[ ص: 173 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28980_28656_30470هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
بيان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32ويأبى الله إلا أن يتم نوره بأنه أرسل رسوله بهذا الدين ، فلا يريد إزالته ، ولا يجعل تقديره باطلا وعبثا . وفي هذا البيان تنويه بشأن الرسول بعد التنويه بشأن الدين .
وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هو الذي أرسل رسوله صيغة قصر ، أي هو لا غيره أرسل رسوله بهذا النور ، فكيف يترك معانديه يطفئونه .
واجتلاب اسم الموصول : للإيماء إلى أن مضمون الصلة علة للجملة التي بنيت عليها هذه الجملة وهي جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32ويأبى الله إلا أن يتم نوره
وعبر عن الإسلام
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33بالهدى ودين الحق تنويها بفضله ، وتعريضا بأن ما هم عليه ليس بهدى ولا حق .
وفعل الإظهار إذا عدي بـ على كان مضمنا معنى النصر ، أو التفضيل ، أي لينصره على الأديان كلها ، أي ليكون أشرف الأديان وأغلبها ، ومنه المظاهرة أي المناصرة ، وقد تقدم ذكرها آنفا عند قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4ولم يظاهروا عليكم أحدا
فالإسلام كان أشرف الأديان : لأن معجزة صدقه القرآن ، وهو معجزة تدرك بالعقل ، ويستوي في إدراك إعجازها جميع العصور ، ولخلو هذا الدين عن جميع العيوب في الاعتقاد والفعل ، فهو خلي عن إثبات ما لا يليق بالله تعالى ، وخلي عن وضع التكاليف الشاقة ، وخلي عن الدعوة إلى الإعراض عن استقامة نظام العالم ، وقد فصلت ذلك في الكتاب الذي سميته أصول النظام الاجتماعي في الإسلام .
وظهور الإسلام على الدين كله حصل في العالم باتباع أهل الملل إياه في سائر الأقطار ، بالرغم على كراهية أقوامهم وعظماء مللهم ذلك ، ومقاومتهم إياه بكل حيلة ومع ذلك فقد ظهر وعلا وبان فضله على الأديان التي جاورها وسلامته من الخرافات
[ ص: 174 ] والأوهام التي تعلقوا بها ، وما صلحت بعض أمورهم إلا فيما حاكوه من أحوال المسلمين وأسباب نهوضهم ، ولا يلزم من إظهاره على الأديان أن تنقرض تلك الأديان .
و لو في
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33ولو كره المشركون وصلية مثل التي في نظيرتها . وذكر المشركون هنا لأن ظهور دين الإسلام أشد حسرة عليهم من كل أمة ; لأنهم الذين ابتدءوا بمعارضته وعداوته ودعوا الأمم للتألب عليه واستنصروا بهم فلم يغنوا عنهم شيئا ، ولأن أتم مظاهر انتصار الإسلام كان في
جزيرة العرب وهي ديار المشركين لأن الإسلام غلب عليها ، وزالت منها جميع الأديان الأخرى ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341899لا يبقى دينان في جزيرة العرب فلذلك كانت كراهية المشركين ظهوره محل المبالغة في أحوال إظهاره على الدين كله كما يظهر بالتأمل .
[ ص: 173 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33nindex.php?page=treesubj&link=28980_28656_30470هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
بَيَانٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِهَذَا الدِّينِ ، فَلَا يُرِيدُ إِزَالَتَهُ ، وَلَا يَجْعَلُ تَقْدِيرَهُ بَاطِلًا وَعَبَثًا . وَفِي هَذَا الْبَيَانِ تَنْوِيهٌ بِشَأْنِ الرَّسُولِ بَعْدَ التَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الدِّينِ .
وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ صِيغَةُ قَصْرٍ ، أَيْ هُوَ لَا غَيْرُهُ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِهَذَا النُّورِ ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ مُعَانِدِيهِ يُطْفِئُونَهُ .
