ثم قال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73والذين كفروا بعضهم أولياء بعض أي : في النصرة والتعاون على قتال المسلمين ، فهم في جملتهم فريق واحد تجاه المسلمين وإن كانوا مللا كثيرة يعادي بعضها بعضا ، ولما نزلت هذه الآية ، بل السورة لم يكن في
الحجاز منهم إلا المشركون
واليهود ، وكان
اليهود يتولون المشركين وينصرونهم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمؤمنين بعد ما تقدم تفصيله من عقده ـ صلى الله عليه وسلم ـ العهود معهم ، وما كان من نقضهم لها ، ثم ظهرت بوادر عداوة
نصارى الروم له في
الشام ، وسيأتي بيان ذلك في الكلام على غزوة
تبوك من سورة التوبة وهي المتمة لما هنا من أحكام القتال مع المشركين
وأهل الكتاب .
وقيل : إن الولاية هنا ولاية الإرث كما قيل بذلك في ولاية المؤمنين فيما قبلها ، وجعلوه الأصل في عدم
nindex.php?page=treesubj&link=13667التوارث بين المسلمين والكفار ، وبإرث ملل الكفر بعضهم لبعض . وقال بعض المفسرين : إن هذه الجملة تدل بمفهومها على نفي
nindex.php?page=treesubj&link=32682_18271المؤازرة والمناصرة بين جميع الكفار وبين المسلمين ، وإيجاب المباعدة والمصارمة وإن كانوا أقارب ، وتراهم يقلد بعضهم بعضا في هذا القول . وقولهم : إنه مفهوم الآية أو هو المراد منها غير مسلم ، وقد تقدم النقل بأن
nindex.php?page=treesubj&link=27175صلة الرحم عامة في الإسلام للمسلم والكافر كتحريم الخيانة . ولا بأس أن نذكر هنا الخلاف في مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=13667التوارث بين المختلفين في الدين وما ورد فيها .
روى
أحمد والشيخان وأصحاب السنن الأربعة من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920199لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم قال
الحافظ في الفتح وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من رواية
هشيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري بلفظ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920200nindex.php?page=treesubj&link=13667لا يتوارث أهل ملتين " وجاءت رواية شاذة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري مثلها ، وله شاهد عند
الترمذي من حديث
جابر ، وآخر من حديث
عائشة عند
أبي يعلى ، وثالث من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في السنن الأربعة ، وسند
أبي داود فيه إلى
عمرو صحيح اهـ . وأقول : إن في كل رواية من الروايات لهذا اللفظ علة ولكن يؤيد بعضها بعضا ،
فهشيم مدلس كثير التدليس وأعدل الأقوال فيه قول
ابن سعد : إذا قال : أخبرنا فهو ثقة وإلا فلا . وهاهنا قال عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ولم يصرح بالسماع منه ، وقد كان كتب عنه صحيفة فقدت منه فكان يحدث
[ ص: 99 ] بما فيها من حفظه ، ونقلوا عنه أنه كان يحدث من حفظه فيحتمل أيضا أنه سمع الحديث بلفظ أسامة فذكره بهذا اللفظ كما رواه به
الحاكم عن
أسامة ، وخالف فيه نص الصحيحين وسائر الجماعة ، ولذلك ذكر عنه
ابن كثير ، وقفى عليه بذكر لفظ الصحيحين ، إشارة إلى ما فيه من علة مخالفة الثقات ، أو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه النافية للصحة ، وليس فيه أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قرأ آية الأنفال
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ( 73 ) كما روى
الحاكم . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيه خلاف مشهور والأكثرون يحتجون به .
