السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري، منذ طفولتي وأنا أعاني من ضعف الثقة بالنفس، كان والدي غائبًا معظم الوقت بسبب السفر، وكنت أشعر بالخوف عند ذهابي إلى المدرسة، رغم تفوّقي الدراسي، وخوفي كان نابعًا من توقع العقاب أو الضرب من المعلمين.
تعرضت في صغري لتحرّش من فتاة من جيراننا تكبرني بنحو سبع سنوات، ومع بداية مرحلة البلوغ، بدأت أتصرّف تصرفات خاطئة تجاه إحدى قريباتي والتحرش بها، واستمرّ ذلك حتى المرحلة الثانوية، وكنت بطبعي خجولًا، ولا أمتلك الجرأة الكافية للتعبير عن نفسي، حتى في الأمور البسيطة مثل لعب الكرة، كنت أشعر بالخوف والتوتر، وأذكر أنني في المرحلة الثانوية انسحبت من المشاركة في عرض مدرسي، بسبب عدم قدرتي على مواجهة الناس، كما كنت أتوتّر كثيرًا في الامتحانات، ويحدث لي أحيانًا إنزال دون انتصاب بسبب القلق.
مع دخولي الجامعة حاولت أن أتغيّر، وأن أستعيد ثقتي بنفسي، لكن الأمر لم يكن سهلًا، كنت دائمًا أراقب مظهري، وأشعر أن فيّ عيبًا رغم أنني -على الأرجح- طبيعي، تأخرت في التخرّج بسبب تعثري في الدراسة، لكن –بحمد الله– أنهيت دراستي مؤخرًا.
بدأت أحاول التحدث مع الآخرين بشجاعة، لكن شعور النقص وانعدام الثقة كان يرافقني باستمرار، ومنذ عدة أشهر توفي قريب لي، كان يعاني من وسواس قهري، وقد كنت أرافقه خلال علاجه، وأعرف تمامًا ما كان يمرّ به، وفاة هذا القريب أثَّرت فيّ كثيرًا، وفي أحد الأيام قررت أن أغيّر نمط حياتي، وأن ألتزم بالصلاة والطاعات، فاستيقظت لصلاة الجمعة، وذهبت مبكرًا وجلسْتُ في الصف الأول، لكن بمجرد صعود الإمام المنبر شعرت بخوف شديد، وكأنني سأقوم بتصرف شاذ أمام الناس، وبدأ جسدي بالارتجاف، وشعرتُ بتوتر هائل، وانتظرت انتهاء الصلاة وخرجت مسرعًا، خائفًا ومضطربًا، ومنذ تلك الحادثة، أصبح الخوف يلازمني في المواقف الاجتماعية، وعندما ذهبت لإنهاء أوراق الجامعة والتجنيد، شعرت بنفس التوتر والخوف، وكأنني سأفعل أمرًا غريبًا أمام الآخرين، مثل خلع ملابسي فجأة.
راجعت طبيبًا نفسيًا، وبدأت باستخدام "سيروكسات" (Seroxat) لمدة أسبوعين، كما داومت على الرقية الشرعية والأذكار، وشعرت ببعض التحسُّن، ولكن لا زال الخوف ينتابني عند الذهاب إلى المسجد، أو السير في الأماكن المرتفعة، كالكباري أو أسطح المنازل، حيث تراودني أفكار غير منطقية، كأنني قد أقفز أو أفعل شيئًا خارجًا عن إرادتي.
أيضًا أصبحت أقل تركيزًا، خصوصًا أثناء الصلاة، لدرجة أنني أضطر غالبًا إلى سجود السهو؛ لأني لا أتذكر عدد الركعات، كما بدأت أعاني من وسواس النظافة، وأغسل يدي كثيرًا بصورة مبالغ فيها.
أنا الآن أريد أن أبدأ حياتي، أن أعمل وأبني مستقبلي، لكن أشعر بأن هناك حاجزًا داخليًا، يمنعني من التقدّم ومن التفاعل الطبيعي مع الناس.
أرجو منكم المساعدة، فأنا أتوق لأن أكون إنسانًا ناجحًا متوازنًا.