الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع زوجي بالرجوع لبلدنا وترك بلاد الغربة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت وعمري سبعة عشر عامًا، والآن عمري 32 سنة، ولدي أربعة أطفال، وأعيش في غربة بعيدًا عن أهلي، كنت في بلدي، وبعد ذلك انتقلنا إلى بلد أوروبي بسبب أم زوجي، التي أجبرتنا على اللجوء هناك.

تعبت كثيرًا، ليس لدي أصدقاء ولا أقارب، وأعاني نفسيًا بشكل شديد، أسافر لرؤية أهلي كل سنة أو سنتين فقط، واضطررت لدخول المستشفى وحدي في بعض المرات، وزوجي مريض وأنا وحدي، وولدت أطفالي وحدي أيضًا.

في داخلي ألوم أم زوجي كثيرًا، لكن لا أظهر ذلك لأحد، كانت حياتنا في بلدنا أسهل وأفضل من حياتنا في هذا البلد، وهي من أجبرتنا على هذا الانتقال، وأخذت جوازات سفرنا وأخفتها عنا.

أنا في هذا البلد الأوروبي منذ عشر سنوات، وما زلت لا أستطيع التأقلم، وأشعر بخوف وقلق دائم، وأسئلتي هي:

1. هل يأجرني الله على غربتي؟
2. هل هناك أحاديث تساعدني على التخفيف عن نفسي؟
3. كيف أتخلص من نوبات الهلع والخوف؟ أحيانًا لا أستطيع النوم.
4. هل أم زوجي تأثم بسبب معاناتنا؟ أم لا؟
5. هل إصراري وضغطي على زوجي للبحث عن عمل في دولة عربية والانتقال معنا، خطأ ويترتب عليه إثْم؟

الحمد لله أنا راضية بما كتبه الله لي، لكني حزينة جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- وقد أحسنتِ بالعبارة التي ختمت بها الاستشارة من قولك: "أنا راضية بكل ما كتبه الله لي"، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أُعطوا شكروا، وإذا ابتُلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

نتمنى أن تنظري للحياة بأملٍ جديد، وبثقة في ربنا المجيد، والإنسان لا بد أن يتكيف مع كل الظروف، والحمد لله الذي أعانك على تجاوز هذه الصعاب، وإنجاب هؤلاء الأطفال، والمرور بالمواقف الصعبة، هذه نعم تحتاج إلى شكر، وأنت -ولله الحمد- الآن في عافية، والدليل هو قدرتك على كتابة هذه الاستشارة وهذا التواصل.

لا مانع من مطالبة الزوج بأن يبحث عن بلد عربي، فإن الأبناء في هذه السن أيضًا بحاجة إلى أن يكونوا في بلد عربي، حتى ينشؤوا على قيم الإسلام ومبادئ هذا الدين العظيم، الذي شرّفنا الله -تبارك وتعالى- به.

وإذا ذكّرك الشيطان بما مضى من آلام، فتذكّري عفو الله ومغفرته، وتذكّري ما جاءك من الخير، بل تذكّري الثواب والأجر الذي يكتبه الله -تبارك وتعالى- للصابرين، والإنسان إذا تذكّر لذة الثواب ينسى ما يجد من الآلام.

ما فعلته والدة الزوج بلا شك فيه إشكال، ونسأل الله أن يغفر لها ولنا جميعًا، ولكن ليس من المصلحة إظهار ذلك أمامه وجرح مشاعره، والعودة إلى الوراء، ونحن لا ندري ماذا كانت تقصد بإجباركم على السفر؟ هل كانت تريد خيرًا ولم تجدوه؟ وما هو الدافع لها لأجل ذلك؟ ولعلها كانت تريد الخير لك ولأبنائك، ولكن على كل حال، الإنسان لا يرجع للوراء، والبكاء على اللبن المسكوب لا يُعيده، ولكن ينظر إلى المستقبل، ولا يقول: لو كان كذا لكان كذا، ولكن يقول: قدر الله وما شاء فعل، لأن (لو) تفتح عمل الشيطان.

فاستقبلي حياتك الجديدة بأمل جديد، وثقة في ربنا المجيد، وحاولي أن تتكيفي مع كل الظروف، وأكثري من ذكر الله -تبارك وتعالى- وقراءة آيات الرقية الشرعية على نفسك، ولا مانع من الذهاب إلى راق شرعي، من أجل طرد الهلع والخوف ومثل هذه الوساوس، وإذا أزعجتك مثل هذه المآسي ومنعتك من النوم، فأكثري من ذكر الله تبارك وتعالى، واستمرّي بعد ذلك في مناقشة الزوج في التفكير بالانتقال إلى بلد عربي، أو لظروف عمل أحسن، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

لا إثم عليك، ولكن أرجو أن تتوقفي عن الشكوى المتكررة، وتوقفي عن لوم والدته على أشياء حصلت منذ سنوات، وإذا ذكّرك الشيطان بالماضي الأليم، فتعوذي بالله من شره، وأشغلي نفسك بالطاعة، واعلمي أن هدف الشيطان {ليحزن الذين آمنوا} ليدخل عليهم الأحزان والآلام، وعاملي عدونا بنقيض قصده.

نسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً