nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29011_28766وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع .
الأظهر أن يكون قوله ( وأنذرهم ) وما بعده معترضا بين جملة ( إن الله سريع الحساب ) وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين على الوجهين الآتيين في موقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يعلم خائنة الأعين ، فالواو اعتراضية ، والمناسبة أن ذكر الحساب به يقتضي التذكير بالاستعداد ليوم الحساب وهو يوم الآزفة .
nindex.php?page=treesubj&link=30291ويوم الآزفة يوم القيامة . وأصل الآزفة اسم فاعل مؤنث مشتق من فعل أزف الأمر ، إذا قرب ، فالآزفة صفة لموصوف محذوف تقديره : الساعة الآزفة ، أو القيامة الآزفة ، مثل الصاخة ، فتكون إضافة ( يوم ) إلى ( الآزفة ) ، حقيقية . وتقدم القول في تعدية الإنذار إلى اليوم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لينذر يوم التلاق .
و ( إذ ) بدل من ( يوم ) فهو اسم زمان منصوب على المفعول به ، مضاف إلى جملة ( القلوب لدى الحناجر ) .
و " أل " في ( القلوب ) و ( الحناجر ) عوض عن المضاف إليه . وأصله : إذ قلوبهم لدى حناجرهم ، فبواسطة " أل " عوض تعريف الإضافة بتعريف العهد وهو رأي نحاة
الكوفة ، والبصريون يقدرون : إذ القلوب منهم والحناجر
[ ص: 114 ] منهم والمعنى : إذ قلوب الذين تنذرهم ، يعني المشركين ، فأما قلوب الصالحين يومئذ فمطمئنة .
والقلوب : البضعات الصنوبرية التي تتحرك حركة مستمرة ما دام الجسم حيا فتدفع الدم إلي الشرايين التي بها حياة الجسم .
والحناجر : جمع حنجرة بفتح الحاء وفتح الجيم وهي الحلقوم . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18القلوب لدى الحناجر ) : أن القلوب يشتد اضطراب حركتها من فرط الجزع مما يشاهد أهلها من بوارق الأهوال حتى تتجاوز القلوب مواضعها صاعدة إلى الحناجر كما قال تعالى في ذكر يوم الأحزاب
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر .
وكاظم : اسم فاعل من كظم كظوما ، إذا احتبس نفسه بفتح الفاء . فمعنى كاظمين ساكنين لا يستطيعون كلاما . فعلى هذا التأويل لا يقدر ل ( كاظمين ) مفعول لأنه عومل معاملة الفعل اللازم . ويقال : كظم كظما ، إذا سد شيء مجرى ماء أو بابا أو طريقا فهو كاظم ، فعلى هذا يكون المفعول مقدرا . والتقدير كاظمينها ، أي كاظمين حناجرهم إشفاقا من أن تخرج منها قلوبهم من شدة الاضطراب .
وانتصب ( كاظمين ) على الحال من ضمير الغائب في قوله ( أنذرهم ) على أن الحال حال مقدرة . ويجوز أن يكون حالا من القلوب على المجاز العقلي بإسناد الكاظم إلى القلوب وإنما الكاظم أصحاب القلوب كما في قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فويل لهم مما كتبت أيديهم ) وإنما الكاتبون هم بأيديهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع في موضع بدل اشتمال من جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18القلوب لدى الحناجر ) لأن تلك الحالة تقتضي أن يستشرفوا إلى شفاعة من اتخذوهم ليشفعوا لهم عند الله فلا يلفون صديقا ولا شفيعا . والحميم : المحب المشفق .
والتعريف في ( الظالمين ) للاستغراق ليعم كل ظالم ، أي مشرك فيشمل الظالمين المنذرين ، ومن مضى من أمثالهم فيكون بمنزلة التذييل ولذلك فليس ذكر الظالمين من الإظهار في مقام الإضمار .
[ ص: 115 ] ووصف ( شفيع ) بجملة ( يطاع ) وصف كاشف إذ ليس أن المراد لهم شفعاء لا تطاع شفاعتهم لظهور قلة جدوى ذلك ولكن لما كان شأن من يتعرض للشفاعة أن يثق بطاعة المشفوع عنده له .
وأتبع ( شفيع ) بوصف ( يطاع ) لتلازمهما عرفا فهو من إيراد نفي الصفة اللازمة للموصوف . والمقصود : نفي الموصوف بضرب من الكناية التلميحية كقول
nindex.php?page=showalam&ids=12572ابن أحمر :
ولا ترى الضب بها ينجحر
أي لا ضب فيها فينجحر ، وذلك يفيد مفاد التأكيد .
والمعنى : أن الشفيع إذا لم يطع فليس بشفيع .
nindex.php?page=treesubj&link=30376والله لا يجترئ أحد على الشفاعة عنده إلا إذا أذن له فلا يشفع عنده إلا من يطاع .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29011_28766وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ .
الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ( وَأَنْذِرْهُمْ ) وَمَا بَعْدَهُ مُعْتَرِضًا بَيْنَ جُمْلَةِ ( إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) وَجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي مَوْقِعِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=19يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ ، فَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ ، وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ ذِكْرَ الْحِسَابِ بِهِ يَقْتَضِي التَّذْكِيرَ بِالِاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْحِسَابِ وَهُوَ يَوْمُ الْآزِفَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=30291وَيَوْمُ الْآزِفَةِ يَوْمُ الْقِيَامَةِ . وَأَصْلُ الْآزِفَةِ اسْمُ فَاعِلٍ مُؤَنَّثٌ مُشْتَقٌّ مِنْ فِعْلِ أَزِفَ الْأَمْرُ ، إِذَا قَرُبَ ، فَالْآزِفَةُ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : السَّاعَةُ الْآزِفَةُ ، أَوِ الْقِيَامَةُ الْآزِفَةُ ، مِثْلُ الصَّاخَّةِ ، فَتَكُونُ إِضَافَةُ ( يَوْمَ ) إِلَى ( الْآزِفَةِ ) ، حَقِيقِيَّةٌ . وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي تَعْدِيَةِ الْإِنْذَارِ إِلَى الْيَوْمِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ .
وَ ( إِذْ ) بَدَلٌ مِنْ ( يَوْمَ ) فَهُوَ اسْمُ زَمَانٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ ، مُضَافٌ إِلَى جُمْلَةِ ( الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) .
وَ " أَلْ " فِي ( الْقُلُوبُ ) وَ ( الْحَنَاجِرِ ) عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ . وَأَصْلُهُ : إِذْ قُلُوبُهُمْ لَدَى حَنَاجِرِهِمْ ، فَبِوَاسِطَةِ " أَلْ " عُوِّضَ تَعْرِيفُ الْإِضَافَةِ بِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ وَهُوَ رَأْيُ نُحَاةِ
الْكُوفَةِ ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُقَدِّرُونَ : إِذِ الْقُلُوبُ مِنْهُمْ وَالْحَنَاجِرُ
[ ص: 114 ] مِنْهُمْ وَالْمَعْنَى : إِذْ قُلُوبُ الَّذِينَ تُنْذِرُهُمْ ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ ، فَأَمَّا قُلُوبُ الصَّالِحِينَ يَوْمَئِذٍ فَمُطْمَئِنَّةٌ .
وَالْقُلُوبُ : الْبَضْعَاتُ الصُّنُوبَرِيَّةُ الَّتِي تَتَحَرَّكُ حَرَكَةً مُسْتَمِرَّةً مَا دَامَ الْجِسْمُ حَيًّا فَتَدْفَعُ الدَّمَ إِلَيَّ الشَّرَايِينِ الَّتِي بِهَا حَيَاةُ الْجِسْمِ .
وَالْحَنَاجِرُ : جَمْعُ حَنْجَرَةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَهِيَ الْحُلْقُومُ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) : أَنَّ الْقُلُوبَ يَشْتَدُّ اضْطِرَابُ حَرَكَتِهَا مِنْ فَرْطِ الْجَزَعِ مِمَّا يُشَاهِدُ أَهْلُهَا مِنْ بَوَارِقِ الْأَهْوَالِ حَتَّى تَتَجَاوَزَ الْقُلُوبُ مَوَاضِعَهَا صَاعِدَةً إِلَى الْحَنَاجِرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي ذِكْرِ يَوْمِ الْأَحْزَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ .
وَكَاظِمٌ : اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ كَظَمَ كُظُومًا ، إِذَا احْتَبَسَ نَفَسُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ . فَمَعْنَى كَاظِمِينَ سَاكِنِينَ لَا يَسْتَطِيعُونَ كَلَامًا . فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يُقَدَّرُ لِ ( كَاظِمِينَ ) مَفْعُولٌ لِأَنَّهُ عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْفِعْلِ اللَّازِمِ . وَيُقَالُ : كَظَمَ كَظْمًا ، إِذَا سَدَّ شَيْءٌ مَجْرَى مَاءٍ أَوْ بَابًا أَوْ طَرِيقًا فَهُوَ كَاظِمٌ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ مُقَدَّرًا . وَالتَّقْدِيرُ كَاظِمِينَهَا ، أَيْ كَاظِمِينَ حَنَاجِرَهُمْ إِشْفَاقًا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ مِنْ شِدَّةِ الِاضْطِرَابِ .
وَانْتَصَبَ ( كَاظِمِينَ ) عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ ( أَنْذِرْهُمْ ) عَلَى أَنَّ الْحَالَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْقُلُوبِ عَلَى الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ بِإِسْنَادِ الْكَاظِمِ إِلَى الْقُلُوبِ وَإِنَّمَا الْكَاظِمُ أَصْحَابُ الْقُلُوبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ) وَإِنَّمَا الْكَاتِبُونَ هُمْ بِأَيْدِيهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ فِي مَوْضِعِ بَدَلِ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=18الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ) لِأَنَّ تِلْكَ الْحَالَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَسْتَشْرِفُوا إِلَى شَفَاعَةِ مَنِ اتَّخَذُوهُمْ لِيَشْفَعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يَلْفَوْنَ صَدِيقًا وَلَا شَفِيعًا . وَالْحَمِيمُ : الْمُحِبُّ الْمُشْفِقُ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي ( الظَّالِمِينَ ) لِلِاسْتِغْرَاقِ لِيَعُمَّ كُلَّ ظَالِمٍ ، أَيْ مُشْرِكٍ فَيَشْمَلُ الظَّالِمِينَ الْمُنْذَرِينَ ، وَمَنْ مَضَى مِنْ أَمْثَالِهِمْ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ وَلِذَلِكَ فَلَيْسَ ذِكْرُ الظَّالِمِينَ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ .
[ ص: 115 ] وَوَصْفُ ( شَفِيعٍ ) بِجُمْلَةِ ( يُطَاعُ ) وَصْفٌ كَاشِفٌ إِذْ لَيْسَ أَنَّ الْمُرَادَ لَهُمْ شُفَعَاءُ لَا تُطَاعُ شَفَاعَتُهُمْ لِظُهُورِ قِلَّةِ جَدْوَى ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ شَأْنُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِلشَّفَاعَةِ أَنْ يَثِقَ بِطَاعَةِ الْمَشْفُوعِ عِنْدَهُ لَهُ .
وَأَتْبَعَ ( شَفِيعٍ ) بِوَصْفِ ( يُطَاعُ ) لِتَلَازُمِهِمَا عُرْفًا فَهُوَ مِنْ إِيرَادِ نَفْيِ الصِّفَةِ اللَّازِمَةِ لِلْمَوْصُوفِ . وَالْمَقْصُودُ : نَفِيُ الْمَوْصُوفِ بِضَرْبٍ مِنِ الْكِنَايَةِ التَّلْمِيحِيَّةِ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12572ابْنِ أَحْمَرَ :
وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِرْ
أَيْ لَا ضَبَّ فِيهَا فَيَنْجَحِرُ ، وَذَلِكَ يُفِيدُ مُفَادَ التَّأْكِيدِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ الشَّفِيعَ إِذَا لَمْ يُطِعْ فَلَيْسَ بِشَفِيعٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=30376وَاللَّهُ لَا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ إِلَّا إِذَا أَذِنَ لَهُ فَلَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا مَنْ يُطَاعُ .