ثم قال الحافظ بعد ذكر هذه الرواية وشواهدها : وتمسك بها من قال : لا يرث أهل ملة كافرة أهل ملة أخرى كافرة ، وحملها الجمهور على أن المراد بإحدى الملتين الإسلام ، وبالأخرى الكفر ، فيكون مساويا للرواية التي بلفظ الباب وهو أولى من حملها على ظاهر عمومها ، حتى يمتنع عن اليهودي مثلا أن يرث من النصراني . والأصح عند الشافعية أن
nindex.php?page=treesubj&link=14142الكافر يرث الكافر وهو قول الحنفية والأكثر ، ومقابله عن
مالك وأحمد ، وعنه التفرقة بين الذمي والحربي ، وكذا عند الشافعية . وعن
أبي حنيفة :
nindex.php?page=treesubj&link=14142لا يتوارث حربي من ذمي ، فإن كانا حربيين شرط أن يكونا من دار واحدة ، وعند الشافعية : لا فرق ، وعندهم وجه كالحنفية . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وربيعة وطائفة : الكفر ثلاث : يهودية ونصرانية وغيرهم ، فلا ترث ملة من هذه من ملة من الملتين . وعن طائفة من
أهل المدينة والبصرة كل فريق من الكفار ملة فلم يورثوا مجوسيا من وثني ولا يهوديا من نصراني ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وبالغ فقال : ولا يرث أهل نحلة من دين
أحد أهل نحلة أخرى منه كاليعقوبية والملكية من
النصارى اهـ . وأقرب هذه الأقوال إلى ما عليه تلك الملل قول
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ومن وافقهم هو ممن قبله .
ثم قال الحافظ : واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=9973_9990المرتد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد : " يصير ماله فيئا للمسلمين . وقال
مالك : يكون فيئا إلا إن قصد بردته أن يحرم ورثته المسلمين فيكون لهم . وكذا قال في
nindex.php?page=treesubj&link=25007الزنديق ، وعن
أبي يوسف ومحمد : لورثته المسلمين ، وعن
أبي حنيفة :
nindex.php?page=treesubj&link=9991_9992ما كسبه قبل الردة لورثته المسلمين ، وبعد الردة لبيت المال " إلخ .
وذكر الحافظ قبل ذلك ما روي عن
معاذ ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يورث المسلم من الكافر ولا عكس ، ومنه أن أخوين اختصما إليه ، مسلم ويهودي مات أبوهما يهوديا فحاز ابنه اليهودي ماله فنازعه المسلم فورث
معاذ المسلم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة مثل هذا عن
معاوية قال : نرث
أهل الكتاب ولا يرثونا ، كما يحل لنا النكاح منهم ، ولا يحل لهم منا ، وبه قال
مسروق nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي وإسحاق اهـ . وعليه
الإمامية وبعض
الزيدية .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير أي : إن لم تفعلوا ما ذكر وهو ما شرع لكم من ولاية بعضكم لبعض ، وتناصركم وتعاونكم تجاه ولاية الكفار بعضهم لبعض عليكم .
[ ص: 100 ] ومن
nindex.php?page=treesubj&link=8210_8637الوفاء بالعهود والمواثيق مع الكفار إلى أن ينقضي عهدهم أو ينبذ على سواء - يقع من الفتنة والفساد الكبير في الأرض ما فيه أعظم الخطر عليكم ، بتخاذلكم وفشلكم المفضي إلى ظفر الكفار بكم واضطهادكم في دينكم لصدكم عنه كما كانوا يفتنون ضعفاءكم
بمكة قبل الهجرة ، وقيل : إن لم تفعلوا ما أمرتم به في الميراث ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وتقدم ما فيه ، وقد ذكره عنه
البغوي هنا ثم قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : إلا تعاونوا وتناصروا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : جعل الله
المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم ، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إلا تفعلوه وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمن
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73تكن فتنة في الأرض وفساد كبير فالفتنة في الأرض : قوة الكفر ، والفساد الكبير : ضعف الإسلام اهـ .
