[ ص: 231 ] nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29003أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون
فرع بالفاء على ما تقدم من الآيات من الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين استفهام بالهمزة مستعمل في
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30539إنكار المساواة بين المؤمن والكافر ، وهو إنكار بتنزيل السامع منزلة المتعجب من البون بين جزاء الفريقين في ذلك اليوم فكان الإنكار موجها إلى ذلك التعجب في معنى الاستئناف البياني .
والكاف للتشبيه في الجزاء .
وجملة لا يستوون عطف بيان للمقصود من الاستفهام .
والفاسق هنا هو : من ليس بمؤمن بقرينة قوله بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون . فالمراد : الفسق عن الإيمان الذي هو الشرك وهو إطلاق كثير في القرآن .
ثم أكد كلا الجزاءين بذكر مرادف لمدلوله مع زيادة فائدة ، فجملة فلهم جنات المأوى إلى آخرها مؤكدة لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فلا تعلم نفس ما أخفي لهم إلى آخرها .
وجملة فمأواهم النار إلى آخرها مؤكدة لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=14فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=14بما كنتم تعملون .
و من الموصولة في الموضعين عامة بقرينة التفصيل بالجمع في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19أما الذين آمنوا إلخ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19وأما الذين فسقوا ، فليست الآية نازلة في معين كما قيل .
والمأوى : المكان الذي يؤوى إليه ، أي يرجع إليه .
والتعريف باللام فيه للعهد ، أي مأوى المؤمنين قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15عندها جنة المأوى . ولك أن تجعل اللام عوضا عن المضاف إليه ، أي مأواهم بقرينة قوله في
[ ص: 232 ] مقابلة فمأواهم النار . وإضافة جنات إلى المأوى من إضافة الموصوف إلى الصفة لقصد التخفيف وهي واقعة في الكلام وإن اختلف البصريون والكوفيون في تأويلها خلافا لا طائل تحته ، وذلك مثل قولهم : مسجد الجامع ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وما كنت بجانب الغربي ، وقولهم : عشاء الآخرة . والمعنى : فلهم الجنات المأوى لهم ، أي الموعودون بها .
وانتصب نزلا على الحال من جنات المأوى . والنزل بضمتين مشتق من النزول فيطلق على ما يعد للنزيل من العطاء والقرى قال في الكشاف النزل : عطاء النازل ، ثم صار عاما ، أي يطلق على العطاء ولو بدون ضيافة مجازا مرسلا . قلت : ويطلق على محل نزول الضيف ولأجل هذه الإطلاقات يختلف المفسرون في المراد منه في بعض الآيات رعيا لما يناسب سياق الكلام .
وفسره الزجاج في هذه الآية ونحوها بالمنزل ، وفسره في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم فقال : يقول أذلك خير في باب الأنزال التي تمكن معها الإقامة أم نزل أهل النار . وقد تقدم في آخر سورة آل عمران . والباء في
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17بما كانوا يعملون للسببية .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها تقدم نظيره في سورة الحج .
ويتجه في هذه الآية أن يقال : لماذا أظهر اسم النار في قوله ذوقوا عذاب النار مع أن اسم النار تقدم في قوله فمأواهم النار فكان مقتضى الظاهر الإضمار بأن يقال : وقيل لهم ذوقوا عذابها . وهذا السؤال أورده
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في أماليه وأجاب بوجهين : أحدهما أن سياق الآية التهديد وفي إظهار لفظ النار من التخويف ما ليس في الإضمار الثاني : أن الجملة حكاية لما يقال لهم يومئذ فناسب أن يحكى كما قيل لهم وليس فيما يقال لهم تقدم ذكر النار .
[ ص: 231 ] nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29003أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
فُرِّعَ بِالْفَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ مِنَ الْوَعْدِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْوَعِيدِ لِلْكَافِرِينَ اسْتِفْهَامٌ بِالْهَمْزَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29680_30539إِنْكَارِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ ، وَهُوَ إِنْكَارٌ بِتَنْزِيلِ السَّامِعِ مَنْزِلَةَ الْمُتَعَجِّبِ مِنَ الْبَوْنِ بَيْنَ جَزَاءِ الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَكَانَ الْإِنْكَارُ مُوَجَّهًا إِلَى ذَلِكَ التَّعَجُّبِ فِي مَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ .
وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ فِي الْجَزَاءِ .
وَجُمْلَةُ لَا يَسْتَوُونَ عَطْفُ بَيَانٍ لِلْمَقْصُودِ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ .
