القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29034_19229_30563وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ( 4 ) )
يقول جل ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا رأيت هؤلاء المنافقين يا
محمد تعجبك أجسامهم لاستواء خلقها وحسن صورها (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وإن يقولوا تسمع لقولهم ) يقول جل ثناؤه : وإن يتكلموا تسمع كلامهم يشبه منطقهم منطق الناس (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4كأنهم خشب مسندة ) يقول كأن هؤلاء المنافقين خشب مسندة لا خير عندهم ولا فقه لهم ولا علم ، وإنما هم صور بلا أحلام ، وأشباح بلا عقول .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4يحسبون كل صيحة عليهم ) يقول جل ثناؤه : يحسب هؤلاء المنافقون من خبثهم وسوء ظنهم ، وقلة يقينهم كل صيحة عليهم ، لأنهم على وجل أن ينزل الله فيهم أمرا يهتك به أستارهم ويفضحهم ، ويبيح للمؤمنين قتلهم
[ ص: 396 ] وسبي ذراريهم ، وأخذ أموالهم ، فهم من خوفهم من ذلك كلما نزل بهم من الله وحي على رسوله ، ظنوا أنه نزل بهلاكهم وعطبهم . يقول الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم : هم العدو يا
محمد فاحذرهم ، فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم وقلوبهم عليكم مع أعدائكم ، فهم عين لأعدائكم عليكم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4قاتلهم الله أنى يؤفكون ) يقول : أخزاهم الله إلى أي وجه يصرفون عن الحق .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، وسمعته يقول في قول الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ) . . . الآية ، قال : هؤلاء المنافقون .
واختلفت القراء في قراءة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4كأنهم خشب مسندة ) فقرأ ذلك عامة
قراء المدينة والكوفة خلا
الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( خشب ) بضم الخاء والشين ، كأنهم وجهوا ذلك إلى جمع الجمع ، جمعوا الخشبة خشابا ثم جمعوا الخشاب خشبا ، كما جمعت الثمرة ثمارا ، ثم ثمرا . وقد يجوز أن يكون الخشب بضم الخاء والشين إلى أنها جمع خشبة ، فتضم الشين منها مرة ، وتسكن أخرى ، كما جمعوا الأكمة أكما وأكما بضم الألف والكاف مرة ، وتسكين الكاف لها مرة ، وكما قيل : البدن والبدن ، بضم الدال وتسكينها لجمع البدنة ، وقرأ ذلك
الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( خشب ) بضم الخاء وسكون الشين .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، ولغتان فصيحتان ، وبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وتسكين الأوسط فيما جاء من جمع فعلة على فعل في الأسماء على ألسن العرب أكثر وذلك كجمعهم البدنة بدنا ، والأجمة أجما .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29034_19229_30563وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( 4 ) )
يَقُولُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِذَا رَأَيْتَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ يَا
مُحَمَّدُ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ لِاسْتِوَاءِ خَلْقِهَا وَحُسْنِ صُوَرِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ يَتَكَلَّمُوا تَسْمَعْ كَلَامَهُمْ يُشْبِهُ مَنْطِقُهُمْ مَنْطِقَ النَّاسِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) يَقُولُ كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ لَا خَيْرَ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ لَهُمْ وَلَا عِلْمَ ، وَإِنَّمَا هُمْ صُوَرٌ بِلَا أَحْلَامٍ ، وَأَشْبَاحٌ بِلَا عُقُولٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ) يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : يَحْسَبُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ مِنْ خُبْثِهِمْ وَسُوءِ ظَنِّهِمْ ، وَقِلَّةِ يَقِينِهِمْ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ، لِأَنَّهُمْ عَلَى وَجَلٍ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَمْرًا يَهْتِكُ بِهِ أَسْتَارَهُمْ وَيَفْضَحُهُمْ ، وَيُبِيحُ لِلْمُؤْمِنِينَ قَتْلَهُمْ
[ ص: 396 ] وَسَبْيَ ذَرَارِيِّهِمْ ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ ، فَهُمْ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنْ ذَلِكَ كُلَّمَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَحْيٌ عَلَى رَسُولِهِ ، ظَنُّوا أَنَّهُ نَزَلَ بِهَلَاكِهِمْ وَعَطَبِهِمْ . يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُمُ الْعَدُوُّ يَا
مُحَمَّدُ فَاحْذَرْهُمْ ، فَإِنَّ أَلْسِنَتَهُمْ إِذَا لَقُوكُمْ مَعَكُمْ وَقُلُوبَهُمْ عَلَيْكُمْ مَعَ أَعْدَائِكُمْ ، فَهُمْ عَيْنٌ لِأَعْدَائِكُمْ عَلَيْكُمْ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) يَقُولُ : أَخْزَاهُمُ اللَّهُ إِلَى أَيِّ وَجْهٍ يُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ) . . . الْآيَةَ ، قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ .
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ
قُرَّاءِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ خَلَا
الْأَعْمَشَ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيَّ ( خُشُبٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ ، كَأَنَّهُمْ وَجَّهُوا ذَلِكَ إِلَى جَمْعِ الْجَمْعِ ، جَمَعُوا الْخَشَبَةَ خِشَابًا ثُمَّ جَمَعُوا الْخِشَابَ خُشُبًا ، كَمَا جُمِعَتِ الثَّمَرَةُ ثِمَارًا ، ثُمَّ ثُمُرًا . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخُشُبُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالشِّينِ إِلَى أَنَّهَا جَمْعُ خَشَبَةٍ ، فَتُضَمُّ الشِّينُ مِنْهَا مَرَّةً ، وَتُسَكَّنُ أُخْرَى ، كَمَا جَمَعُوا الْأَكَمَةَ أُكُمًا وَأَكْمًا بِضَمِّ الْأَلِفِ وَالْكَافِ مَرَّةً ، وَتَسْكِينِ الْكَافِ لَهَا مَرَّةً ، وَكَمَا قِيلَ : الْبُدُنُ وَالْبُدْنُ ، بِضَمِّ الدَّالِّ وَتَسْكِينِهَا لِجَمْعِ الْبَدَنَةِ ، وَقَرَأَ ذَلِكَ
الْأَعْمَشُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( خُشْبٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ ، وَلُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ ، وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئُ فَمُصِيبٌ وَتَسْكِينُ الْأَوْسَطِ فِيمَا جَاءَ مِنْ جَمْعِ فُعُلَةَ عَلَى فُعْلٍ فِي الْأَسْمَاءِ عَلَى أَلْسُنِ الْعَرَبِ أَكْثَرُ وَذَلِكَ كَجَمْعِهِمُ الْبَدَنَةَ بُدْنًا ، وَالْأَجَمَةَ أُجْمًا .