وأقول : الأظهر أن الفتنة في الأرض ما ذكرنا من اضطهادهم المسلمين وصدهم عن دينهم ، كما يدل عليه ما سبق في هذه السورة ، وفي سورة البقرة ، وهي من لوازم قوة الكفر وسلطان أهله الذي كانوا عليه ، ولا يزال الذين يدعون حرية الدين منهم في هذا العصر يفتنون المسلمين عن دينهم حتى في بلاد المسلمين أنفسهم ، بما يلقيه دعاة النصرانية منهم من المطاعن فيه وفي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبما يغرون به الفقراء من العوام الجاهلين من المال وأسباب المعيشة ، كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=18080_28802_32477الفساد الكبير من لوازم ضعف الإسلام الذي يوجب على أهله تولي بعضهم لبعض في التعاون والنصرة وعدم تولي غيرهم من دونهم ، ويوجب على حكومته القوية العدل المطلق والمساواة فيه بين المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، والقوي والضعيف ، والغني والفقير ، والقريب والبعيد - كما تقدم شرحه مرارا - والذي يحرم الخيانة ونقض العهود حتى مع الكفار كما تقدم في هذه السورة أيضا مفصلا وذكرنا به آنفا . ومن وقف على تاريخ الدول الإسلامية التي سقطت وبادت والتي ضعفت بعد قوة ، يرى أن السبب الأعظم لفساد أمرها ترك تلك الولاية أو استبدال غيرها بها ، ومن الظاهر الجلي أن مسألة التوارث لا تقتضي هذه الفتنة العظيمة ، ولا هذا الفساد الكبير .
وقال
ابن كثير في تفسير هذه الشرطية : أي : إن لم تجانبوا المشركين ، وتوالوا المؤمنين وقعت فتنة في الناس ، وهو التباس الأمر واختلاط المؤمنين بالكافرين ، يقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل . اهـ . وأقول : إن
nindex.php?page=treesubj&link=30478_30470اختلاط المؤمنين الأقوياء في إيمانهم بالكافرين سبب قوي لانتشار الإسلام وظهور حقيته وفضائله كما وقع بعد صلح
الحديبية ، ولذلك سماه الله تعالى فتحا مبينا . وكذلك كان انتشار المسلمين في كثير من بلاد الكفر بقصد التجارة سببا لإسلام أهلها كلهم أو بعضهم كما وقع في
جزائر الهند الشرقية ( جاوه وما جاورها ) وفي أواسط
إفريقية . فهذا القول على إطلاقه ضعيف بل مردود ، وإنما يصح في حال ضعف
[ ص: 101 ] المسلمين في الدين والعلم ، واختلاطهم بمن هم أعلم منهم بالجدل ، وإيراد الشبهات في صورة الحجج مع تعصبهم في كفرهم ودعوتهم إليه ، كحال هذا الزمان في بلاد كثيرة ، ولولا هذا التنبيه لما نقلت هذا القول .
ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير بعد نقل الخلاف قول من قال : إن هذا في ولاية التناصر والتعاون ووجوب الهجرة في ذلك العهد ، وتحريم المقام في دار الحرب ، وعلله بأن المعروف المشهور في كلام العرب من معنى الولي أنه النصير والمعين ، أو ابن العم والنسيب ، فأما الوارث فغير معروف ذلك من معانيه . ثم قال ما نصه : وإذا كان ذلك كذلك تبين أن أولى التأويلين بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير تأويل من قال : إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين " إلخ .
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ أَيْ : فِي النُّصْرَةِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَهُمْ فِي جُمْلَتِهِمْ فَرِيقٌ وَاحِدٌ تُجَاهَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانُوا مِلَلًا كَثِيرَةً يُعَادِي بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، بَلِ السُّورَةُ لَمْ يَكُنْ فِي
الْحِجَازِ مِنْهُمْ إِلَّا الْمُشْرِكُونَ
وَالْيَهُودُ ، وَكَانَ
الْيَهُودُ يَتَوَلَّوْنَ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْصُرُونَهُمْ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ مِنْ عَقْدِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْعُهُودَ مَعَهُمْ ، وَمَا كَانَ مِنْ نَقْضِهِمْ لَهَا ، ثُمَّ ظَهَرَتْ بَوَادِرُ عَدَاوَةِ
نَصَارَى الرُّومِ لَهُ فِي
الشَّامِ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَزْوَةِ
تَبُوكَ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ وَهِيَ الْمُتِمَّةُ لِمَا هُنَا مِنْ أَحْكَامِ الْقِتَالِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ
وَأَهْلِ الْكِتَابِ .