وَاجْتِلَابُ اسْمُ الْمَوْصُولِ : لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ مَضْمُونَ الصِّلَةِ عِلَّةٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَهِيَ جُمْلَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=32وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ
وَعَبَّرَ عَنِ الْإِسْلَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ تَنْوِيهًا بِفَضْلِهِ ، وَتَعْرِيضًا بِأَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ بِهُدًى وَلَا حَقٍّ .
وَفِعْلُ الْإِظْهَارِ إِذَا عُدِّيَ بِـ عَلَى كَانَ مُضَمَّنًا مَعْنَى النَّصْرِ ، أَوِ التَّفْضِيلِ ، أَيْ لِيَنْصُرَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ كُلِّهَا ، أَيْ لِيَكُونَ أَشْرَفَ الْأَدْيَانِ وَأَغْلَبَهَا ، وَمِنْهُ الْمُظَاهَرَةُ أَيِ الْمُنَاصَرَةُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=4وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا
فَالْإِسْلَامُ كَانَ أَشْرَفَ الْأَدْيَانِ : لِأَنَّ مُعْجِزَةَ صِدْقِهِ الْقُرْآنُ ، وَهُوَ مُعْجِزَةٌ تُدْرَكُ بِالْعَقْلِ ، وَيَسْتَوِي فِي إِدْرَاكِ إِعْجَازِهَا جَمِيعُ الْعُصُورِ ، وَلِخُلُوِّ هَذَا الدِّينِ عَنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْفِعْلِ ، فَهُوَ خَلِيٌّ عَنْ إِثْبَاتِ مَا لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَخَلِيٌّ عَنْ وَضْعِ التَّكَالِيفِ الشَّاقَّةِ ، وَخَلِيٌّ عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ اسْتِقَامَةِ نِظَامِ الْعَالَمِ ، وَقَدْ فَصَّلْتُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي سَمَّيْتُهُ أُصُولَ النِّظَامِ الِاجْتِمَاعِيِّ فِي الْإِسْلَامِ .
وَظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ حَصَلَ فِي الْعَالَمِ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ الْمِلَلِ إِيَّاهُ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ ، بِالرَّغْمِ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَقْوَامِهِمْ وَعُظَمَاءِ مِلَلِهِمْ ذَلِكَ ، وَمُقَاوَمَتِهِمْ إِيَّاهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ وَعَلَا وَبَانَ فَضْلُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ الَّتِي جَاوَرَهَا وَسَلَامَتُهُ مِنَ الْخُرَافَاتِ
[ ص: 174 ] وَالْأَوْهَامِ الَّتِي تَعَلَّقُوا بِهَا ، وَمَا صَلُحَتْ بَعْضُ أُمُورِهِمْ إِلَّا فِيمَا حَاكَوْهُ مِنْ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَسْبَابِ نُهُوضِهِمْ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِظْهَارِهِ عَلَى الْأَدْيَانِ أَنْ تَنْقَرِضَ تِلْكَ الْأَدْيَانُ .
وَ لَوْ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=33وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ وَصَلْيَةٌ مِثْلَ الَّتِي فِي نَظِيرَتِهَا . وَذُكِرَ الْمُشْرِكُونَ هُنَا لِأَنَّ ظُهُورَ دِينِ الْإِسْلَامِ أَشَدُّ حَسْرَةٍ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ; لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا بِمُعَارَضَتِهِ وَعَدَاوَتِهِ وَدَعَوُا الْأُمَمَ لِلتَّأَلُّبِ عَلَيْهِ وَاسْتَنْصَرُوا بِهِمْ فَلَمْ يُغْنُوا عَنْهُمْ شَيْئًا ، وَلِأَنَّ أَتَمَّ مَظَاهِرِ انْتِصَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ فِي
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهِيَ دِيَارُ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ غَلَبَ عَلَيْهَا ، وَزَالَتْ مِنْهَا جَمِيعُ الْأَدْيَانِ الْأُخْرَى ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341899لَا يَبْقَى دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ كَرَاهِيَةُ الْمُشْرِكِينَ ظُهُورَهُ مَحِلَّ الْمُبَالِغَةِ فِي أَحْوَالِ إِظْهَارِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ .