأويل وإن كان له مخرج ووجه فإنه خلاف الظاهر المفهوم بنفس الخطاب ، أعني بقوله : ( ولقد علموا ) وقوله : ( لو كانوا يعلمون ) ، وإنما هو استخراج ، وتأويل القرآن على المفهوم الظاهر الخطاب دون الخفي الباطن منه ، حتى تأتي دلالة - من الوجه الذي يجب التسليم له - بمعنى خلاف دليله الظاهر المتعارف في أهل اللسان الذين بلسانهم نزل القرآن - أولى .
[ ص: 455 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32421nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 102 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : قَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى "شَرَوْا" : "بَاعُوا" ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذًا : وَلَبِئْسَ مَا بَاعَ بِهِ نَفْسَهُ مَنْ تَعَلَّمَ السِّحْرَ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ سُوءَ عَاقِبَتِهِ ، كَمَا :
1716 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ) ، يَقُولُ : بِئْسَ مَا بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : وَكَيْفَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ؟ وَقَدْ قَالَ قَبْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) ، فَكَيْفَ يَكُونُونَ عَالِمِينَ بِأَنَّ مَنْ تَعَلَّمَ السِّحْرَ فَلَا خَلَاقَ لَهُمْ ، وَهُمْ يَجْهَلُونَ أَنَّهُمْ بِئْسَ مَا شَرَوْا بِالسِّحْرِ أَنْفُسَهُمْ؟
قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي تَوَهَّمْتَهُ ، مِنْ أَنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْجَهْلِ بِمَا هُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْعِلْمِ بِهِ ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤَخَّرِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ : وَمَا هُمْ ضَارُّونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ، وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ . فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102لَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، ذَمٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِعْلَ الْمُتَعَلِّمِينَ مِنَ الْمَلَكَيْنِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ، وَخَبَرٌ مِنْهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ، بِرِضَاهُمْ بِالسِّحْرِ عِوَضًا عَنْ دِينِهِمُ الَّذِي بِهِ نَجَاةُ أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِسُوءِ عَاقِبَةِ فِعْلِهِمْ ، وَخَسَارَةِ صَفْقَةِ بَيْعِهِمْ؛ إِذْ كَانَ قَدْ يَتَعَلَّمُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَنْ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ ، وَلَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ ،
[ ص: 456 ] وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ . ثُمَّ عَادَ إِلَى الْفَرِيقِ - الَّذِينَ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ نَبَذُوا كِتَابَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ - فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ مَنِ اشْتَرَى السِّحْرَ ، مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ; وَوَصْفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَرْكَبُونَ مَعَاصِيَ اللَّهِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ بِهَا ، وَيَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَيُؤْثِرُونَ اتِّبَاعَ الشَّيَاطِينِ وَالْعَمَلَ بِمَا أَحْدَثَتْهُ مِنَ السِّحْرِ ، عَلَى الْعَمَلِ بِكِتَابِهِ وَوَحْيِهِ وَتَنْزِيلِهِ ، عِنَادًا مِنْهُمْ ، وَبَغْيًا عَلَى رُسُلِهِ ، وَتَعَدِّيًا مِنْهُمْ لِحُدُودِهِ ، عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَا لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ وَالْعَذَابِ ، فَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ .
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الزَّاعِمِينَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) ، يَعْنِي بِهِ الشَّيَاطِينَ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ : ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، يَعْنِي بِهِ النَّاسَ . وَذَلِكَ قَوْلٌ لِجَمِيعِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ مُخَالِفٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنِ اشْتَرَاهُ ) ، مَعْنِيٌّ بِهِ
الْيَهُودُ دُونَ الشَّيَاطِينِ : ثُمَّ هُوَ - مَعَ ذَلِكَ - خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّنْزِيلُ؛ لِأَنَّ الْآيَاتِ قَبْلَ قَوْلِهِ : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنِ اشْتَرَاهُ ) ، وَبَعْدَ قَوْلِهِ : ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، جَاءَتْ مِنَ اللَّهِ بِذَمِّ
الْيَهُودِ وَتَوْبِيخِهِمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ ، وَذَمًّا لَهُمْ عَلَى نَبْذِهِمْ وَحْيَ اللَّهِ وَآيَاتِ كِتَابِهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِخَطَأِ فِعْلِهِمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) ، أَحَدُ تِلْكَ الْأَخْبَارِ عَنْهُمْ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ الَّذِينَ وَصَفَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، فَنَفَى عَنْهُمُ الْعِلْمَ ، هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ) . وَإِنَّمَا نَفَى عَنْهُمْ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - الْعِلْمَ بِقَوْلِهِ : ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) - بَعْدَ وَصْفِهِ إِيَّاهُمْ بِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِقَوْلِهِ : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا ) - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا عَلِمُوا ، وَإِنَّمَا الْعَالِمُ الْعَامِلُ بِعِلْمِهِ ، وَأَمَّا إِذَا خَالَفَ عَمَلُهُ عِلْمَهُ ، فَهُوَ فِي مَعَانِي الْجُهَّالِ . قَالَ : وَقَدْ يُقَالُ لِلْفَاعِلِ الْفِعْلَ بِخِلَافِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ عَالِمًا : "لَوْ عَلِمْتَ لَأَقْصَرْتَ" كَمَا قَالَ
كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ الْمُزَنِيُّ ، وَهُوَ
[ ص: 457 ] يَصِفُ ذِئْبًا وَغُرَابًا تَبِعَاهُ لِيَنَالَا مِنْ طَعَامِهِ وَزَادِهِ :
إِذْ حَضَرَانِي قُلْتُ : لَوْ تَعْلَمَانِهِ! أَلَمْ تَعْلَمَا أَنِّي مِنَ الزَّادِ مُرْمِلُ
فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا : "لَوْ تَعْلَمَانِهِ" ، فَنَفَى عَنْهُمَا الْعِلْمَ ، ثُمَّ اسْتَخْبَرَهُمَا فَقَالَ : أَلَمْ تَعْلَمَا؟ قَالُوا : فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا لِمَنِ اشْتَرَاهُ ) وَ ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )
وَهَذَا تَأْوِيلٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ وَوَجْهٌ فَإِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ الْمَفْهُومِ بِنَفْسِ الْخِطَابِ ، أَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( وَلَقَدْ عَلِمُوا ) وَقَوْلُهُ : ( لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِخْرَاجٌ ، وَتَأْوِيلُ الْقُرْآنِ عَلَى الْمَفْهُومِ الظَّاهِرِ الْخِطَابِ دُونَ الْخَفِيِّ الْبَاطِنِ مِنْهُ ، حَتَّى تَأْتِيَ دِلَالَةٌ - مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ - بِمَعْنًى خِلَافِ دَلِيلِهِ الظَّاهِرِ الْمُتَعَارَفِ فِي أَهْلِ اللِّسَانِ الَّذِينَ بِلِسَانِهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ - أَوْلَى .