وَقِيلَ : إِنِ الْوِلَايَةَ هُنَا وِلَايَةُ الْإِرْثِ كَمَا قِيلَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا قَبْلَهَا ، وَجَعَلُوهُ الْأَصْلَ فِي عَدَمِ
nindex.php?page=treesubj&link=13667التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَبِإِرْثِ مِلَلِ الْكُفْرِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ . وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ تَدُلُّ بِمَفْهُومِهَا عَلَى نَفْيِ
nindex.php?page=treesubj&link=32682_18271الْمُؤَازَرَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ بَيْنَ جَمِيعِ الْكُفَّارِ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِيجَابِ الْمُبَاعَدَةِ وَالْمُصَارَمَةِ وَإِنْ كَانُوا أَقَارِبَ ، وَتَرَاهُمْ يُقَلِّدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي هَذَا الْقَوْلِ . وَقَوْلُهُمْ : إِنَّهُ مَفْهُومُ الْآيَةِ أَوْ هُوَ الْمُرَادُ مِنْهَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27175صِلَةَ الرَّحِمِ عَامَّةٌ فِي الْإِسْلَامِ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ كَتَحْرِيمِ الْخِيَانَةِ . وَلَا بَأْسَ أَنْ نَذْكُرَ هُنَا الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=13667التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الدِّينِ وَمَا وَرَدَ فِيهَا .
رَوَى
أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920199لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ قَالَ
الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ
هُشَيْمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920200nindex.php?page=treesubj&link=13667لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ " وَجَاءَتْ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ مِثْلُهَا ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ
التِّرْمِذِيَّ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ ، وَآخِرُ مَنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ عِنْدَ
أَبِي يَعْلَى ، وَثَالِثٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ ، وَسَنَدُ
أَبِي دَاوُدَ فِيهِ إِلَى
عَمْرٍو صَحِيحٌ اهـ . وَأَقُولُ : إِنَّ فِي كُلِّ رِوَايَةٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ لِهَذَا اللَّفْظِ عِلَّةٌ وَلَكِنْ يُؤَيِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا ،
فَهُشَيْمٌ مُدَلِّسٍ كَثِيرُ التَّدْلِيسِ وَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِيهِ قَوْلُ
ابْنِ سَعْدٍ : إِذَا قَالَ : أَخْبَرَنَا فَهُوَ ثِقَةٌ وَإِلَّا فَلَا . وَهَاهُنَا قَالَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ ، وَقَدْ كَانَ كَتَبَ عَنْهُ صَحِيفَةً فُقِدَتْ مِنْهُ فَكَانَ يُحَدِّثُ
[ ص: 99 ] بِمَا فِيهَا مِنْ حِفْظِهِ ، وَنَقَلُوا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ مِنْ حِفْظِهِ فَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُ سَمِعَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ أُسَامَةَ فَذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ كَمَا رَوَاهُ بِهِ
الْحَاكِمُ عَنْ
أُسَامَةَ ، وَخَالَفَ فِيهِ نَصَّ الصَّحِيحَيْنِ وَسَائِرِ الْجَمَاعَةِ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ عَنْهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ، وَقَفَّى عَلَيْهِ بِذِكْرِ لَفْظِ الصَّحِيحَيْنِ ، إِشَارَةً إِلَى مَا فِيهِ مِنْ عِلَّةِ مُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ ، أَوْ مُخَالَفَةِ الثِّقَةِ لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ النَّافِيَةِ لِلصِّحَّةِ ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَرَأَ آيَةَ الْأَنْفَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ( 73 ) كَمَا رَوَى
الْحَاكِمُ . وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْأَكْثَرُونَ يَحْتَجُّونَ بِهِ .
