(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=28981ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ) .
لما بين تعالى لعباده سعة علمه ، ومراقبته لعباده ، وإحصاءه أعمالهم عليهم ، وجزاءهم عليها ، وذكرهم بفضله ، وما يجب عليهم من شكره ، بين لهم في هذه الآيات الثلاث حال الشاكرين المتقين ، الذين لهم أحسن الجزاء في يوم الدين فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62ألا إن أولياء الله ) افتتحت هذه الجملة بكلمة ( ألا ) للتنبيه وتوجيه الفكر لها ، والأولياء : جمع ولي وهو وصف من الولاء والتوالي ، ومن الولاية والتولي ، فيطلق على القريب بالنسب وبالمكانة والصداقة ، وعلى النصير ، والمتولي للأمر والحكم أو على اليتيم والقاصر المدبر لشئونه ، ويوصف به العبد والرب تعالى كما تقدم في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257الله ولي الذين آمنوا ) ( 2 : 257 ) وفصلنا الكلام في تفسيره
[ ص: 341 ] بما بينا به ولاية الله العامة والخاصة لعباده ، وولايتهم له ، أو للشيطان والطاغوت ، وولاية بعضهم لبعض وضلال بعضهم بجعل ولاية الله الخاصة به لبعض عباده ، ( وهم الذين يسمونهم أولياء الله بما يسلبهم استحقاق هذا اللقب ، وذكرنا في شواهد ذلك التفسير هذه الآية .
nindex.php?page=treesubj&link=29435_19863_28806أولياء الله أضداد أعدائه المشركين به ، والكافرين بنعمه ، فهم المؤمنون المتقون كما نطقت به الآية ، وهم درجات أعلاهم درجة هم الذين يتولونه بإخلاص العبادة له وحده ، والتوكل عليه ، وحبه والحب فيه ، والولاية له ، فلا يتخذون له أندادا يحبونهم من نوع حبه ، ولا يتخذون من دونه وليا ولا شفيعا يقربهم إليه زلفى ، ولا وكيلا ولا نصيرا فيما يخرج عن توفيقهم لإقامة سننه في الأسباب والمسببات ، ويتولون رسوله والمؤمنين بما أمرهم به ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ) ( 6 : 51 ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ) ( 32 : 4 ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) ( 33 : 17 ) وقال في آيتين أخريين منها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وكفى بالله وكيلا ) ( 33 : 3 ، 48 ) والآيات كثيرة في توليهم له بالطاعة ، وتوليه لهم بالهداية والعناية والإعانة والنصر والتوفيق .
وحسبنا هنا ما نفاه عنهم وما وصفهم به ثم ما زفه إليهم من البشارة ، فأما ما نفاه مخبرا به عنهم فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) وهو ما نفاه عن جميع المؤمنين الصالحين والمصلحين والمتقين في الآيات الكثيرة ( راجع 2 : 62 ، 5 : 69 و 6 : 48 ، 7 : 35 ، 49 وقد تقدم تفسيرها ) فأما في الآخرة حيث يتحقق هذا على أتم وجه وهو المقصود بالذات فلا خوف يقع عليهم ويرهقون به مما يخاف الكفار والفساق والظالمون من أهوال الموقف وعذاب الآخرة ، كما قال تعالى بعد ذكر إبعادهم عن جهنم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لا يحزنهم الفزع الأكبر ) ( 21 : 103 ) الآية ، ولا هم يحزنون على ما تركوا وراءهم ، وأما في الدنيا فلا يخافون مما يخاف غيرهم من الكفار وضعفاء الإيمان وعبيد الدنيا من مكروه يتوقع كلقاء العدو ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=175فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) ( 3 : 175 ) أو بخس في الحقوق أو رهق يغشاهم بالظلم والذل ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) ( 72 : 13 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62ولا هم يحزنون ) من مكروه أو ذهاب محبوب وقع بالفعل كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لا تأسوا على ما فاتكم ) ( 57 : 23 ) والمراد أنهم لا يخافون في الدنيا كخوف الكفار ولا يحزنون كحزنهم ، وسنذكر نفي الخوف والحزن عنهم عند الموت وأما أصل الخوف والحزن فهو من الأعراض البشرية التي لا يسلم منها أحد في الدنيا ، وإنما يكون
nindex.php?page=treesubj&link=19570_19635_19627المؤمنون الصالحون أصبر الناس وأرضاهم بسنن الله ، اعتقادا وعلما بأنه إذا ابتلاهم بشيء مما يخيف أو يحزن فإنما يربيهم بذلك لتكميل نفوسهم وتمحيصها بالجهاد في سبيله الذي يزداد به أجرهم كما صرحت بذلك الآيات الكثيرة .