وَالْفَاسِقُ هُنَا هُوَ : مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ . فَالْمُرَادُ : الْفِسْقُ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الشِّرْكُ وَهُوَ إِطْلَاقٌ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ .
ثُمَّ أَكَّدَ كِلَا الْجَزَاءَيْنِ بِذِكْرٍ مُرَادِفٍ لِمَدْلُولِهِ مَعَ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ ، فَجُمْلَةُ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى إِلَى آخِرِهَا مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ إِلَى آخِرِهَا .
وَجُمْلَةُ فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ إِلَى آخِرِهَا مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=14فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=14بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .
وَ مَنِ الْمَوْصُولَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَامَّةٌ بِقَرِينَةِ التَّفْصِيلِ بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا إِلْخَ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=19وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا ، فَلَيْسَتِ الْآيَةُ نَازِلَةً فِي مُعَيَّنٍ كَمَا قِيلَ .
وَالْمَأْوَى : الْمَكَانُ الَّذِي يُؤْوَى إِلَيْهِ ، أَيْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ .
وَالتَّعْرِيفُ بِاللَّامِ فِيهِ لِلْعَهْدِ ، أَيْ مَأْوَى الْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=15عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ اللَّامَ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، أَيْ مَأْوَاهُمْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي
[ ص: 232 ] مُقَابَلَةِ فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ . وَإِضَافَةُ جَنَّاتٍ إِلَى الْمَأْوَى مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ لِقَصْدِ التَّخْفِيفِ وَهِيَ وَاقِعَةٌ فِي الْكَلَامِ وَإِنِ اخْتَلَفَ الْبَصْرِيُّونَ وَالْكُوفِيُّونَ فِي تَأْوِيلِهَا خِلَافًا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ ، وَذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ : مَسْجِدُ الْجَامِعِ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=44وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ ، وَقَوْلِهِمْ : عِشَاءُ الْآخِرَةِ . وَالْمَعْنَى : فَلَهُمُ الْجَنَّاتُ الْمَأْوَى لَهُمْ ، أَيِ الْمَوْعُودُونَ بِهَا .
وَانْتَصَبَ نُزُلًا عَلَى الْحَالِ مِنْ جَنَّاتِ الْمَأْوَى . وَالنُّزُلُ بِضَمَّتَيْنِ مُشْتَقٌّ مِنَ النُّزُولِ فَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُعَدُّ لِلنَّزِيلِ مِنَ الْعَطَاءِ وَالْقِرَى قَالَ فِي الْكَشَّافِ النُّزُلُ : عَطَاءُ النَّازِلِ ، ثُمَّ صَارَ عَامًّا ، أَيْ يُطْلَقُ عَلَى الْعَطَاءِ وَلَوْ بِدُونِ ضِيَافَةٍ مَجَازًا مُرْسَلًا . قُلْتُ : وَيُطْلَقُ عَلَى مَحَلِّ نُزُولِ الضَّيْفِ وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْإِطْلَاقَاتِ يَخْتَلِفُ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ رَعْيًا لِمَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ الْكَلَامِ .
وَفَسَّرَهُ الزَّجَّاجُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَنَحْوِهَا بِالْمَنْزِلِ ، وَفَسَّرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ فَقَالَ : يَقُولُ أَذَلِكَ خَيْرٌ فِي بَابِ الْأَنْزَالِ الَّتِي تُمْكِنُ مَعَهَا الْإِقَامَةُ أَمْ نُزُلُ أَهْلِ النَّارِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ . وَالْبَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=20كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ الْحَجِّ .
وَيَتَّجِهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُقَالَ : لِمَاذَا أَظْهَرَ اسْمَ النَّارِ فِي قَوْلِهِ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ مَعَ أَنَّ اسْمَ النَّارِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ فَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْإِضْمَارَ بِأَنْ يُقَالَ : وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَهَا . وَهَذَا السُّؤَالُ أَوْرَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَمَالِيهِ وَأَجَابَ بِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ التَّهْدِيدُ وَفِي إِظْهَارِ لَفْظِ النَّارِ مِنَ التَّخْوِيفِ مَا لَيْسَ فِي الْإِضْمَارِ الثَّانِي : أَنَّ الْجُمْلَةَ حِكَايَةٌ لِمَا يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُحْكَى كَمَا قِيلَ لَهُمْ وَلَيْسَ فِيمَا يُقَالُ لَهُمْ تَقَدُّمُ ذِكْرُ النَّارِ .