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَشَوَاهِدِهَا : وَتَمَسَّكَ بِهَا مَنْ قَالَ : لَا يَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ كَافِرَةٍ أَهْلَ مِلَّةٍ أُخْرَى كَافِرَةٍ ، وَحَمَلَهَا الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِحْدَى الْمِلَّتَيْنِ الْإِسْلَامُ ، وَبِالْأُخْرَى الْكُفْرُ ، فَيَكُونُ مُسَاوِيًا لِلرِّوَايَةِ الَّتِي بِلَفْظِ الْبَابِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِ عُمُومِهَا ، حَتَّى يَمْتَنِعَ عَنِ الْيَهُودِيِّ مَثَلًا أَنْ يَرِثَ مِنَ النَّصْرَانِيِّ . وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=14142الْكَافِرَ يَرِثُ الْكَافِرَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْأَكْثَرِ ، وَمُقَابِلُهُ عَنْ
مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ، وَعَنْهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ ، وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ . وَعَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=14142لَا يَتَوَارَثُ حَرْبِيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ ، فَإِنْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ شُرِطَ أَنْ يَكُونَا مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ : لَا فَرْقَ ، وَعِنْدَهُمْ وَجْهٌ كَالْحَنَفِيَّةِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَطَائِفَةٍ : الْكُفْرُ ثَلَاثٌ : يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَغَيْرُهُمْ ، فَلَا تَرِثُ مِلَّةٌ مِنْ هَذِهِ مِنْ مِلَّةٍ مِنَ الْمِلَّتَيْنِ . وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الْكُفَّارِ مِلَّةٌ فَلَمْ يُوَرِّثُوا مَجُوسِيًّا مِنْ وَثَنِيٍّ وَلَا يَهُودِيًّا مِنْ نَصَرَانِيٍّ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ وَبَالَغَ فَقَالَ : وَلَا يَرِثُ أَهْلُ نِحْلَةٍ مِنْ دِينٍ
أَحَدَ أَهْلِ نِحْلَةٍ أُخْرَى مِنْهُ كَالْيَعْقُوبِيَّةِ وَالْمَلَكِيَّةِ مِنَ
النَّصَارَى اهـ . وَأَقْرَبُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إِلَى مَا عَلَيْهِ تِلْكَ الْمِلَلِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمْ هُوَ مِمَّنْ قَبْلَهُ .
ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ : وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=9973_9990الْمُرْتَدِّ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ : " يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ . وَقَالَ
مَالِكٌ : يَكُونُ فَيْئًا إِلَّا إِنْ قَصَدَ بِرِدَّتِهِ أَنْ يَحْرِمَ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ لَهُمْ . وَكَذَا قَالَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=25007الزِّنْدِيقِ ، وَعَنْ
أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ : لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=9991_9992مَا كَسَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ ، وَبَعْدَ الرِّدَّةِ لِبَيْتِ الْمَالِ " إِلَخْ .
وَذَكَرَ الْحَافِظُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ
مُعَاذٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أَنَّهُ كَانَ يُوَرِّثُ الْمُسْلِمَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَا عَكْسَ ، وَمِنْهُ أَنَّ أَخَوَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَيْهِ ، مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ مَاتَ أَبُوهُمَا يَهُودِيًّا فَحَازَ ابْنُهُ الْيَهُودِيُّ مَالَهُ فَنَازَعَهُ الْمُسْلِمَ فَوَرَّثَ
مُعَاذٌ الْمُسْلِمَ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِثْلَ هَذَا عَنْ
مُعَاوِيَةَ قَالَ : نَرِثُ
أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا يَرِثُونَا ، كَمَا يَحِلُّ لَنَا النِّكَاحُ مِنْهُمْ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ مِنَّا ، وَبِهِ قَالَ
مَسْرُوقٌ nindex.php?page=showalam&ids=15990وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ اهـ . وَعَلَيْهِ
الْإِمَامِيَّةُ وَبَعْضُ
الزَّيْدِيَّةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ أَيْ : إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا ذَكَرَ وَهُوَ مَا شَرَعَ لَكُمْ مِنْ وِلَايَةِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ ، وَتَنَاصُرِكُمْ وَتُعَاوُنِكُمْ تُجَاهَ وِلَايَةِ الْكُفَّارِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَيْكُمْ .
[ ص: 100 ] وَمِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=8210_8637الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ مَعَ الْكُفَّارِ إِلَى أَنْ يَنْقَضِيَ عَهْدُهُمْ أَوْ يُنْبَذَ عَلَى سَوَاءٍ - يَقَعُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْفَسَادِ الْكَبِيرِ فِي الْأَرْضِ مَا فِيهِ أَعْظَمُ الْخَطَرِ عَلَيْكُمْ ، بِتَخَاذُلِكُمْ وَفَشَلِكُمُ الْمُفْضِي إِلَى ظَفَرِ الْكُفَّارِ بِكُمْ وَاضْطِهَادِكُمْ فِي دِينِكُمْ لِصَدِّكُمْ عَنْهُ كَمَا كَانُوا يَفْتِنُونَ ضُعَفَاءَكُمْ
بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَقِيلَ : إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فِي الْمِيرَاثِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ
الْبَغَوِيُّ هُنَا ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : إِلَّا تَعَاوَنُوا وَتَنَاصَرُوا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : جَعَلَ اللَّهُ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ أَهْلَ وِلَايَةٍ فِي الدِّينِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ ، وَجَعَلَ الْكَافِرِينَ بَعْضَهَمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إِلَّا تَفْعَلُوهُ وَهُوَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ دُونَ الْمُؤْمِنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ فَالْفِتْنَةُ فِي الْأَرْضِ : قُوَّةُ الْكُفْرِ ، وَالْفَسَادُ الْكَبِيرُ : ضَعْفُ الْإِسْلَامِ اهـ .
وَأَقُولُ : الْأَظْهَرُ أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي الْأَرْضِ مَا ذَكَرْنَا مِنِ اضْطِهَادِهِمُ الْمُسْلِمِينَ وَصَدِّهِمْ عَنْ دِينِهِمْ ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَفِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَهِيَ مِنْ لَوَازِمَ قُوَّةِ الْكُفْرِ وَسُلْطَانِ أَهْلِهِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ ، وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ يَدَّعُونَ حُرِّيَّةَ الدِّينِ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْعَصْرِ يَفْتِنُونَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ حَتَّى فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أَنْفُسِهِمْ ، بِمَا يُلْقِيهِ دُعَاةُ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْهُمْ مِنَ الْمَطَاعِنِ فِيهِ وَفِي الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَبِمَا يُغْرُونَ بِهِ الْفُقَرَاءَ مِنَ الْعَوَامِّ الْجَاهِلِينَ مِنَ الْمَالِ وَأَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ ، كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=18080_28802_32477الْفَسَادُ الْكَبِيرُ مِنْ لَوَازِمَ ضَعْفِ الْإِسْلَامِ الَّذِي يُوجِبُ عَلَى أَهْلِهِ تَوَلِّي بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي التَّعَاوُنِ وَالنُّصْرَةِ وَعَدَمِ تَوَلِّي غَيْرِهِمْ مِنْ دُونِهِمْ ، وَيُوجِبُ عَلَى حُكُومَتِهِ الْقَوِيَّةِ الْعَدْلَ الْمُطْلَقَ وَالْمُسَاوَاةَ فِيهِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ ، وَالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ، وَالْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ ، وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ ، وَالْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ - كَمَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مِرَارًا - وَالَّذِي يُحَرِّمُ الْخِيَانَةَ وَنَقْضَ الْعُهُودِ حَتَّى مَعَ الْكُفَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَيْضًا مُفَصَّلًا وَذَكَّرْنَا بِهِ آنِفًا . وَمَنْ وَقَفَ عَلَى تَارِيخِ الدُّوَلِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي سَقَطَتْ وَبَادَتْ وَالَّتِي ضَعُفَتْ بَعْدَ قُوَّةٍ ، يَرَى أَنَّ السَّبَبَ الْأَعْظَمَ لِفَسَادِ أَمْرِهَا تَرْكُ تِلْكَ الْوِلَايَةِ أَوِ اسْتِبْدَالُ غَيْرِهَا بِهَا ، وَمِنَ الظَّاهِرِ الْجَلِيِّ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّوَارُثِ لَا تَقْتَضِي هَذِهِ الْفِتْنَةَ الْعَظِيمَةَ ، وَلَا هَذَا الْفَسَادَ الْكَبِيرَ .
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الشَّرْطِيَّةِ : أَيْ : إِنْ لَمْ تُجَانِبُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَتُوَالُوا الْمُؤْمِنِينَ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ فِي النَّاسِ ، وَهُوَ الْتِبَاسُ الْأَمْرِ وَاخْتِلَاطُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكَافِرِينَ ، يَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ فَسَادٌ مُنْتَشِرٌ عَرِيضٌ طَوِيلٌ . اهـ . وَأَقُولُ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30478_30470اخْتِلَاطَ الْمُؤْمِنِينَ الْأَقْوِيَاءَ فِي إِيمَانِهِمْ بِالْكَافِرِينَ سَبَبٌ قَوِيٌّ لِانْتِشَارِ الْإِسْلَامِ وَظُهُورِ حَقِّيَّتِهِ وَفَضَائِلِهِ كَمَا وَقَعَ بَعْدَ صُلْحِ
الْحُدَيْبِيَةِ ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى فَتْحًا مُبِينًا . وَكَذَلِكَ كَانَ انْتِشَارُ الْمُسْلِمِينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ سَبَبًا لِإِسْلَامِ أَهْلِهَا كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ كَمَا وَقَعَ فِي
جَزَائِرِ الْهِنْدِ الشَّرْقِيَّةِ ( جَاوَهْ وَمَا جَاوَرَهَا ) وَفِي أَوَاسِطِ
إِفْرِيقِيَّةَ . فَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى إِطْلَاقِهِ ضَعِيفٌ بَلْ مَرْدُودٌ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي حَالِ ضَعْفِ
[ ص: 101 ] الْمُسْلِمِينَ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ ، وَاخْتِلَاطِهِمْ بِمَنْ هُمْ أَعْلَمُ مِنْهُمْ بِالْجَدَلِ ، وَإِيرَادِ الشُّبُهَاتِ فِي صُورَةِ الْحُجَجِ مَعَ تَعَصُّبِهِمْ فِي كُفْرِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ إِلَيْهِ ، كَحَالِ هَذَا الزَّمَانِ فِي بِلَادٍ كَثِيرَةٍ ، وَلَوْلَا هَذَا التَّنْبِيهُ لَمَا نَقَلْتُ هَذَا الْقَوْلَ .
وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ بَعْدَ نَقْلِ الْخِلَافِ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنَّ هَذَا فِي وِلَايَةِ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ وَوُجُوبِ الْهِجْرَةِ فِي ذَلِكَ الْعَهْدِ ، وَتَحْرِيمِ الْمُقَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ الْمَشْهُورَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ مَعْنَى الْوَلِيِّ أَنَّهُ النَّصِيرُ وَالْمُعِينُ ، أَوِ ابْنُ الْعَمِّ وَالنَّسِيبُ ، فَأَمَّا الْوَارِثُ فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِيهِ . ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ : وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=73إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ تَأْوِيلُ مِنْ قَالَ : إِلَّا تَفْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنَ التَّعَاوُنِ وَالنُّصْرَةِ عَلَى الدِّينِ " إِلَخْ .