[ ص: 342 ] وأما ما وصفهم وعرفهم به فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون ) فهذا استئناف لبيان حال هؤلاء الأولياء النفسية العلمية والعملية . أي هم الذين جمعوا بين الإيمان الصحيح بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وملكة التقوى له عز وجل ، وما تقتضيه من عمل . وعبر عن إيمانهم بالفعل الماضي لبيان أنه كان كاملا باليقين ، لم يزلزله شك ولم يحصل بالتدريج ، وعن تقواهم بالفعل الذي يدل على الحال والاستقبال لأن
nindex.php?page=treesubj&link=19874التقوى تتجدد دائما بحسب متعلقاتها : من كسب وحرب ، وشهوة وغضب ، والمعنى الجامع فيها أنها اتقاء كل ما لا يرضي الله تعالى من ترك واجب ومندوب ، وفعل محرم ومكروه ، واتقاء مخالفة سنن الله تعالى في خلقه من أسباب الصحة والقوة والنصر والعزة وسيادة الأمة . وقد فصلنا هذا في مواضع من أهمها تفسير قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=29ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) ( 8 : 29 ) .
وأما البشرى التي زفها إليهم فهي قوله :
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) البشرى : الخبر السار الذي تنبسط به بشرة الوجه فيتهلل وتبرق أساريره . وهذه البشرى مبينة في مواضع من كتاب الله تعالى ، وقد يراد بها متعلقها الذي يبشرون به ، ولم يذكر هنا ليشمل كل ما بشروا به في كتاب الله تعالى وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، فأما البشرى في الحياة الدنيا فأهمها البشارة بالنصر ، وبحسن العاقبة في كل أمر ، وباستخلافهم في الأرض ما أقاموا شرع الله وسننه ، ونصروا دينه وأعلوا كلمته ، وأما في الآخرة فمن أكملها وأجمعها لمعاني الآية لأكملهم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ) ( 41 : 30 - 32 ) المشهور في تنزل الملائكة عليهم أنه يكون عند البعث ، وكذا عند الموت ، ولا مانع من شموله لما في الملائكة الذين أمد بهم أصحاب رسوله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة
بدر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم ( 8 : 10 ) الآية . ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ) ( 8 : 12 ) وقد يكون منه إلهام الحق والخير كما ورد في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مرفوعا عند
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=918618إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى فيتعوذ بالله من الشيطان ) ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لا تبديل لكلمات الله ) أي لا تغيير ولا خلف في مواعيد الله عز وجل ، ومنها هذه البشارات وما في معناها من الآيات (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64ذلك هو الفوز العظيم ) أي ذلك الذي ذكر من البشرى بسعادة الدارين هو الفوز العظيم الذي لا يعلوه فوز وإنما هو ثمرة الإيمان الحق ، والتقوى العامة في حقوق الله وحقوق الخلق .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=28981أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى لِعِبَادِهِ سَعَةَ عِلْمِهِ ، وَمُرَاقَبَتَهُ لِعِبَادِهِ ، وَإِحْصَاءَهُ أَعْمَالَهُمْ عَلَيْهِمْ ، وَجَزَاءَهُمْ عَلَيْهَا ، وَذَكَّرَهُمْ بِفَضْلِهِ ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ شُكْرِهِ ، بَيَّنَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ حَالَ الشَّاكِرِينَ الْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ لَهُمْ أَحْسَنُ الْجَزَاءِ فِي يَوْمِ الدِّينِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ) افْتُتِحَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِكَلِمَةِ ( أَلَا ) لِلتَّنْبِيهِ وَتَوْجِيهِ الْفِكْرِ لَهَا ، وَالْأَوْلِيَاءُ : جَمْعُ وَلِيٍّ وَهُوَ وَصْفٌ مِنَ الْوَلَاءِ وَالتَّوَالِي ، وَمِنَ الْوِلَايَةِ وَالتَّوَلِّي ، فَيُطْلَقُ عَلَى الْقَرِيبِ بِالنَّسَبِ وَبِالْمَكَانَةِ وَالصَّدَاقَةِ ، وَعَلَى النَّصِيرِ ، وَالْمُتَوَلِّي لِلْأَمْرِ وَالْحُكْمِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ وَالْقَاصِرِ الْمُدَبِّرُ لِشُئُونِهِ ، وَيُوصَفُ بِهِ الْعَبْدُ وَالرَّبُّ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=257اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) ( 2 : 257 ) وَفَصَّلْنَا الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِهِ
[ ص: 341 ] بِمَا بَيَّنَّا بِهِ وِلَايَةَ اللَّهِ الْعَامَّةَ وَالْخَاصَّةَ لِعِبَادِهِ ، وَوِلَايَتَهُمْ لَهُ ، أَوْ لِلشَّيْطَانِ وَالطَّاغُوتِ ، وَوِلَايَةَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَضَلَالِ بَعْضِهِمْ بِجَعْلِ وِلَايَةِ اللَّهِ الْخَاصَّةَ بِهِ لِبَعْضِ عِبَادِهِ ، ( وَهُمُ الَّذِينَ يُسَمُّونَهُمْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ بِمَا يَسْلُبُهُمُ اسْتِحْقَاقَ هَذَا اللَّقَبِ ، وَذَكَرْنَا فِي شَوَاهِدِ ذَلِكَ التَّفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29435_19863_28806أَوْلِيَاءُ اللَّهِ أَضْدَادُ أَعْدَائِهِ الْمُشْرِكِينَ بِهِ ، وَالْكَافِرِينَ بِنِعَمِهِ ، فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّقُونَ كَمَا نَطَقَتْ بِهِ الْآيَةُ ، وَهُمْ دَرَجَاتٌ أَعْلَاهُمْ دَرَجَةً هُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ ، وَحُبِّهِ وَالْحُبِّ فِيهِ ، وَالْوِلَايَةِ لَهُ ، فَلَا يَتَّخِذُونَ لَهُ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ مِنْ نَوْعِ حُبِّهِ ، وَلَا يَتَّخِذُونَ مِنْ دُونِهِ وَلِيًّا وَلَا شَفِيعًا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ زُلْفَى ، وَلَا وَكِيلًا وَلَا نَصِيرًا فِيمَا يَخْرُجُ عَنْ تَوْفِيقِهِمْ لِإِقَامَةِ سُنَنِهِ فِي الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ ، وَيَتَوَلَّوْنَ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) ( 6 : 51 ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ) ( 32 : 4 ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) ( 33 : 17 ) وَقَالَ فِي آيَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=3وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) ( 33 : 3 ، 48 ) وَالْآيَاتُ كَثِيرَةٌ فِي تَوَلِّيهِمْ لَهُ بِالطَّاعَةِ ، وَتَوَلِّيهِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْإِعَانَةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّوْفِيقِ .
وَحَسْبُنَا هُنَا مَا نَفَاهُ عَنْهُمْ وَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ ثُمَّ مَا زَفَّهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبِشَارَةِ ، فَأَمَّا مَا نَفَاهُ مُخْبِرًا بِهِ عَنْهُمْ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) وَهُوَ مَا نَفَاهُ عَنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّالِحِينَ وَالْمُصْلِحِينَ وَالْمُتَّقِينَ فِي الْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ ( رَاجِعْ 2 : 62 ، 5 : 69 و 6 : 48 ، 7 : 35 ، 49 وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا ) فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ هَذَا عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ فَلَا خَوْفَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ وَيُرْهَقُونَ بِهِ مِمَّا يَخَافُ الْكُفَّارُ وَالْفُسَّاقُ وَالظَّالِمُونَ مِنْ أَهْوَالِ الْمَوْقِفِ وَعَذَابِ الْآخِرَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ إِبْعَادِهِمْ عَنْ جَهَنَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=103لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) ( 21 : 103 ) الْآيَةَ ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَلَا يَخَافُونَ مِمَّا يَخَافُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ وَعَبِيدِ الدُّنْيَا مِنْ مَكْرُوهٍ يُتَوَقَّعُ كَلِقَاءِ الْعَدُوِّ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=175فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ( 3 : 175 ) أَوْ بَخْسٍ فِي الْحُقُوقِ أَوْ رَهَقٍ يَغْشَاهُمْ بِالظُّلْمِ وَالذُّلِّ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ) ( 72 : 13 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) مِنْ مَكْرُوهٍ أَوْ ذَهَابِ مَحْبُوبٍ وَقَعَ بِالْفِعْلِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ) ( 57 : 23 ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يَخَافُونَ فِي الدُّنْيَا كَخَوْفِ الْكُفَّارِ وَلَا يَحْزَنُونَ كَحُزْنِهِمْ ، وَسَنَذْكُرُ نَفْيَ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ عِنْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا أَصْلُ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ فَهُوَ مِنَ الْأَعْرَاضِ الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي لَا يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا ، وَإِنَّمَا يَكُونُ
nindex.php?page=treesubj&link=19570_19635_19627الْمُؤْمِنُونَ الصَّالِحُونَ أَصْبَرَ النَّاسِ وَأَرْضَاهُمْ بِسُنَنِ اللَّهِ ، اعْتِقَادًا وَعِلْمًا بِأَنَّهُ إِذَا ابْتَلَاهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا يُخِيفُ أَوْ يُحْزِنُ فَإِنَّمَا يُرَبِّيهِمْ بِذَلِكَ لِتَكْمِيلِ نُفُوسِهِمْ وَتَمْحِيصِهَا بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ الَّذِي يَزْدَادُ بِهِ أَجْرُهُمْ كَمَا صَرَّحَتْ بِذَلِكَ الْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ .
[ ص: 342 ] وَأَمَّا مَا وَصَفَهُمْ وَعَرَّفَهُمْ بِهِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) فَهَذَا اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ حَالِ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ النَّفْسِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ . أَيْ هُمُ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَمَلَكَةِ التَّقْوَى لَهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ عَمَلٍ . وَعَبَّرَ عَنْ إِيمَانِهِمْ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي لِبَيَانِ أَنَّهُ كَانَ كَامِلًا بِالْيَقِينِ ، لَمْ يُزَلْزِلْهُ شَكٌّ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالتَّدْرِيجِ ، وَعَنْ تَقْوَاهُمْ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19874التَّقْوَى تَتَجَدَّدُ دَائِمًا بِحَسَبِ مُتَعَلَّقَاتِهَا : مِنْ كَسْبٍ وَحَرْبٍ ، وَشَهْوَةٍ وَغَضَبٍ ، وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ فِيهَا أَنَّهَا اتِّقَاءُ كُلِّ مَا لَا يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ ، وَفِعْلِ مُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ ، وَاتِّقَاءِ مُخَالَفَةِ سُنَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ مِنْ أَسْبَابِ الصِّحَّةِ وَالْقُوَّةِ وَالنَّصْرِ وَالْعِزَّةِ وَسِيَادَةِ الْأُمَّةِ . وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ أَهَمِّهَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=29يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ( 8 : 29 ) .
وَأَمَّا الْبُشْرَى الَّتِي زَفَّهَا إِلَيْهِمْ فَهِيَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28981 ( nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) الْبُشْرَى : الْخَبَرُ السَّارُّ الَّذِي تَنْبَسِطُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ فَيَتَهَلَّلُ وَتَبْرُقُ أَسَارِيرُهُ . وَهَذِهِ الْبُشْرَى مُبَيَّنَةٌ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مُتَعَلِّقُهَا الَّذِي يُبَشَّرُونَ بِهِ ، وَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا بُشِّرُوا بِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَأَمَّا الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَأَهُمُّهَا الْبِشَارَةُ بِالنَّصْرِ ، وَبِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ فِي كُلِّ أَمْرٍ ، وَبِاسْتِخْلَافِهِمْ فِي الْأَرْضِ مَا أَقَامُوا شَرْعَ اللَّهِ وَسُنَنَهُ ، وَنَصَرُوا دِينَهُ وَأَعْلَوْا كَلِمَتَهُ ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمِنْ أَكْمَلِهَا وَأَجْمَعِهَا لِمَعَانِي الْآيَةِ لِأَكْمَلِهِمْ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) ( 41 : 30 - 32 ) الْمَشْهُورُ فِي تَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ يَكُونُ عِنْدَ الْبَعْثِ ، وَكَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلَا مَانِعَ مِنْ شُمُولِهِ لِمَا فِي الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ أَمَدَّ بِهِمْ أَصْحَابَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=10وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ( 8 : 10 ) الْآيَةَ . ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ) ( 8 : 12 ) وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُ إِلْهَامُ الْحَقِّ وَالْخَيْرِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ
التِّرْمِذِيَّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=918618إِنْ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلِكِ لَمَّةً ، فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلِكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَيَتَعَوَّذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ) ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) أَيْ لَا تَغْيِيرَ وَلَا خُلْفَ فِي مَوَاعِيدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا هَذِهِ الْبِشَارَاتُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْآيَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) أَيْ ذَلِكَ الَّذِي ذُكِرَ مِنَ الْبُشْرَى بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا يَعْلُوهُ فَوْزٌ وَإِنَّمَا هُوَ ثَمَرَةُ الْإِيمَانِ الْحَقِّ ، وَالتَّقْوَى الْعَامَّةُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْخَلْقِ .